هاني صبري – المحامي
اندلاع مظاهرات عارمة في إثيوبيا وخاصة إقليم “الأورومو” يوم الثلاثاء الموافق ٣٠ /٦ /٢٠٢٠ علي إثر مقتل المطرب والمؤلف الغنائي “هاشالو هونديسا”، الذي لقي حتفه رمياً بالرصاص بالقرب من مجمع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهو مشهور بدفاعه عن قومية الأورومو إثر معاناتها عبر عقود من التهميش السياسي والاقتصادي من خلال أغاني المقاومة السياسية؛ فهو بمثابة رمزًا لنضال شعب أورومو وكان له دور كبير في موجة الاحتجاجات التي أدت لسقوط رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، والتي جلبت آبي أحمد إلى سدة الحكم في عام ٢٠١٨م.
وعلي آثار هذا الحادث المؤسف قامت الشرطة الإثيوبية بإعلان مقتل المطرب “هونديسا ” قد جاء على يد مسلحين مجهولين. وقد حمل الإثيوبيون قوات الأمن مسئولية قتل هونديسا ، وأن هناك دافعاً سياسياً لتلك الجريمة، مما أدى لاندلاع المواجهات بين قوات الأمن ومحبيه.
وعقب اندلاع دعوات الاحتجاج على الإنترنت وخروج الآلاف وقاموا بحرق الاطارات واندلاع النيران، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع، وإطلاق النيران علي المتظاهرين ، وتم قطع خدمة الانترنت على العديد من أنحاء البلاد، وشبكات الهاتف والرسائل النصية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سيؤثر مقتل المطرب المناضل الأورومي الذي أوصل آبي أحمد إلى الحكم على الانقلاب عليه من قوميته الأبرز تأثيراً ؟.
وهناك سبب آخر وراء تسارع وتيرة الغضب في إثيوبيا من جانب المحتجين هو اعتقال قوات الأمن جوهر محمد، الحليف الأبرز السابق لآبي أحمد، والمعارض الحالي له، والذي يقود الأورومو رافعاً شعار “أورومو أولاً” هو ناشط سياسي ويُعد أباً روحياً لنضال المجموعات الشبابية، ويتمتع بقاعدة شعبية عريضة في أرجاء أوروميا، كما يعتبر أيقونة ورمزاً وزعيماً ملهماً للأورومو ولحراكهم الثوري في السنوات الأخيرة.
لم تكن هذه الاحتجاجات الأولى التي يشهدها الإقليم والتي لم تهدأ بوصول آبي أحمد للحكم والذي ينحدر من قومية الأورومو، وشهدت فترة حكمه عدة احتجاجات أدت لمقتل العديد من المتظاهرين، ولعل أبرزها الاحتجاجات التي حدثت في شهر أكتوبر العام الماضي.
إن الاحتجاجات مستمرة ولن تتوقف، في ظل استمرار سياسة الإقصاء تجاه أفراد الأورومو، وحملات الاعتقالات التي شنتها الحكومة الإثيوبية ضد المعارضة.
وأسفرت الاحتجاجات عن سقوط قتلي وجرحي في مناطق متعددة من قومية أوروميا، واعتقالات، وتحديد الإقامة الجبرية لعدد من زعماء الأورومو السياسيين .
وإزاء الأحداث المؤسفة والمتلاحقة قامت منظمة العفو الدولية بإتهام قوات الأمن الإثيوبية في مايو ٢٠٢٠ بانتهاك حقوق الإنسان ومازال قائماً، وأرجعت السبب في ذلك إلى الحصانة من العقاب وانعدام المساءلة عن هذه الانتهاكات، وتنفيذ عمليات الإعدام خارج نظاق القضاء والمحاكمات، واعتقال الآلاف بتهمة الإنتماء لمجموعة مسلحة في منطقة أوروميا.
أن هذه الاضطرابات وأعمال العنف تعكس الانقسامات المتنامية في قاعدة نفوذ رئيس الوزراء آبي أحمد، وسط أبناء عرق الأورومو، حيث يزداد تحدي النشطاء العرقيين للحكومة، بعد أن كانوا حلفاء لها. منذ تولى آبي أحمد السُلطة يحاول توظيف المشهد الحالي وأزمة سد النهضة لفرض الطوارئ لخدمة مصالحه وأطماعه ، والدفع بقوات الأمن لتفريق المحتجين باستخدام العنف والاعتقالات لقمع المعارِضة في محاولة من جانبه لتعطيل الانتخابات الرئاسية المقررة خلال شهر أغسطس القادم، سبب تنامي التوترات السياسيّة وخوفه من الإطاحة به لصالح جوهر محمد الذي أعلن ترشحه في الانتخابات المقبلة.
ونتساءل كيف حصل آبي أحمد علي جائزة نوبل للسلام؟!.
أن حائز نوبل في أزمة وهناك قتلي واضطرابات وانقسامات واعتقالات وانتهاك لحقوق الإنسان ومظاهرات في بلاده قد تطيح به من الحكم ، وتؤثر سلبياً علي فرص أنتخابه في الانتخابات القادمة.