متابعة ـ أمل فرج
متحجرة المشاعرة، فاقدة للأمومة، وأب غليظ القلب، يحمل بين ضلعيه حجر صوان، لبسا كليهما عباءة إبليس، وقتلا نفسا بريئة مطمئنة لم تلحق أن ترتوي من الحياة، وارتكبا جريمة تقشعر لها الأبدان، وتمزق الأكباد، والضحية ابنه الطفل الصغير الذي لم يكمل عامه الثالث، والذي قام بدفنه دون تصريح خوفا على زوجته، ورغبة في الانسياق وراء نزواته.
وقفت الزوجة المتحجرة القلب، داخل قفص الاتهام، منكسة الرأس، كلامها لا يبارح فكرها، تقرع سن الندم، تتبادل النظرات الملتهبة، لزوجها المجاور لها في قفص الاتهام، والذي تعلو وجهه علامات الاضطراب، والخوف، انتظارا لقرار هيئة محكمة جنايات شمال القاهرة التي يترأسها المستشار محمد مسعد التليت، وعضوية المستشارين، محمد فهمي، ومحمد خيري، وأسامة صالح.
أفاق الزوجان على صوت الحاجب، يعلن دخول هيئة المحكمة، وبصوت وكلمات يشوبها ألم وغصة، وأسف، بدأ وكيل النيابة بمرافعته، يصفهما بالجحود، لقيام الزوجة بخنق الطفل الصغير، ابن زوجها الذي أنجبه من زوجته الأولى، والتي كشفت جريمتهما، بعدما تسلل بداخلها الشك والقلق، لتهربهما، وحرمانها من عدم رؤيته، وتقدمت ببلاغ تتهمها فيه بإخفاء الطفل عنها، حتى وقعت المفاجأة كالصاعقة على رأس الجميع، وجاءت تحريات المباحث تفيد بقيام زوجة الأب بخنقه، بسبب كثرة بكاءه، وتبوله الكثير، ولأنها عاقر أيضا، سيطرت عليها حالة من الحقد، وعدم الرضا بما قسمه الله لها، فبدلا من أن تحتوي الصغير، بحنانها الذي تفقده، بل لبست عباءة إبليس وانقضت عليه وهو نائم ببراءة الأطفال، وأحكمت قبضتا يديها حول رقبته الضعيفة، ولم تتركه إلا وهو جثة هامدة.
وكانت الطامة الكبرى من تصرف الأب عندما أخبرته بجريمتها، فما كان منه إلا أن نسي الله فأنساه نفسه، ولم تنذرف من عينيه دمعة واحدة على فلذة كبده، وبكل جبروت، قام بدفنه دون تصريح، خشية أن يفتضح أمرها، وطمعا في نزواته، أشرأبت رقاب الحضور بالجلسة، واغرورقت عين النساء بالدموع، يصاحبها دهشة، وعلا الأنين، والغيظ من الزوجة، والأب اللذان تجردا من كل مشاعر الإنسانية، والرحمة، وما إن أنهى وكيل النائب العام مرافعته، أصدرت المحكمة حكمها، بإعدام الزوجة، وإحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي، والسجن المشدد للأب ١٥ عاما، لمحاولته إخفاء الجريمة، ودفن الصغير دون تصريح.