مختار محمود
باستثناء مصطفى بكري، ولأنَّ الطيور على أشكالها تقع..فإنه لا أحد يتعاطف مع رئيس مجلس النواب السابق الدكتور علي عبد العال. آثر أستاذ القانون الدستوري أن يخرج من الباب الضيق جدًا، وليس الباب المفتوح، لذا سوف يطويه النسيان سريعًا، ولن تبقى سيرته طويلاً إلا من أجل إطلاق النكات والقفشات.. التي قد تصل إلى حد الشماتة! لم يكن عبد العال شيئًا مذكورًا عندما جيء به نائبًا، فرئيسًا لمجلس النواب.
لم يكن يمتلك أدنى مقومات المنصب الرفيع، فلا يجيد ارتجالاً أو تبيانًا، لم يكن مقنعًا بأي حال. كان المثقفون يشفقون عليه من عدم قدرته على إلقاء بيان واحد دون هنَّات وأخطاء وخطايا لغوية مؤسفة. وكان السياسيون يندهشون من وجوده على المنصة التي تعاقب عليها أساطير القانون في مصر.
لم يكن الرجل في شخصية الدكتور رفعت المحجوب، ولا حضور الدكتور أحمد فتحي سرور.
افتقد “عبد العال” إلى الكاريزما، وهذا ليس ذنبه؛ فالكاريزما مِنحة إلهية وعطية ربانية، لا تُباع بقوة النفوذ، ولا تُشترى بسلاح المال، ولا تُنتزع بسيف الحياء، ولا تكتسب بالاستظراف وادعاء خفة الظل.
كان الرجل –باختصار- وجهًا مرفوضًا، وضيفًا ثقيلاً جدًا. الشعب -الذي يجب أن يكون المجلس معبرًا عن مصالحه وحقوقه- سقط سهوًا أو عمدًا- من أجندة “عبد العال”.
لم يقف المذكور في صفه مرة واحدة، ولم ينحز له في قانون واحد.
أدرك المصريون للوهلة الأولى أن “عبد العال” لن يكون يومًا نائبًا له أو معبرًا عنه، وأنه مجرد جملة اعتراضية في سياق الحياة البرلمانية المصرية العريقة. استأسد “عبد العال” على المصريبن استئسادًا بغيضًا، لا سيما الفقراء والغلابة منهم، ولم يكن مشغولاً إلا بسيارته المصفحة ومزاياه المادية الخرافية والإصرارعلى زيادتها كل عام.
توهم “عبد العال” أنه سوف يبقى على هذه الحال طويلاً، ولم يكن يدرك أن دوام الحال من المُحال، ولم يكن يعلم أن المقدمات الخاطئة لا تقود إلا إلى مقدمات خاطئة. في لحظة خاطفة ومباغتة..انتهى زمن “عبد العال” نهاية يستحقها عن جدارة، وتم تصحيح خطأ ما كان يجب أن يقع من الأساس. يجلس “عبد العال” الآن فى بيته محبطًا مكتئبًا؛ بعدما جردوه من سيف المعز وذهبه. يعتزم الرحيل إلى الدولة الخليجية التي كان يعمل بها. لا أحد مهتم بغيابه ولا حضوره . بعض البشر غيابهم أفضل كثيرًا من حضورهم.
ربط نشطاء الفضاء الإلكتروني بين الجنازة المهيبة التي خرجت لوداع القيادى العمالي البدرى فرغلي مؤخرًا من ناحية، وبين حالة الغضب والاستهجان من علي عبد العال والفرحة لخلعه من رئاسة النواب والاستغناء عن خدماته غير الجليلة من ناحية ثانية، ووجهوا له رسالة قد تستعصي عليه مفادها: فارق كبير بين من ينحاز للشعب ويساند حقوقه، وبين من يدير له ظهره، ولا ينحاز إلا لنفسه وشخصه، ولكن هل يفهم عبد العال أو يستوعب؟ غالبًا لا. ينتمي “عبد العال” إلى سلسلة طويلة من السياسيين تضم كثيرين مثله على غرار: مصطفى بكري وبهاء الدين أبو شُقة، وآخرين لا تعلمونهم، الله يعلمهم، يترقب الشعب لحظة اختفائهم عن المشهد السياسي اختفاءً بلا عودة، فهل يأتي مثل هذا اليوم؟