الأحد , ديسمبر 22 2024
ماريا ميشيل اخصائية نفسية

السلطة المطلقة… وتجربة سجن ستانفورد

تكبل المرء بأغلال و قيود,, أنها اقفال السيطرة و التسلط غير المحدود,, فيجد نفسه محاصر فلا يرى امامه سوى باب مسدود,, و الطريق الى النجاه مفقود,, مهما كافح او بذل المجهود,, و تتعدد مظاهر السلطة و يختلف المغزى المقصود,, و قد تكون داخل أطار الاسرة التى بداخلها مولود,, أو بين جدران المنشأت التعليمية حيث المستقبل الموعود,, و تقابله على أولى درجات سلم العمل و الصعود,, فما ان يبدأ الشخص حياته إلا و بجد انه محاط بقالب من الجمود,, و مساق بمحموعة من القواعد و البنود,, تدخل به الى عالم الاضطرابات النفسية بلا حدود,, حائلا بينه و بين هدفه المنشود,, فأصبح لا يرى الحياة إلا من خلال نافذة الاسى و الجحود,, و يسأل متعجبا من أين هذا التسلط موجود,, أهو سمة فى الطبيعة الانسانية؟ ام هو مع المرء مولود؟,, و هذا ما سنعرفه خلف اسوار سجن ستانفورد وعينة التجربة شهود,, ان ممارسة السلطة المطلقة تخنق النفس و لا أمل فى الصمود Stanford Prison Experiment تجربة سجن ستانفورد قام عالم النفس الامريكى «فيليب زيمباردو» تجربته الشهيرة «سجن ستانفورد » عام 1970 التى تهدف لمعرفة تأثير الأدوار والبيئة على الأشخاص، إذ خلق بيئة سجن في أحد أقسام جامعة ستانفورد، وأعلن عن فرصة للتطوع في التجربة، فتقدم 70 متطوعًا، واختير 24 منهم بعد المقابلات والاختبارات المعيارية للتأكد من سلامتهم النفسية وأهليتهم للتجربة و تم تقسيم الطلبة لمجموعتين….مجموعة لعبت دور المساجين و الاخرى السجانين وكان ذلك في سرداب جامعة ستانفورد الذي تم تقسيمه ليبدو كسجنٍبدأت التجربة بإعطاء الحراس اللباس الخاص بهم، والنظارات السوداء لمنع التواصل البصري مع السجناء ومن أجل تعزيز دور السلطة والقوة في الحرس، سلموهم العِصي الخاصة بهم أما السجناء فجردوهم من ملابسهم وهوياتهم، وأعطوهم أرقامًا عوضًا عن أسمائهم، وسلموهم لباس السجن بذلك يتعامل الحارس مع رقم، وليس مع شخص لديه كرامته وحقوقه الخاصة وكان الحراس يعملون في مناوبات خلال اليوم على مدى ثماني ساعات للفترة الواحدة فقد قام الرجل بإحكام الحبكة لدرجة أخذ الطلبة -المساجين- من بيوتهم على يد الطلاب الذين لعبوا دور السجانين كانت القاعدة الوحيدة في التجربة هي لا قواعد.. على السجانين ولهم أن يتخذوا كل التدابير اللازمة كما يحلو لهمالتجربة التي كان من المقرر أن تستمر لأسبوعين، اضطر الدكتور زيمباردو إلى إنهائها في اليوم السادس، بعد أن أصبح الوضع لا يُحتمَل، وصارت الإهانات والضغط النفسي على المساجين بسبب الحراس لا تطاق، بداية بالعقوبات الجسمانية، مرورًا بالإهانات والقرارات العشوائية، كإيقاظ السجناء من نومهم وطلب عمل تعداد أو تمارين، وصولًا إلى إجبار السجناء على تطبيق تصرفات مؤذية على بعضهم بعضًا وبعد إنهاء التجربة اضطر زيمباردو إلى متابعة المتطوعين للتأكد سلامتهم النفسية جراء ما واجهوا، وأثير حول التجربة نقاش أخلاقي كبير فى الاوساط العلمية وأُنتِج فيلم عنها عام 2015 باسم«The Stanford Prison Experiment» لاحظ زيمباردو تحول مرعب للطلاب الذين قاموا بدور السجانين الذين يشعرون بعدم مساءلة مهما فعلوا…. ففوجئ و هو يراقبهم عبر الشاشات، كيف أصبحوا يتعاملون عنف لدرجة تعذيب زملائهم، رغم أنهم عرفوا بتهذيبهم و هدوئهم و تفوقهم الذي جعلهم يلتحقون بهذه الجامعة العريقة..و من هذة التجربة تم استنتاج مبدأ أصبح موجوداً في كل مراجع علم النفس الاجتماعي الآن و هو )أن السلطة المطلقة تُخْـرِجُ أسوأ ما في النفس البشرية( و نجد انعكاس ذلك بوضوح فى كل ميادين الحياة سواء فى التربية ,الدراسة ,العمل, العلاقات الانسانية….الخ فسلطة مطلقة تولد امراض نفسية و اجتماعية بلا حدود

اخصائية نفسية ماريا ميشيلmareya2000@hotmail.com

شاهد أيضاً

المغرب

مهرجان الفوضى الخلاقة ؟

نجيب طـلال كــواليس الفـوضى : ما أشرنا إليه سلفا حول المهرجان الوطني للمسرح (؟)(1) اعتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.