الجمعة , نوفمبر 8 2024
مجدى مكين

على هامش الحكم في قضية مجدي مكين

بقلم منير بشاي

بعد أربع سنوات من مقتله أخيرا أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها في القضية. كان تاجر السمك القبطي مجدي مكين قد تم قتله داخل قسم الأميرية نتيجة تعذيبه اثناء التحقيقات على يد ضابط وأمناء شرطة بالقسم.

وصدر الحكم بالحبس ٣ سنوات علي النقيب كريم مجدي معاون مباحث قسم الأميرية وتسعة أمناء شرطة وبراءة أحد أمناء الشرطة.وقد هلل البعض للحكم واعتبروه انتصار للعدالة.

ولكن بعد تحديد ابعاد الجريمة ومعرفة مرتكبوها فان الأمر يفرض علينا عدة تساؤلات:هل هذا الحكم هو أفضل ما يمكن ان تحققه العدالة في أي مكان في العالم ولأي انسان؟ هل هذا الحكم هو أفضل ما يمكن أن تحققه العدالة المصرية لأي مواطن؟ آم آن هذا الحكم هو أفضل ما يمكن ان تحققه العدالة المصرية للمواطن القبطي؟في النهاية هل نحن مقتنعون وراضون بأن مجدي مكين قد حصل على حقه الكامل في العدالة وهو الذي كان في حماية رجال الأمن وداخل مكان الأمن وبدلا من ان يوفروا له الأمن والأمان كانوا هم قاتليه بأبشع ما يكون القتل وهو التعذيب البطئ الى ان لفظ انفاسه الأخيرة؟

وهل نحن راضون بان العقوبة المناسبة لهذه الجريمة البشعة هي السجن 3 سنوات التي يمكن ان تختزل الى بضعة شهور نتيجة حسن السير والسلوك؟ فور صدور الحكم تبادل طاقم الدفاع كلمات الشكر والثناء الواحد للآخر على ما تم إنجازه.

ولكن مع تقديري الكامل لمجهوداتهم هل حققت تلك المجهودات العدالة المرجوة ام انها حققت أفضل ما يمكنهم الوصول إليه؟

هذا ليس إدانة لهؤلاء الرجال الكرام او انتقاصا لما قاموا به ولكنه ابرازا للمأساة التي يعانيها القبطي مع معايير العدالة في بلده.على هامش الأحداث ما قيل عن النقيب كريم مجدي أنه بكي وانتحب لدي سماعه الحكم.

وهو الذي نسب اليه المشاركة في التعذيب الذي أدى لموت مجدي مكين وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

تري هل كان يظن ان ٣ سنوات سجن كثيرة على تعذيب وقتل قبطي؟ ما أرخص دم القبطي في بلده. كنت أتمنى لو ان هذه الدموع كانت نتيجة الإحساس بالندم على ما فعل.وقيل إن الحكم كان مخفضا نتيجة تنازل اسرة مجدي مكين عن حقوقهم في دمه.

هل فكّر أحد في أسباب هذا؟ ام انهم يعرفون ويضحكون على أنفسهم وعلينا؟ هل كان هذا التنازل نتيجة اقتناع شخصي بعيد عن أي ضغوط؟ ام انه كانت هناك ضغوط مباشرة او غير مباشرة؟ أم كانت هناك تهديدات صريحة او مقنعة؟ وأين دور الدولة التي تصون حق الضحية حتي لو فرّط فيها اقرباؤه؟هل كان دم مجدي مكين ملك لإنسان يتصرف فيه كيفما شاء ام هو ملك للخالق اوكله للدولة ليصبح حقا من حقوق الدولة فمن يتعدى على انسان مهما كان يتعدى على الدولة ذاتها؟

هل قامت الدولة بتوفير الأمن والأمان للمواطن وهو يسعى نحو العدالة لنفسه أو غيره أم انها تستغل ضعف المواطن لتقنعه ان الأفضل له ان يتنازل عن حقوقه فيمن مات ولن يعود في مقابل تأمين حاضره ومستقبله والحفاظ على من تبقى له على قيد الحياة؟

أعلم ان كثيرا من قضايا الحياة تخضع للنسبية. وعلى ذلك هناك من يفرح بالفتات من العدالة على أساس انه أفضل نسبيا من اللاعدالة، وأن القدر الذي نتمتع به اليوم أفضل مما كنا نحصل عليه بالأمس.

ولكن العدالة الحقيقية لا يجب ان تكون نسبية فأي انتقاص منها يدمغها بالظلم فتنتفي عنها اهم مكوناتها وهو العدل.يتم تصوير العدالة بسيدة معصوبة العينين تمسك بميزان العدل وتحكم بناء على الأدلة والحقائق الثابتة دون نظر للوجوه.

فإن كانت هناك مستويات من العدالة واحدة للمسلم وأخري للقبطي فكيف نسمي هذا عدالة؟أمر شنيع ان نقبل للقبطي ما لا نقبله للمسلم. فلو تصورنا أن الأمور في القضية التي نناقشها قد تمت بطريقة عكسية. لو كان السجين الذي تم تعذيبه وقتله مسلما، وكان من قام بالجريمة ضابط قبطي، هل كان هناك من يتنازل عن حق الضحية؟ وإذا حدث هذا هل كانت المحكمة ستقبل به؟ وهل كنا سنرى مثل هذا الحكم الهزيل ونعتبره انتصار للعدالةقد يقول قائل إنني أحلم فالقبطي لن يتساوى بالمسلم في مصر. ربما، ولكن على الأقل دعوني أحلم فالأحلام لا تكلف شيئا.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

صناعة الانحدار !!!

كمال زاخر الخميس ٧ نوفمبر ٢٠٢٤ من يحاربون البابا الحالى هم تلاميذ من حاربوا البابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.