نازك شوقى
دوام الحال من المحال ، لماذا وصل الحال بهذا الشيخ هذه الدرجة ، الشيخ والطبيب والعالم والوالي، فكلها ألقاب أطلقت على الأستاذ الدكتور علي سليم، ابن نجع عبد الكريم بمحافظة سوهاج ، فبعد أن تناولت المنابر الإعلامية صورًا للشيخ “علي ” وهو يحتضن الأرض من تحته، ويلتفح بالسماء غطاء له، ويرتدي ملابس قديمة، أثارعاطفة الجميع، وخاصة بعد معرفة أن صاحب تلك الصورة حامل لكتاب الله كاملا، إضافة لحفظه أكثر من ألفي حديث، فضلاً عن الكثير والكثير من أمهات الكتب، ناهيك عن تفوقه في الدراسة، الأمر الذي جعله يلتحق بكلية الطب جامعة الأزهر، وتفوق في دراسته واستطاع أن يحتل المرتبة الأولى في فترة الدراسة الجامعية.
يروى إبراهيم سليم 35 عامًا، وهو الشقيق الأصغر لـ”علي”،قصته قائلاً: منذ أن تم الحديث عن الشيخ “علي” أخي من خلال المنابر الإعلامية المختلفة، بهدف مساعدته ولم نلق أي رد من المسئولين حول ذلك الأمر، ولكن لم نجد أي استجابة لمساعدته، فمنذ حوالي ما يقارب شهرين من الأن اختفي الشيخ “علي ” عن الأنظار واختفي معه كل ما هو جميل في “النجع ” فكثير من سكان النجع كانوا “يتباركون به ” ويندرون له الندور، حتى علاجه الطبي كان يصفه لبعض المرضي نتيجة تعلمه ودراسته في كلية الطب الذي دامت لخمسة سنوات، ومع ظروف قهرية ونتيجة لحبه الشديد لكلية الطب ودراستها، لجأ الشيخ على العمل بجانب دراسته، ومع حبه في التفوق كثرة أحاديث الناس حول أين ذهب عقلة وكيفما ذهب.
ثم استكمل إبراهيم الحوار وهو مغشي عليه ، قائلا: “علمنا أن أخي “علي ” في حالة صحية يرثي بها، وطلبت من أبي الذي كان يعمل “فلاح” أن يبيع من الأرض التي نأكل منها ومصدر رزقنا الوحيد من أجل أن نعالجه .
ثم استكمل الحوار ” أ.ن” 42 عامًا، أحد الساكنين بجواره والمقربين للشيخ “علي” حيث قال، أنا أعرف الشيخ جيدا ولم أنسي أبدا الموقف الشهير الذي جمعني به فمنذ حوالي ثلاثة أعوام وكنت أشتكي حينها من ألم شديد في المعدة، قام بوصف لي علاج لذلك، فراودني شك في ذلك وفي نفس الوقت ، طالبت الذهاب إلى الطبيب من أجل معرفة ما الذي كتبه لي هذا، فسألني الطبيب، من الطبيب الذي كتب لك روشتة العلاج هذه،وبعد أن أذن لي الطبيب بأخذ العلاج، ذهب الألم فورا، فدفعني الفضول لمعرفة ما سبب ذهاب عقله، وتوصلت إلى أن أقرب المقولات حول ذلك هو أن الشيخ “علي ” كان شديد الانتباه، وأرجح أن أقرب المقولات حول الحالة الجنونية التي أصابته، وهو أن الشيخ “علي ” كان نابغ في العلم وكان كثير من الأساتذة في الجامعة يتوقعون له مستقبل باهر في الناحية التعليمية، وأنه سيكون له شأن كبير في مجال العلوم، وهو التعلق بحلم الوصول والصعود إلى المنصات العلمية وبلوغ أعلى المناصب، ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، وفي يوم من الأيام، رجع الشيخ” علي ” إلى حجرته التي كانت أعلى سطح العمارة، وكانت النتيجة على وشك الظهور وجاء إليه أحد أصدقائه ليخبره بأنه رسب في ثلاثة مواد وإخباره بذلك بهدف “المزح “معه، وتركه وذهب فرجع “علي “إلى حجرته، ودخل في دوامه عارمة من الصمت والحزن حتى اختفى عن الأنظار، وذهبنا إلى غرفته فوجدناه فاقدا للوعي ومستلقي على الأرض .
ثم أضاف عمر حسين وزميل للشيخ “علي ” قائلاً” أنا كانت تربطني علاقة قوية مع الشيخ علي، حيث كان من النابغين في كافة العلوم الدينية والعلمية، فالشيخ “علي” حالة فذة فريدة كانت تحتاج العناية والاهتمام بها ، وأغرب الأقوال حول ما أصابه، هو أنه كان شديد التعلق بالعلم، ومن كثرة حبه لذلك كان يتعمق في البحث والدراسات والفحوصات، ففي يوم من الأيام ظل في معمل التشريح لوقت متأخر من الليل، وبمفرده، وبعد مرور الوقت جاء العامل لكي يغلق المعمل فوجده في حالة جنونية وزعر شديد، وهنا تختلف الأقاويل حول ذلك الأمر” .