الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
ماجدة سيدهم

الأبدية كما أحبها أن تكون

بقلم / ماجدة سيدهم

وأثناء الحديث سألني : .تفتكري فيه حياة بعد الموت .؟!

أكيد :

وإيه اللي خلاكي متأكدة كدا ..!

:لأن مستحيل أقبل إني آجي الدنيا وأمشي بالشكل الساذج دا ..وانتهت القصة على كدا … أفرق إيه أنا عن الحيوان أو الذباب أو الصرصار .. !

ويبقى على إيه كل التعب والطموح علشان نعيش بطريقة أفضل ..ماهي كلها موتة وكله فناء .. قمة العبث .. وهنا ربنا يبقى ظالم بامتياز وفي قمة الأنانية وبلا عقل ..لما يكون فيه التفاوت الرهيب دا بين البشر وناس تاخد كل حاجة وناس تانية تتولد بعجز أو مشوهة أو تعيش معدومة وتموت من القهر … دا إيه ..؟

كدا عبث فعلا ..

: طيب لو طلع فعلا مافيش حياة بعد الموت ؟

: يسقط الله فورا ..وتسقط المسيحية فورا ..والمسيح يبقى أكذوبة ..وقصة الصلب والقيامة مجرد خرافة متداولة .. يعني لا تجسد ولا صلب ولا قيامة.. وتبقى لزمتها اإيه القيامة طالما مافيش رجاء ولا حياة تانية ممتدة ….؟ وقتها أكيد تفكيري هايتغير فورا وأكيد هاقرر أعيش لنفسي بس وبأي تمن ..

: طيب تفتكري شكل الحياة التانية دي ممكن يكون إزاي ..!,

: مش عارفة بالظبط ..لكن أكيد حاجة مختلفة جدا ومبهرة . حتى بولس الرسول نفسه ماقدر يوصف سحرها لكن عموما بتصور أن المكان شكله بلوري وخرافي.. وأننا هانكون في حالة شغف كدا. ونشاط مستمر في حضرة النور المبهر ..

وأظن أننا مش ها نقدر نستوعب كل حاجة كدا فجأة .. زي مثلا معنى الجلال والقداسة ولا هانقدر ندرك قوة الحب وإيه هو العرش السماوي وشكل الله ايه ولا هانقدر نعرف تفسير النبوءات كل دا مرة واحدة كدا .. علشان كدا باعتقد إننا في الأبدية هانضل في حالة بحث واكتشاف دائم للأروع والأعمق والأعجب ..حتى ما نحس بالملل ..وربما كمان ها نعرف عن الله أسرار كتير جدا ماكناش نقدر نعرفها على الأرض لأن وقتها هاتكون أكبر من استيعابنا

والأهم أن الله هايجاوب لنا على كل الأسئلة والشكايات اللي كنا بنوجها له وإحنا على الارض..

: تفتكري ..!

: دا لازم .. انا عن نفسي عاوزة اعرف وأفهم ليه سمح بحاجات قاسية كتير حصلت لنا وسببت لنا خسارة وحزن كبير .. وإلا على أي أساس طلب نتحاجج معاه إلا إذا كان عنده الإجابة اللي مقرر أنه يخبرنا بيها حتى نثق ونرتاح . وغالبا وقتها هانفهم و هانقوله له ” فعلا يارب كان معاك حق”.. .. بس الحقيقة محتارة هو ممكن يكون فيه مبرر للظلم ..!

ضاحكا :بتتكلمي وكأنك في الملكوت ..

ضحكت : تتصور دايما شايفة نفسي في الحياة التانية وأنا لسه على الأرض علشان كدا سقط الموت من حساباتي تماما ..

: حتى الأبدية عبث .. مش شايفة أنها حياة مملة وبلا نفع . .؟!

: علشان كدا اخترت أعيش الحياة التانية دي بشغف الاكتشاف والمعرفة ودا كافي جدا لحذف الملل ..الشغف اللي يخليك كل ماتشبع روحك تحس أنك عاوز تعرف وتدرك الأكتر والأكتر .. ممكن نسميها حالة نشاط روحي مضيئة .. زي مثلا شغف االاستمرار في ابداعات الموسيقيين العظام والشعراء والمفكرين العظام والمخترعين اللي خلوا الحياة على الأرض أسهل وأجمل حتى اللاهوتيين والصوفيبن ..مش عارفة دا هايكون إزاي بس أكيد فيه ابداعات أسطورية هاتفضل مستمرة هاتخلي للأبدية طعم وهدف ..

تعرف حضرتك الأروع كمان لما نتلاقي مع كل اللي بنحبهم وافتقدناهم جدا ..

:عاوزة تقوليلي أنك هاتشوفي أبوكي مثلا .. ودا مش حقيقي لأننا هانكون من كائنات نور منفردين مش عائلات ..

: أهو دا قمة الظلم والجبروت من تاني.. لما تتقتل فينا المشاعر واللهفة ..دي كدا تبقى أبدية تعيسة و وتصيبنا بالجنون وأكيد هنموت من البرد ..

ماقدرش استوعب ما أشوف أبويا اللي قلبي مشتاق له من سنين ..ولا مثلا مانعرفش بعض ..إزاي ..؟ وإزاي ماعرفش ولادي ولا هم يعرفوني ولا أضمهم وأحضن أحفادي وكل أحبابي اللي اتوجعت قلوبنا بسبب فراقنا عن بعض ..

طيب يبقى ليه كنا بنحب ونضحي.. وليه مطلوب مننا دلوقت نحب بعض ونسامح ونتلاقى ونكمل ونفضل نضحي لما في الحياة التانية كلنا أغراب وعزل وفرادي .. بس المهم نسبح ..إزاي..!

:للأسف مافيش حقيقة مؤكدة..

:أ نا عن نفسي مصدقة جدا أني هاتلاقى كمان بكل اللي حبيتهم حتى لو ماشوفهمش ابدا . وماتخيلش مثلا أني ما اشوف بوشكين ونتعانق سوا بلهفة لمجرد أني حبيت قصايدة اللي من مئات السنين

ولا اتصور تجاهل موزارت ليا وهو على يقين أني كنت مغرمة بقصة حياته وبموسيقاته ..ولا أغنيات إدير مثلا وازاي مايقدر حزني لفقده وهوسي بجيتاره الامازيغي وهو بيقولي “أخيرا اتلاقينا” …وإزاي ما يفرح مورتون الطبيب مكتشف البنج وأنا بقوله شكرا أنك رفعت عننا آلام مهولة .. وغيرهم كتير .

: تفتكري تصورك صح ..!

: قمة الذكاء الإلهي أن الأرواح اللي كانت بتحب بعض على الارض مهما كانت المسافة بينهم أنهم يعرفوا بعض بسرعة في الأبدية .. تخيل حضرتك كدا شكل اللقاءات الدافية دي هاتكون أد إيه فوق الوصف ..حالة عبقرية .. أكيد دا شعور يسعد الله جدا ويحس فعلا أنه نجح وانتصرت المحبة بالتمام

: تفتكري ..؟!

: أيوه ..صعب أقبل بغير كدا …حتى لو ثبت العكس …لو الحياة التانية من غير مشاعر محبة ولقا وشغف وبحث فدا هو الموت الحقيقي ودا الجحيم بعينه والتلج بعينه .. .

خلص الحوار ..رغم أنه لسه مفتوح ..

( منقول بالحرف عبر الهاتف ..)

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الرديكالية القبطية وفن صناعة البدع والازمات

مايكل عزيز ” التركيز على ترسيخ مفهوم ديني جديد ، وإعادة ترديده بشكل دائم على …

تعليق واحد

  1. ماجدة..انتى فظيعة🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.