د.ماجد عزت إسرائيل
قيامة السيد المسيح من الأموات، كانت الحدث الأكبر، الذي هز كيان اليهود فحاولوا أن يقاوموه بكافة الطرق، حتى أنهم قالوا عن القيامة إن هذه الضلالة الأخيرة، ستكون أقوي من الضلالة الأولي، التي هي كرازة المسيح. كما أن قيامة يسوع من بين الأموات كان حدثت فريد لم يسبق أن سمعت البشرية عنه من قبل، ولذلك كان لقيامته فعلان،أولهما فعل زمني تاريخي ومحقق، حيث ظل يسوع طوال كرازته يبشر بالقيامة حينما ذكر لهم قائلاً:” إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَتَأَلَّمُ كَثِيرًا، وَيُرْفَضُ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ”(لو 9: 22)، لقد خرج المسيح من القبر وهو مغلق.. .ولم يكن ذلك غريبًا عليه، أو علي القوة المعجزية التي له. فقد خرج أيضًا من بطن القديسة العذراء وبتوليتها مختومة. وكذلك في ظهوراته لتلاميذه بعد القيامة، دخل علي التلاميذ وهم مجتمعون في العلية، حيث ذكر الكتاب المقدس قائلاً:” وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ!” (يو 20: 19).
ومن قوة القيامة، أن المسيح قام بذاته لم يقمه أحد.. لان كل الذين قاموا من قبل، أقامهم غيرهم: فابن أرملة صرفة صيدا أقامة إيليا النبي (1 مل 17: 22). وابن الشونمية أقامة أليشع النبي (2 مل: 36). وأما ابنة يايرس وابن أرملة نايين، ولعازر، فهؤلاء أقامهم المسيح. ولكن المسيح نفسه قام بذاته، لأن قوة القيامة كانت فيه، وما كان ممكنًا أن يمسك من الموت، إذ أن فيه كانت الحياة” فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ” (يو 1: 4). علي الرغم من كل الحراسة المشددة، وضبط القبر، والحراس، والأختام والحجر الكبير الذي علي باب القبر.. قام المسيح من بين الأموات.
وثانيهما فعل روحي سري غير منظور وغير محقق. والسيد المسيح أكمل الفعلين،فارتضي أن تكون حدثاً تاريخياً منظوراً ومحققاً حيث سبق يسوه فحدده زمانياً”….. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ”(لو 9: 22)،وأكمله المسيح بظهور حقيقي ملموس” اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي”(لو 24: 39).وهذا الفعل هو الذي نتقبله نحن الآن بالإيمان ونعيش فيه ومن أجله.فنحن الآن ننظر بالإيمان إلى فوق حيث السيد المسيح جالس عن يمين العظمة في الأعالي،فالقيامة هي مصدر نور إيمانا؛أي نعيش فيها.كما أننا نجاهد كل يوم على أساس أن تستعلن لنا القيامة في حياتنا،لكي نعيش فوق مستوى هذا الدهر ومطالبه،لأن هذا هو مضمون القيامة وقوتها،أى برجاء هذا العالم:” بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ”(يو14: 19). وكما ورد فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس حيث ذكر قائلاً: “لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. ” (15: 22)للحديث بقية .
إن قوة القيامة ليست مؤجَّلة إلى ما بعد موتنا، أو إلى ما بعد انتقالنا من الحياة على هذه الأرض إلى الحياة الأخرى في السماء. القديس بولس يقول: “لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ،” (في 3: 10. فهي ليست حادثة حدثت في حياة المسيح وانتهت، بل هي قوة انتقلت من المسيح بعد موته وقيامته لينالها كل مؤمن بالمسيح، ينالها من خلال سرِّ المعمودية حالما يخرج من جرن المعمودية الذي هو بشبه البطن الجديدة التي تلدنا الولادة الروحية الجديدة وفينا قوة قيامة المسيح.
قوة قيامة الرب يسوع، وشفاعة أمّه القديسة مريم العذراء يمنح الشّفاء التّامّ للمصابين بوباء كورونا، ويزيل هذا الوباء من العالم، ويمنّ على مصرنا الحبيبة وجميع العالم بالخير والبركة والسّلام والأمان.
واخيراً، كل عام وأنتم بخير اخرستوس انيستي …. اليسوس انيستي .