كتب: مدحت عويضة
أن تولد شخص سليم بدون إعاقة هي نعمة كبيرة من الله فهناك أشخاص يولدون بإعاقة لا ذنب لهم فيها
تظل الأسرة والشخص يعانون طوال حياتهم من هذه الإعاقة ، لكن المشكلة التي لدي الطفل لا تقلل من حب الأسرة بل على العكس تزيد من محبتهم وحنانهم له، هناك أسر قامت بعزل اجتماعي لنفسها بسبب هذا الطفل فقلوبهم لا تطاوعهم علي تركه وحيدا أو إحضار جليس أطفال له ،فة الوقت نفسه عيون المجتمع لا ترحمهم إذا قاموا بإصطحابة
في القري المصرية كان ذو الإحتياجات الخاصة مصدر للسخرية من أطفال وكبار القرية، وفي كثير من الأحيان مصدر عار للأسرة
البعض تخطي هذه القيود المجتمعية في الشرق وأصبح هذا الطفل مصدر خير وبركة للأسرة وهو تطور مجتمعي كنت أعتقد أنه يحتاج لعقود في مجتمعنا الشرقي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة.
ولكن ظهرت في مصر مؤخرا ظاهرة ” أمح الدولي”. هذه الظاهرة استطاعت اختصار تلك العقود وستنجح في تغيير نظرة المجتمع لذوي الإحتياجات الخاصة في سنوات قليلة قادمة.
أمح الدولي” من ذوي الإحتياجات الخاصة المعروفه ب “متلازمة داون” ولد وسيعيش بها حياته
فى بدأية الأمر كانت حياته صعبة جدا كمعظم ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، ولكن شاء القدر أن يلتقي بصلاح أمين لاعب كرة القدم المصري والهداف الذي حرمته الإصابة من تمثيل منتخب مصر سنة 2010 فتم ضم محمد ناجي جدو الذي تألق وحصل علي هداف البطولة وأصبح من أعظم لاعبى كرة القدم في مصر وربما لولا إصابة صلاح أمين لظل “جدو” في الاتحاد ولعب وأعتزل بدون أن يشعر به أحد لكنه القدر.
دخل أمح الدولي المجتمع الرياضي وأحبه أحمد الشيخ لاعب الأهلي السابق ونادي بيراميدز الحالي ،ثم محمود عبد المنعم كهربا وقت أن كان لاعبا في الزمالك بالرغم من أن “أمح” أهلاوي جدا، ثم أصبح كل لاعبي الأهلي يتفاءلون به ويعتبرونه وش السعد عليهم.
فهو الذي بشر “كهربا” بقدومه للأهلي من قبل أن يكون هناك مجرد تفكير من جانب اللاعب أو إدارة الأهلي في ضم “كهربا”. وسرعان ما أصبح “أمح” واحد من أقرب الناس لكل لاعبي الأهلي بشكل خاص ولاعبي كرة القدم بشكل عام.
تطورت الأمور وأصبح “أمح” نجم إعلامي فالبرغم من صعوبة النطق عنده إلا أنه أصبح ضيفا في العديد من البرامج الرياضية، فهو يقدم نفسه علي أنه وكيل اللاعبين ويبدي رأيه في أمور كرة القدم ، في عيد ميلاده الذي اقامه له كهربا حضر العديد من نجوم كرة القدم ليحتفلوا بعيد ميلاد “أمح” ، وفي زمن كورونا حرص رجال أعمال وفنانين ولاعبين ومدربين علي تسجيل تهنئة خاصة ليقولوا له كل سنة وأنت طيب وعيد ميلاد سعيد.
الأجمل والأهم من كل ذلك أن خروج “أمح الدولي” من عزلة المنزل وتفاعله مع المجتمع ونجوم المجتمع أدي لتطوير مهاراته وأصبح قادر علي “التمثيل” وشارك في مسرحيات مع نجوم مسرح مصر علي المسرح.
كما قام بتمثيل أفلام قصيرة وأدي دوره كما يجب ، هذه القدرات والمهارات ما كان لها أن تظهر لو ظل المسكين في عزلة في منزله أو مصدر سخرية من أطفال وكبار الحي الذي يعيش فيه.
أتذكر في سنة 1994 وكنت وقتها قد حصلت علي الشهادة الجامعية الأولي لي في الخدمة الإجتماعية قد جعيت في كنيسة العذراء بسموحة لخدمة جميلة كانت في ذلك الوقت هي الأولي في مصر وكانت “مدارس أحد لذوي الإحتياجات الخاصة، كنت أستمتع بهذه الخدمة وكنا نحضر لهم أغاني الأطفال بجانب بعض الترانيم ، وكنا نغني ونصفق ونرقص معهم وكانت الخدمة الأولي وربما الوحيدة التى يسمح لها بذلك في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
تطور الأمر الآن وأصبح لذوي الإحتياجات الخاصة خدمة ليس في الكنيسة فقط بل في العديد من المؤسسات المجتمعية وهو أمر جميل كما بدأت الدولة بالإهتمام بهم واستبدلت كلمة ” معاقين” لتصبح ذوي الإحتياجات الخاصة. اهتمام لاعبي كرة القدم “بأمح” الدولي شئ جميل وأقدم شكري وتقديري لكل واحد منهم علي ما يقوم به.
ولكن الأهم هو استجابة المجتمع لهذه الظاهرة وإقبالهم عليها وتشجيعهم “لأمح” فعندما ذهب لزيارة نادي الزمالك تجمع الجميع حوله لالتقاط الصور عومل معاملة نجوم المجتمع، وفي كل مرة يظهر فيها يلقي ترحاب وحب كبير من الجميع ويعامل مثل المشاهير، أصبح له فيديوهات علي اليوتيوب يتخطي البعض منها حاجز المليون وتحقق جميعا نسب مشاهدات عالية، بعض نجوم الغناء الصاعدون يظهرون في فيديوهات معه يساعدهم في تقديم أنفسهم للملايين من أحباب “أمح”. كل هذا بفضل لاعبي كرة القدم الذين فتحوا الطريق له ليعيش حياته بشكل أدمي وإنساني.
أمح الدولي أجمل وأحلي ظاهرة شهدتها بلادنا في العقود الأخيرة وأتمني أن تتغير نظرة المجتمع الشرقي والمصري لذوي الإحتياجات الخاصة ويعامل جميعهم معاملة تليق بإنسانيتهم كما تفعل الدول الغربية، فهؤلاء الذين تنمو أجسادهم وتبقي قلوبهم طاهرة نقية جميلة كقلوب الأطفال هم ملائكة يعيشون معنا علي الأرض.