مختار محمود
لا أعلم إن كان الرئيس عبد الفتاح السيسي حريصًا على قراءة الصحف اليومية أم لا، ولا أعلم مَن هم كتابه المُفضلون، ولا أعلم إن كان من بينهم: الكاتب الكبير سمير رجب “82 سنة” أم لا، ولا أعلم إن كان الرئيس قد قرأ مقاله المثير للجدل “غدًا مساء جديد”، المنشور في الثالث من الشهر الجاري بجريدة وموقع “الجمهورية” أم لا، وهو المقال الذي طاف الفضاء الإلكتروني، ونال من السخرية والازدراء حظًا موفورًا، واعتبره المؤيدون والمعارضون وصمة عار في تاريخ الصحافة المصرية، واستعادة لوباء النفاق الخطير الذي نما وترعرع في عقود سابقة، وتطلع المصريون إلى اختفائه بلا عودة! كتب سمير رجب عن مواجهة الدولة المصرية لجائحة كورونا قائلاً: “وهكذا ما من سبيل أمام الفيروس سوي أن يحمل عصاه علي كتفه ويرحل .. فالرئيس السيسي يؤمن إيمانًا جازمًا بضرورة التآلف بين البشر وترسيخ قواعد التعاون بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.. فتلك السياسة لابد أن تصيب الفيروس بالفزع وتجبره علي الانسحاب إن آجلا أو عاجلا”!! فهل هذا كلام يليق؟! من المؤكد أن “كورونا” لن يفزع ولن تصيبه الحُمى ولن يحمل عصاه ويرحل، للأسباب التي ذكرها الكاتب في مقاله، لو كان الأمر كذلك ما توغل الفيروس في أقوي الدول وأكثرها عدة وعتادًا وسلاحًا، ولكن يقهره التخطيط العلمي الرشيد، والاستعانة بالكوادر العلمية النابهة، وبرفع وعي الشعب، وبالتشدد في تطبيق الإجراءات والتدابير الاحترازية، دون استثناءات، ودون حصرها في دور العبادة على ما سواها، ولا أعلم إن كان سمير رجب انتبه لإحجام المصريين عن التلقيح ضد الفيروس أم لا؟! في زمن المماليك..ضرب مصر زلزالٌ كبيرٌ فأنشد أحدهم منافقًا الحاكم: ما زُلزلتْ مصر من كيد أريد بها/ لكنها رقصت من عدلكم طربًا، ويبدو أن مصر كانت ولا تزال وسوف تبقى منكوبة بهذه الطائفة من الشعراء والكتاب والإعلاميين الذين يخلطون الأوراق، ويفسدون الواقع، ويبالغون في الكذب والتدليس؛ بحثًا عن مصالح شخصية بحتة، في الوقت الذي لا يشغلهم فيه الوطن من قريب أو من بعيد.
لا يختلف اثنان على أن الرئيس يبذل جهودًا خرافية من أجل الإصلاح والتنمية، من وجهة نظر أحادية، لا ينكرها سوى جاحد، وإن اختلف مع بعضها أو معظمها، ولا يزال أمامه الكثير والكثير؛ حتى يحقق هدفه المنشود، وما يصبو إليه من خير للبلاد، والرئيس قال غير مرة: إنه لا يضيق بالنقد الموضوعي والبنّاء، ولكن بقايا النظام القديم، ومن بينهم: سمير رجب، يناضلون من أجل إعادة المصريين إلى المربع “صفر”، والتأسيس لنسخة جديدة من “أرض النفاق”. ربما يحلم سمير رجب، وهو يسبح في عقده التاسع من عمره المديد، باستعادة جزء من مجده المفقود، فيتم الاستعانة بخدماته مثلاً في المجالس النيابية والحكومية أو أي منصب استشاري، ولم يصل إلى إدراكه بعد أن زمنه انتهى. حالة سمير رجب، ليست شخصية، فيتم التغافل عنها، ولكنها هي ذاتها حالة أجيال جديدة من الكتاب والإعلاميين الذين تخلوا عن رسالتهم طواعية، وحشدوا إمكانياتهم وما أوتوا من مواهب ومهارات؛ للكذب والتضليل والتطبيل الذي لا يبني وطنًا ولا يؤسس أمة، ولن تتقدم مصر إلى الأمام طالما تصدر الصفوف من يرى أن الأرض ترقص من عدل الحكام، وأن كورونا سوف يحمل عصاه ويرحل خوفًا وطمعًا!