مختار محمود
رأيتُ فيما يرى النائم أن اجتماعًا عاجلاً قد انعقد، بحضور أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك وحكام رؤساء الدول العربية، لمناقشة المسألة الأمريكية، وتداعيات الأزمة الترامبية، وإصرار الرئيس المنتهية ولايته على عدم الاعتراف بالخسارة، وافتقاده إلى الروح الرياضية. أحد الحضور بادر بالكلام معربًا عن استيائه البالغ من تشبث “ترامب” بالسلطة بشكل مريب، وعدم تمتعه بالزهد مثل الحكام العرب متاع الدنيا الزائل، متسائلاً: لماذا لم يتعلم منا “ترامب” خلال ولايته المديدة التى استغرقت أربع سنوات بالتمام والكمال، وهى فترة لا شك طويلة، أن الحاكم لشعبه خادم، فإذا طلب منه الرحيل رحل فى هدوء، تاركًا مقاليد الأمور للحاكم المنتخب؛ ليحكم بما أراه الله. وتابع الحاكم الرشيد: أتمنى من الصديق “ترامب” أن يمنح الرئيس الجديد “بايدن” مفاتيح البيت الأبيض، وأن يتم انتقال سلس للسلطة مثلما هو الحال فى دول العالم الثالث؛ حتى لا يواجه مصيرًا غامضًا لا يتحمل عواقبه!
وتلقف الكلمة آخر، ذو دم خفيف على الآخر، ساخرًا من “ترامب”، وهازئًا من حماقته، وإظهار الولايات المتحدة فى صورة الدولة التى لا تعترف بديمقراطية ولا حريات. متابعًا: يبدو أن “ترامب” نسى أنه بلغ من العمر أرذله، وليس عليه إلا أن ينقطع للعبادة والتبتل؛ حتى يحسن الله خاتمته. ولم ينس أن يضرب المثل بالحكام العرب الذين يتركون الحكم طواعية، وفى سن مبكرة قد لا تتجاوز التسعين على أقصى تقدير.
وذهبت الكلمة إلى ثالث يتمتع بدبلوماسية الحديث وعقلانية الكلام، حيث اقترح بدوره تشكيل وفد مصغر يضم ملكًا ورئيسًا وأميرًا للسفر إلى الولايات المتحدة على وجه السرعة؛ لإقناع “ترامب” بأن الدنيا فانية، ومتاعها مهما عظم قليل، وعليه أن يقدم التهنئة لـ”بايدن”، ويُحسن استقباله فى البيت الأبيض، ويسلمه حكم البلاد والعباد، كما فعل “باراك أوباما” معه شخصيًا قبل 4 سنوات، غير أن رابعًا انتفض من كرسيه الملتصق به من ثلاثة عقود فقط، رافضًا الاقتراح ومحذرًا من تنفيذه؛ خشية أن يحتجز “ترامب” أعضاء الوفد، وينزل بهم وبأرصدتهم وممتلكاتهم وذويهم بالخارج أشد العقاب، واقترح بأن يتحدثوا معه عبر حجاب، أو من خلال تقنية “فيديو كونفرانس”، أو يراسلوه عبر تطبيق “الواتس”.
وقال خامس معروف عنه الشدة والقسوة والغلظة وعدم الرحمة: “ترامب” صديقى الأنتيم، وأعلم أنه ذو عقل لئيم، مثل العبد لله، ولكنى أستطيع أن أقنعه بما تريدون، دون سفر إليه ولا يحزنون، ولكن بمجرد مكالمة تليفون، فطأطأ الحضور رؤوسهم على مضض موافقين، وما إن اتصل الحاكم العربى بصديقه “ترامب”، حتى أفزعه الأخير فزعة تشبه رؤية ملك الموت أو ضمة القبر، وذهب فى غيبوبة، نقل على إثرها إلى مستشفى غربى متخصص فى ترميم عظام وقلوب وأمخاخ كبار الساسة العرب الذين يحكمون بلادهم من خلال التوسع فى إنشاء السجون والمعتقلات، باعتبارها أهم وأولى من الجامعات والمستشفيات.
أما المتحدث السادس فاقترح الوقوف دقيقة حدادًا على زمن الرؤساء الجميل الذى ولى وأدبر، واقترح إصدار بيان مجهول الهوية، يدين فيه الفوضى التى تسود الولايات المتحدة الأمريكية، مهددين بتدخل عربى غير محمود العواقب، لإعادة الهدوء إلى بلاد العم سام، وتسليم السلطة للرئيس المنتخب “جو بايدن”، وهو الاقتراح الذى لقى ترحابًا من الجميع، لا سيما أن البيان بدون توقيع.