ترى ماذا يريد متخذ القرار فى منظومة التعليم؟
يريد أن يدرب الأبناء على البحث وان يكونوا خارج الصندوق بعيدا عن المعلومة الجاهزة.
يريد أن يجعل التعليم عن بعد اساس لواقع فرض نفسه بعد جائحة فيروس كورونا.
يريد أن يعتمد الأبناء على أنفسهم فى البحث.
يريد أن ينوع من مصادر المعرفة، يريد أن يدرك الأبناء من خلال البحث ان العلاقة بين المواد الدراسية أصبحت وصلا لا فصلا.
يريد أن يتعلم الأبناء معنى التعلم الجمعى من خلال المشاركة فى انجاز المشروعات البحثية.
يريد أن ينقل بيئة التعلم لتكون فى اى مكان خارج الصف الدراسي التقليدى.
يريد أن يعلى من شأن مصادر التعلم النشط، يريد أن يطور أداء المعلم ليتحول إلى تكنولوجى يمارس دورة التوجيهى والارشادى عبر المنصات التعليمية وصفحات التواصل الاجتماعي.
يريد أن يرفع عن كاهل أولياء الأمور أعباء الدروس الخصوصية من خلال تغيير نمط وطريقة تقويم الأبناء. يريد أن يضع الأبناء فى وضع من يبحث ويعرض ما قام به أمام لجان تختبر مصداقية ما قام به وتقيس مدى ثقته بنفسه وبفريق العمل ان كان قد نفذ المشروع مع مجموعة من الزملاء.
كل ماسبق جميل ورائع
ولكن هل ما أراده متخذ القرار تحقق؟
أراد عملا جماعيا فكان له ما ارد ولكن بشكل سلبى من خلال مشروعات معلبة وجاهزة تم تسويقها عبر النت واخرى تم الاتفاق على شرائها بعد أن شكل أولياء الأمور مجموعات عمل بقصد توزيع المبلغ المطلوب عليهم، وهنا تحقق العمل الجماعى ليس بين التلاميذ ولكن بين أولياء الأمور الذين حققوا نجاحا باهرا فى سبيل مواجهة اسعار الأبحاث.
أراد أن ينوع من مصادر المعرفة وقد كان ذلك واقعا، فقد تنوعت مصادر التعلم من خلال قيام فرق عمل من أولياء الأمور ورواد المكتبات والمعلمين بالبحث عبر الشبكة العنكبوتية لكى يجمعوا المطلوب من معلومات لازمة للمشروع، ولهذا أصبح اللاعب هو ولى الأمر او المعلم والمتفرج هو الأبناء، فأين دور الأبناء من مصادر المعرفة.
أراد أن يختبر قدراتهم على تنظيم المعارف ودمج المفاهيم للمواد الدراسية المختلفة ضمن مشروع واحد وقد كان له ما ارد من خلال تنافس صفحات التواصل الاجتماعي والمنصات فى صياغة فقرات وعبارات تحاول دمج مفاهيم العلوم مع الدراسات الاجتماعية، مع اللغة العربية ولم ينسي هؤلاء مسألة الحساب لكى لا يحاسبوا يوم الحساب.
ولا مانع ابدا لديهم من ترجمة بعض العبارات لكى يتم إثبات وحضور اللغات الأجنبية ضمن مفاهيم المواد.
ترى هل شاهد احدكم دورا للأبناء فى كل ما فات؟
ولكى يضمن متخذ القرار مصداقية ما تم تقديمه مدونا عليه كود الأبناء، فقد اقترح ان يكون ضمن نظام التقويم قبل بداية العام الجديد ما يسمى بالمقابلات، ذلك لكى يضمن ان من نقل او اشترى المشروع لن ينفعه يوم ان يجلس أمام لجنة مشكلة من خيرة الخبرات وكاشفى كذب من نقل او اشترى دون أن يعمل العقل ويحفظ حرمة المراجع ومصادر المعلومات.
وهنا ما كان رد فعل الأبناء ومعهم أولياء الأمور على أن يحفظوا مابين ايديهم من المشروعات حتى إذا سألتهم اللجان ردوا دون تلعثم او انكسار، فصار الإبداع حفظا بأمر متخذ القرار. وبهذا سن المجتمع قاعدة جديدة”عليك أن تستعد لما هو آت”.
وبعد……..
اتمنى ان نراجع أنفسنا أولا بعيدا عن نفاق مصطنع، و بعيدا عن تربية التواكل لدى الأبناء، ان أردنا ان نربى وان نعلم بشكل حقيقى.
التعليم عن بعد أمر رائع ولكن الأروع ان يتم تجهيز البيئة المناسبة له اولا من خلال معلم معد بشكل جيد ومدرب على الولوج إلى المنصات التعليمية بشكل فعال، ومن خلال بيئة تكنولوجية فى المدارس والجامعات، وانترنت مجانى يحترم ظروف وإمكانيات المجموع العام للمجتمع، وتدريب مستمر للجميع.
كفانا تشدق بعبارات رنانة، فقد كشفت كورونا سوءة المجتمعات النائمة فى سبات.
علموا الأبناء كيف يمارسوا سلوكيات النظافة الشخصية، علموهم مهارات الحياة الحقيقية، علموهم معنى الإيثار والعطاء من خلال التطبيقات والممارسات، فقد كشفت كورونا عن الوجه الاخر لغياب معانى كثيرة فقدتها الإنسانية، كيف يقدروا كبار السن ويكونوا لهم من الأبرار.
لا كما نرى فى نماذج غربية تحكم لغة المنطق فتسارع إلى فصل أجهزة التنفس عن المصابين من كبار السن بحجة ان هناك من هو أصغر سنا ويحتاج إلى أجهزة التنفس.
علموهم معنى العطاء عندما ينظروا إلى البسطاء من بنى جلدتهم ممن تحسبهم أغنياء من التعفف لا يسألون الناس الحافا، فيبادر الأبناء طوعا لتقديم يد العون والمساعدة لهؤلاء.
وصدق المولى سبحانه وتعالى قائلا عن هؤلاء. فى سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم.
“يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) صدق الله العظيم.
علموهم ان دولا قيل عنها أنها كبرى فى التكنولوجيا والفضاء والاقتصاد ولكنها أمام جائحة كورونا مارست القرصنة فى البحار واستولت على شحنات طبية كانت فى طريقها لبلدان أخرى.
علموا الأبناء ان من بات شبعان وجاره جائع فهو ليس منا.
او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به.
وأخيرا لعلنا نعلم ان التعلم النشط
بمعناه الحقيقى لايتم الا بنية صادقة شعارها ” إِنْ أُرِيدُ إِلَّا ٱلْإِصْلَٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِىٓ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ” 88. هود
صلاح عبد السميع