تداعيات وباء COVID 19 الطقس متغير والعقيدة الإيمانية ثابتة. نشكر الله علي هذا الْيَوْمَ التاريخي الأحد ١٤ يونيو ٢٠٢٠ فقد تم افتتاح الكنائس في تورنتو بعد موافقة السلطات المحلية علي كل الإجراءات التي تضمن السلامة الصحية للمصلين بدءا بالتباعد البدني وكيفية الدخول ومغادرة الكنيسة، وممارسة القبلة المقدسة، وانتهاءا وهو الأهم كيف يتم طقس التناول بصورة صحية أمنة ؟ .
وسوف أتناول في مقالي هذا الجزء الأهم وهو كيف تمت ممارسة طقس التناول في كاتدرائية مارمرقس بتورنتو بأكثر الطرق الصحية أمانا للمتناولين والاباء الكهنة، ولمن لا يعلم فكاتدرائية مارمرقس هي أضخم الكنائس القبطية خارج مصر وهي امتداد لأول كنيسة قبطية تم إنشاءها في أمريكا الشمالية.
وكنت قد نشرت مقالا عنوانه ” الطقس متغير والعقيدة الإيمانية ثابتة ” حول رأي وموقف المسيحية والكنيسة القبطية عبر التاريخ في إمكانية تغيير الطقس ( وفِي حالتنا الْيَوْمَ فالأهم هو تغير طقس التناول ليصبح أكثر مراعاة للشروط الصحية السليمة ) مع بقاء العقيدة الإيمانية ثابتة وهو أننا سنظل نؤمن بأننا نتناول الجسد المقدس والدم الكريم لإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
وقد قمت عقب نشر المقال بعرض مقترحات تغيير الطقس على عدد من قيادات الكنيسة القبطية المستنيرة والتي تربطني بهم صلات قوية بل وطلبت منهم إيصال المقترح لقداسة البابا تواضروس الثاني، والذي أشهد له بالاستنارة والحكمة وقبول فكرة التغيير وعدم الجمود في إدارة الكثير من شئون الكنيسة القبطية مع ثبات العقيدة الإيمانية لها وأيضا الحرص علي صالح وسلامة شعبها ولا ننسي في حالة هذا الوباء خلفية قداسة البابا الطبية
كما تناقشت مع الكثير من العقلاء و المتفتحين الدارسين غير المتعصبين من قادة الشعب والذين أبدوا تفهما ووعيا ورغبة شديدة في الوصول إلي الحل الأمثل الذي يضمن إعادة فتح كنائسنا التي اشتقنا إليها جميعا.
وكان عرض تلك المقترحات قد جرى عبر مكالمة تليفونية طويلة مع أبونا أمونيوس جرجس وهو ضمن الكثيرين من أبائنا الكهنة الذين يتميزون بالورع والروحانيات والحكمة وفي تلك المكالمة الهامة عرضت عليه مقترحاتي وناقشناها سويا وضمنها المقترح الأهم حول ضرورة تغيير طقس التناول بما يناسب وضع وباء COVID 19 الذي تسبب في شلل العالم أجمع وبصورة غير مسبوقة في التاريخ البشري وايضاً لحماية جموع المصلين والأباء الكهنة من خطر حدوث أي عدوى تنفسية أو أوبئة مستقبلية وقد قام أبونا أمونيوس بتعديل الخطوة الثالثة نحو الأفضل وكما سأذكر لاحقا.
وكان لابد لمقترح طقس التناول أن يحقق ثلاثة شروطا ليتوافق أولا مع التوجهات الكنسية
وثانيا لكي توافق السلطات المحلية عليه و تجيز فتح الكنائس
والشروط الثلاثة هي :
١) عدم ملامسة المتناول بيديه للجسد المقدس والدم الكريم.
٢) عدم مشاركة المتناولين لأي من أدوات التناول.
٣) التباعد البدني بين الأب الكاهن وأفراد الشعب أكثر من مترين.
و ملخص الخطوات السبعة لمقترح طقس التناول والذي تم بالفعل تطبيقه وتنفيذه الأحد الماضي هو :
١) قبل التناول مباشرة يقوم الأب الكاهن بمسح الجسد المقدس جيدا بالدم الكريم.
٢) يتم تقسيم الجسد المقدس المختلط بالدم الكريم إلي قطع صغيرة بعدد يكفي لجموع المتناولين.
٣) يتم وضع قطع الجسد المغموس بالدم داخل تجويف لقمة البركة والتي تم خبزها في شكل أطباق صغيرة وموضوعة في صواني علي منضدة أمام الهيكل. هوامش :
كان إقتراحي وضع الجسد المغموس في الدم في أطباق صغيرة من ورق الزبدة أو الفويل لضمان عدم ملامسة يد المتناول للجسد المقدس ثم يتم حرق تلك الأطباق لاحقا ولكن تفضل أبونا أمونيوس بقوله أن السلطات لن توافق علي الحرق لأنه يلوث البيئة وأضاف إقتراحه الرائع بجعل تلك الأطباق مخبوزة من لقمة البركة وهذا يحقق شيئين :
أولها يأخذ المتناول لقمة البركة فورا وعقب وضع الجسد والدم في فمه وذلك دون أن يلمس المتناول الجسد بيده.
ثانيا : لن يقترب المتناولون من بعضهم البعض ومن الأب الكاهن بعد القداس الألهي بغرض أخذ لقمة البركة، وهذا يحقق التباعد البدني في صورته المثلي أي في أثناء التناول وبعده وطوال خدمة القداس وأشهد أنه كان إقتراحا ذكيا ورائعا ولكن تفاصيل خبز تلك الأطباق والأدوات المستخدمة كانت من وضع أبونا أمونيوس جرجس.
٤) يرجع الأب الكاهن للوراء أكثر من مترين لتحقيق التباعد البدني بينه وبين المتناولين .
٥) ثم يبدأ المتناولون في التقدم للتناول الواحد تلو الأخر مع الإحتفاظ بمسافة تزيد عن مترين بينهم لأخذ طبق لقمة البركة وبداخله الجسد المقدس الذي يضعه في فمه دون أن يلمسه، ويعقبه فورا تناول الطبق الصغير للقمة البركة وبذلك تم إختصار ثلاث خطوات ( الجسد المقدس والدم الكريم ثم لقمة البركة )
في خطوة واحدة وهذا يختصر وقت التناول وما يليه؛ ولا يخفي علي أحدنا أن إختصار وقت التناول هام جدا في منع انتشار العدوي.
٦) ثم يتبع ذلك شرب المتناول للماء من زجاجته الخاصة.
٧) فور إنتهاء التناول يقوم المتناول بأداة الصلاة الربانية أو أي صلاة تقررها الكنيسة،ثم يترك الكنيسة فورا إلي منزله لمنع التزاحم والتجمعات وقت الخروج.
هوامش : قامت كنائس أخري بتطبيق نفس الطقس تقريبا مع إختلاف طفيف، وهو وضع الجسد المغموس في الدم في كأس صغير بلاستيك بدلا من أطباق لقمة البركة ويتم إستخدام هذا الكأس في شرب الماء بعد التناول ثم يوضع الكأس في وعاء خاص للتخلص منه بطريقة طقسية وصحية .
ولكن في كنائس أخري قام الأب الكاهن بمناولة المتناولين بنفسه بوضع الجسد المغموس في الدم الكريم في خطوة واحدة ( كما في مناولة المرضي ) في فم المتناول ولكني أري أن تلك الطريقة لا تحقق شرط التباعد وهو الشرط الأساسي لمنع العدوي التنفسية ، وأيضا وجود احتمال كبير لملامسة يد الأب الكاهن لفم المتناول وعليه نقل لعابه إلي من يليه وهذا يمثل الخطر الأكبر في حالات العدوي التنفسية .
وعليه فمن وجهة نظر شخصية أري أن الطريقة المثلي والتي تحقق كل الاشتراطات الصحية السليمة للتناول هو ما تم إتباعه في كاتدرائية مارمرقس بتورنتو وعليه أنصح بشدة وكمتخصص وأستاذ بكليات الطب بأن يتم الأخذ بهذه الطريقة وفي كل كنائس المهجر وفِي كنائس مصرنا العزيزة لأنني أتصور أنها الطريقة وأكرر التي تحقق كل الاشتراطات الصحية التي تمنع كل أنواع العدوي التنفسية وأهمها الآن وباء COVID19.
تعقيب لابد منه : نشكر السيد المسيح يسوع ربنا أن أرشد كنيسته إلي تغير الطقس لطقس أكثر أمانا، ولكن بقيت عقيدتنا الإيمانية ثابتة وهي الأساس فإننا ما زلنا وسنستمر نؤمن بأننا نتناول الجسد المقدس والدم الكريم لمخلصنا وفادينا يسوع المسيح. وفِي النهاية أدعو الله للجميع دوام الصحة وزوال الغمة