نهى حمــزه
من منا مازال يكتب حتى يومنا رسائل ورقيه أو جوابات بالإسم المفضل ويلصق عليها طابع البريد ويضعها فى صندوق البريد مصحوبه بدعاء عند وضعها أو برسالة حب شفهيه أو تمتمات وهمسات .. كانت ملاذ للمحبين , والهاتف المحمول أصبح هو صندوق البريد إختفى سر هذا الملاذ مع ما فقدته من رونق وإحساس كان يفيض به القلم فوق الورق مملؤ بالشغف فيه رائحة من أرسله .
بعضنا كان يعطر رسالته بعطر ما فتصل الكلمات المفعمه بالحب على ورق معطر بعطر المرسل ,, هذا إفتقدته الرسائل الإلكترونيه . مجرد لمس الأنامل الرساله حين قراءتها تماثل إحتضان الأنامل للقلم حين كتابتها , هذه الرساله بين طرفين تحمل أسرار وحكايات ورائحة العطر ورائحة الورق .. وكل ذلك لا يفارق مركز الشعور .
عندما يمسك المحب بالقلم ويبدأ بكتابة الرساله يسترسل مع تدفق مشاعره لا توقفه رنة تليفون ولا إنتهاء شحن فهو يحتضن قلمه بين أنامله فى علاقة موده تسحب منه شحنة المشاعر لتضعها على الورق والقلم لا يتوقف إلا مع آخر رجفه من المشاعر, وقد تسقط دمعه فوق الورق وتترك أثراً بين الكلمات أو فوقها وتصل على نفس هيئتها .. رسائل تنطق بمكنون نفس كاتبها ومرسلها .
الرساله الورقيه ( الجواب ) بمثابة وطن لغرباء الأحلام والمشاعر , تسافر رسائلهم وقلوبهم تنخلع معها فى رحلتها حتى تصل محطة الوصول .. محطاتها إنتظار وغربه ولقاء , وتحسب أيم وصولها وأيام عودتها بإجابات ما حملت من أسئله وتٌعدٌ الأيام عدا حتى يأتى الرد , كان شغف لا يضاهيه شغف لما لها من سحر خاص .
وتظل الرسائل الورقيه شاهده على عشق أو حزن أو وصال والتاريخ يحفظ لنا رسائل جبران ومى زياده وما عبرت عنه من شوق وحنين .. وعالميا حفظ لنا التاريخ رسائل رينيه ديكارت واليزابيث …. بين الأستاذ وتلميذته وإلى جانب ما نقلته لنا من جماليات الرومانسيه إل أن الناحيه الأدبيه والعلميه والفلسفيه محفوظه أيضا .
الرسائل الورقيه فى كل حالاتها كانت تأتى باللهفه وترحل محمله بالشوق فتطبع عليها قبله وقد تحتضنها وتشم رائحتها , كل هذا أكلت عليه وشربت الرسائل الإلكترونيه ذات الزجاج البارد الذى لا يتشرب الدمعه داخل نسيجه ولا تُطبع عليه قبله ولا يقبل العطر فى رسائله .
وأصبحت الرومانسيه فى غربه من الشعور وتبدلت بالمادى المحسوس وآه من ذاك البلور المتبلد .