الجمعة , نوفمبر 22 2024
مختار محمود

بوستات الوزراء!

مختار محمود

إطلالة سريعة على الحسابات الشخصية لوزراء حكومة الدكتور “مصطفى مدبولى” على مواقع التواصل الاجتماعى تنبئ بالكثير من الملاحظات والتساؤلات، ولا يُنبئك مثلُ خبير.

أولاها: أنَّ عددًا من الوزراء يعانى فراغًا ملحوظًا، ما يدفعه إلى كتابة بوستات هابطة ومنقولة تخصم من رصيده السياسى ووضعه الاجتماعى. والنموذجان الأبرزان فى ذلك وزير الأوقاف ووزير الدولة للإعلام.

وزير الأوقاف هو أكثر الوزراء حضورًا على “فيسبوك”، عبر منشورات ركيكة أو أبيات شعر وحكم لا ينسبها إلى أصحابها، فضلًا عن نشر جميع أسرار وكواليس الوزارة، حتى لو وصل الأمر إلى خبر يتعلق بإعانة فقير، أو إغاثة ملهوف، أو علاج مريض، وكأنه يدفع لهم من ماله الخاص.

فمَن يتخيل مثلًا أن وزير الأوقاف يكتب على حسابه الشخصى عبر “فيسبوك” مثل هذه الجمل والعبارات: “الإهمال فى الصغير كالإهمال فى الكبير”، أو “من يزرع الخير يحصده ومن يزرع الشوك يصبه ومن حفر بئرًا لأخيه غرق فيها”، أو “ذاكر تنجح..ازرع تحصد”، أو “حياتك أيام وساعات ودقائق”؟ فهل هذا يليق بعميد وزراء الحكومة الذى يزايد على المصريين ويفرض وصايته عليهم ويطرح نفسه فى صورة “الولى النقى التقى العارف بالله”؟ ومن وزير الأوقاف إلى وزير الدولة للإعلام الذى يحشد صفحته بمنشورات تضمن إسقاطات غير طيبة تارة، أو محاولة لتقديم صورة مثالية عن نفسه تارة أخرى.

ومن أحدث المنشورات التى نشرها الحساب الشخصى لوزير الدولة للإعلام: ” المناصب زائلة لا تدوم”، فهل هذا يليق برجل دولة منوط به مهام عظيمة فى ظل التحديات التى تواجهها الدولة المصرية؟ هذه واحدة، أما الثانية، فإن معالى الوزير أكثر الناس تجاهلاً لهذه الحكمة على المستوى العملى، ويشهد على ذلك الزملاء الصحفيون الذين تعاملوا معه منذ استوزاره فى المرة الأولى، ثم تعيينه رئيسًا لمدينة الإنتاج الإعلامى، قبل عودته مرة أخرى للوزارة.

ثانيًا: رغم أن وزارته من الوزارات المهمة جدًا وتفوق الأوقاف أهمية.. إلا أن وزير الشباب والرياضة قد يكون من أقل الوزراء تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعى، وينشر على فترات متباعدة وعلى استحياء بعض الأخبار الخاصة بوزارته، وإن كانت منشوراته تتطلب تدقيقًا لغويًا قبل نشرها، لا سيما وأنه أستاذ جامعى فى الأساس!

ثالثًا: هناك وزراء يقودون وزارات أعظم دورًا وتأثيرًا مثل: الصناعة والتجارة، والإسكان والمجتمعات العمرانية، والاتصالات، والصحة والسكان، والتضامن الاجتماعى، وأخبار هذه الوزارات تشغل معظم قطاعات الشعب، إلا أن وزراءها أكثر هدوءًا وعقلانية، وليسوا مهووسين باللايكات والتعليقات والمشاركات التى يُجند وزير الأوقاف -على سبيل المثال- ميلشيات ألكترونية مدعومة ماليًا لتسجيلها!

رابعًا: لماذا لا يصدر رئيس الحكومة توجيهًا لأعضاء حكومته بعدم التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى، احترامًا لمناصبهم أولًا، وأنفسهم ثانيًا، ودرءًا للغمز واللمز ثالثًا؟!

خامسًا: إذا لم يكن بإمكان رئيس الحكومة إصدار مثل هذا القرار، فهل يإمكانه توجيه الوزراء بترشيد الاستخدام وعدم الإفراط فى كتابة ما لا يليق بمنصب الوزير على منصات التواصل الاجتماعى:

“الأوقاف نموذجًا”، أو بما لا يواكب شخصية وقناعة الوزير “الإعلام نموذجًا”، وإذا عجز رئيس الحكومة عن إصدار كلا التوجيهين، فهل يمكنه توجيه وزرائه بالاستعانة بمصححين لغويين، حتى ينقوا منشورات الوزراء مما يشوبها من أخطاء إملائية فاضحة؟!

سادسًا: إذا كان وزراء حكومة الدكتور “مصطفى مدبولى” يملكون رفاهية الوقت التى تجعل بعضهم مرابطًا على “فيسبوك” على مدار الساعة، لماذا لا يكون هناك تفكير جاد ورشيد فى إعادة هيكلة وضغط الوزارات، ولو استعنا بأصحاب الخبرات والكفاءات الحقيقية، قد يتم ضغط الـ 33 وزارة إلى أقل من النصف، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا، وكما هو حال معظم الدول الغربية الناجحة والمتقدمة والتى تخلو تشكيلاتها من وزراء معتكفين على مواقع التواصل الاجتماعى.

كما أنه ليس من المنطقى أن يصل الرئيس الليل بالنهار من أجل الدولة الدولة المصرية، فى الوقت الذى لا يجد فيه بعض الوزراء عملاً سوى العبث على حساباتهم الشخصية !

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.