الأحد , ديسمبر 22 2024
مختار محمود

إحنا آسفين يا “زند”!

مختار محمود

الآن.. صار الاعتذار واجبًا بل فرض عين لوزير العدل المعزول “أحمد الزند”؛ لأننا غضبنا منه عندما وصف نفسه وزملاءه بأنهم “الأسياد”، ومَن سواهم ودونهم هم العبيد وأراذل القوم. “الزند” كان أكثر استيعابًا لمقتضيات الحال وفهمًا للمجتمع الذى نعيش فيه. عندما قالها “الزند” قبل عامين أو ثلاثة، لم نكن قد أفقنا بعد من رومانسية الثورات ومفرداتها الخادعة اللامعة البراقة: “عيش/ حرية/ عدالة اجتماعية”. كنا واهمين ومتوهمين بأننا مقبلون على مرحلة جديدة لا تعرف تمييزًا ولا عنصرية، لا فضل فيها لمواطن عما سواه إلا بالعمل والانضباط والالتزام واحترام القانون.

“القانون ده اتعمل عشان خاطر الضعفاء” من فيلم “عصر القوة”، ويبدو أن تلك العبارة الغاشمة لا تزال عنوانًا فجًا لهذا العصر وكل عصر. البقاء للأقوى، والمجد للأقوى، والحياة للأقوى. أما الضعفاء والمغلوبون على أمرهم فهم وقود كل مرحلة، وحطب كل زمان. تُصاغ القوانين لإذلال الصغار وتشريدهم وإنهاء حياتهم و”مرمطتهم” فى المحاكم وأقسام الشرطة.

الكبار فوق القانون دائمًا وأبدًا، ولا تُشهر أسلحة القانون الغادرة فى وجوهم إلا إذا دخلوا مرحلة الأفول، أو أراد من هم أكبر منهم القضاء عليهم وإخراجهم من المشهد. “طفل المعادى” ابن “سعادة المستشار” مجرد مشهد عابر ضمن مسلسل مفتوح الحلقات، ولا يشكل أكثر من صدمة عابرة على وجه مجتمع يتنازل عن أحلامه وطموحاته فى سوق النخاسة. أيقظتنا فيديوهات الشبل الواعد من غفوتنا، وأبلغتنا بأن شيئًا لم ولن يتغير، وأن تلك العدالة بمعناها الواسع أو الضيق، التى كنا نحلم بها ليست أكثر من أضغات أحلام، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين، وعلى المتضررين ضرب أدمغتهم فى جدران كبارى كامل الوزير.

خلال سويعات قليلة.. انتهت القضية، ولم يوجه أحد اللوم للطفل المذنب، إنه ابن المستشار، إنه فوق القانون، ابن الأكرمين، ليت عمرو بن العاص لا يزال حيًا يُرزق! لم يستشعر الصغير الخطأ، بل خرج مجددًا ليسُّبَّ ويشتم ويُخرج لسانه للمجتمع الحالم الرومانسى المتردى فى تخليلاته: “نحن الأسياد وأنتم العبيد.. ما لكم كيف تحكمون وتحلمون وتتوهمون”. انتهت القضية فى ساعته وتاريخه وجفت الأقلام وطويت الصحف.

أما لو كان الصغير ابن أحد الضعفاء والصغار، فإن القضية كانت سوف تتخذ مسارًا آخر، والصغير سوف يتم الزج به وسط المتهمين والمجرمين ليكون لمن خلفه آية وعبرة، ولن يجد من يحنُّ عليه ويرفق به، ويستخدم الآلاعيب لإنهاء القضية بما لا يخالف القانون، ولتمسَّك الشرطى المُعتدَى عليه بحقه ولتلقى تعليمات وأوامر عليا من رؤسائه بعدم التنازل. أما أبناء الكبار فمرفوع عنهم وعن أبائهم وذويهم الأقلام، وهم فوق الحساب وفوق الأعناق. قضية تنتهى فى ساعات، وقضايا تعيش سنوات وسنوات دون حسم؛ لمجرد أن أصحابها من الصغار.

أكرر أسفى واعتذارى لكبيرهم المعزول “الزند“، فقد أصابَ وأخطأنا، فهم بالفعل الأسياد، ونحن بالفعل العبيد. إن إعادة القبض على طفل المرسيدس ورفاقه مجددًا بعد إطلاق سراحه، بعد السخائم والسخائف التى تقيأها فى وجوهنا، تحت ضغط الرأى العام الغاضب والمستفز لن تغير كثيرًا من الواقع الأليم، ولكنها محاولة لامتصاص هذه الغضب، تمهيدًا لإشغالنا بقضية أخرى أكثر سخونة وإثارة واستفزازًا.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

2 تعليقان

  1. تانى يا مختار ؟ عمرو بن العاص كان أكبر حرامى وأمه صاحبة رايه وكان ينكحها أربعه رجال فى وقت واحد واختارت اسم وائل العاص لأنه كان أغناهم ..واسأل عن ثروة عمرو بن العاص وكل صحابة رسولكم واقرأ كتبكم يا حاج مختار وكفى تدليس ..يعنى كان ممكن تكتب بدون الاستشهاد بالحراميه على أساس أنهم حكام عدول ..عيب يا مخ . نعم البلد كلها محسوبيه وتدليس وهذا حال كل بلاد المسلمين ومنذ بدء الدعوه ..وأنا مستعد أن أقرأ لك التاريخ من أوله ..يا ابنى كفى دروشه وتدليس أنت فى عصر الانترنت .

    • ياسيد مسلم سابق – اختار الفاظك فانت كما تعلن مسلم سابق وقارى للتاريخ الاسلامي ولكنك لاتهمه .

      انا مشفق علي الكاتب من تلك التعليقات السخيفه التي توجه القارى الي قضايا تافهه لاتمت لاصل الموضوع باي صله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.