هاني صبري – المحامي
إن المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث بالنسبة للمسيحيين مبدأ يقره الدستور المصري ٢٠١٤م حيث تنص المادة الثالثة منه على أن “مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، وإختيار قياداتهم الروحية”، ومن ثم فإنه وفقاً للدستور تكون مبادئ الشريعة المسيحية واجبة التطبيق على المصريين المسيحيين ويكون الذكر والأنثي متساويان وتوزيع الأنصبة الذكر مثل حظ الأنثى فى الميراث. كما تنص المادة ٢٤٧ من لائحة الأقباط الأرثوذكس علي ما مؤداه المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث.
إلا أن أروقة المحاكم شهدت جدالاً عنيفاً لتطبيق هذه النصوص بعض الأحكام قضت بعدم المساواة بين الذكر والأنثي في الميراث بالنّسبة للمسيحيين واستندت للمادة الأولى من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٤٤ ، و الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ للأحوال الشخصية، وكذا المادة (٨٧٥ ) من القانون المدنى.
ونري أن تلك المواد بها شبهة عدم دستورية لمخالفتها لنص المادة الثالثة من الدستور المصري الحالي.
جدير بالذكر أنه قد صدر حكم جديد آخر في ٢٠ مايو ٢٠٢٠ عن محكمة استئناف القاهرة أحوال شخصية، حكماً نهائياَ يقضي بتطبيق الشريعة المسيحية في المنازعات المتعلقة بتوزيع الميراث بين المصريين المسيحيين، وبالمساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث عملا بنص المادة الثالثة من قانون ١ لسنة ٢٠٠٠، وكذا المادة ٢٤٧ من لائحة الأقباط الأرثوذكس.
وهذا الحكم الهام أحدث حالة من الارتياح في الأوساط القبطية كونه جاء وفقاً للدستور والقانون، ولمبادئ الشريعة المسيحية. في تقديري أن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يحتاج إلى تعديلات جذرية ليتوافق مع دستور ٢٠١٤م وهي من التشريعات واجبة الإصدار لتخفيف المعاناة عن الأقباط.
وبناء عليه فإنني أدعو الطوائف المسيحية الثلاثة والحكومة والبرلمان أن يتضمن مشروع القانون المساواة في الميراث بين الذكر والأنثي المسيحيين، وسرعة إصدار تشريع في هذا الشأن.
كما نناشد كافة المحاكم المصرية أعمال نص الدستور بالمساواة بين الذكر والأنثي في الميراث للمسيحيين، وأن تصدر محكمة النقض مبدأ بالمساواة في الميراث للأقباط المسيحيين، حيث أن المبادئ القانونية لمحكمة النقض هي القواعد التي يُستند إليها القضاة في أحكامهم وبالتالي تصبح قاعدة قانونية مستقر عليها لحين صدور تعديل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين.
حيث أنه يتعين علي كافة السلطات المعنية أعمال نص الدستور وهو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض منذ عام ١٩٨٠م من مبادئ هامة والتي تضمنت ” أن النصوص الدستورية تتمتع بالإنقاذ الفوري والمباشر، منذ العمل بأحكام الدستور وما يخالفها من نصوص تشريعية تعبير منسوخة ضمنا بقوة القانون دون حاجة لانتظار قضاء دستوري أو تعديل تشريعي، وأوجبت بذلك إهدار مواد القانون التي تتعارض مع النصوص الدستورية سابقة كانت أم لاحقة علي صدوره بإعتبار الدستور القانون الأسمي والأعلي صاحب الصدارة علي المدرج التشريعي”.
وعلينا المطالبة بتبني مشروع قانون للمساواة في الميراث بين المسيحيين، حيث إن العقيدة المسيحية قد رسخت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، دون أي تفرقة، كما نطالب بحق التبني للمسيحيين، حيث إن هذه الأمور لها أساس دستوري وقانوني، ولها ما يؤيدها في الكتاب المقدس.