للكاتبة إيناس المغربى
أخذت أسأل نفسى !!
كيف يكون التجرد لله..؟
كيف يكون الإيمان خالصاً لوجه الكريم ؟
كيف يحطم الإنسان عبادة وثن النفس، ويقتل الكبر ويمحق ما به من غرارة طبع وإفتخار ؟؟
وكيف كان عاقبة الكبر والغرور وعدم الامتثال لطاعة الله وأوامره ؟!!
” أدم عليه السلام” و”إبليس” كلاهما أخطأ فى حق نفسه ،وكلاهما عصى الله وأذنب !!
فعندما أمر الله سبحانه آدم عليه السلام بعدم الأكل من الشجرة قال جل وعلا :
( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )
هنا أنذر الله سبحانه آدم ألا يأكل، وكان يجب عليه الطاعة والخضوع لأمر الله، لكنه عصى( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)
وهنا شعر آدم وحواء بالحرج وشؤم المعصية التى حلت بهما من جراء وسوسة الشيطان. ( وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ )
(قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ )
فشعروا بالندم، والحزن، ووقاحة الذنب ،واسترجعوا وندموا واستغفروا الله من ذنبهما الذى فعلاه ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
- أما (إبليس) اللعين عندما كان من الجن ، عَبد الله سنوات طوال فاغتر بعبادته وشعر أنه من المتميزين وعندما أمره الله بالسجود لآدم أبى واستكبر ، فقال له جل وعلا :
(مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ )
فاغتر وتكبر واستكثر على ( آدم ) أن يعلو عليه منزلة وان تسجد له الملائكة أجمعين، فكان نتيجة غروره أنه تبجح على الله وعصاه فناله غضب الله وسخطه، والخزى فالدنيا و الأخرة والخلود في العذاب المهين.
فالفرق بين ( آدم عليه السلام ) و( أبليس) أن( آدم )عصى ربه ثم ندم وتاب، فاجتباه ربه وهداه ؛ لأنه تجرد للحق واعترف بذنبه فنال رضى الله ورحمته.
أما (إبليس) فنتيجة الكبر وأغتراره بعبادته وعدم تجرده للحق .. وعده ربه بالعذاب الأليم .
ماذا لو كان أبليس عبدَ الله حق عبادة ؟!!
عبادة متجردة خالصة خاضعة مستسلمة لأوامر الله ونواهيه !!
أليس كان أدعى أن يكون من المقربين وحزبه المفلحين .
فسبحان من جعل الإيمان سمته والإخلاص شيمته، والخلق طبعه، كان كالكعبة يطوف حولها عباد طيبون يتطهرون من مزن طهره، ويستظلون بغمائم عظمته،
وسأسرد لكم قصة ابكتنى تظهر كيف يكون شرف الإيمان، وكيف يكون العمل خالصاً لوجه الله !!
فى ليلة عرس إحدى رجال الاقتصاد، وبينما هو يرحب بالمدعوين، شاهد العريس معلمه الذى كان يدرس له بالمرحلة الابتدائية ، فسلم عليه سلاما حارا وقال له :
ألا تتذكرنى استاذى ؟؟ !!!
فرد المعلم متأسفاً ب لا.. !! فقال له :
أنا فلان الفلانى، الطالب بالصف السادس مدرسة كذا !!
فقال له :
عذراً لا أتذكرك !!
فتنحى به جانباً وقال له أنا الذى سرقت ساعة زميلي بالفصل .. ويومها أكتشف زميلى اختفاء ساعته وجاءك يشتكي فقدها، فطلبت من جميع من فى الفصل التوجه إلى الأمام، مغمضين الأعين، وساعتها دارت الدنيا بي ، وأظلم نهاري، وارتعدت فرائصى وشحب وجهي، وبرددت أطرافي؛ وشعرت أني فى بئر سحيق وقعت، ليس لى من خروج، وأن جميع أهلي واصحابي، واساتذتي، سيعيروني، وسوف يلحق بي العار من جميع جوانبه ، والعجيب أنك عندما فتشت عن جيوبنا وجدت الساعة بجيبي وسكتت ولم تعلن عن أى شيئ، ولا عن هويتى، وكل ما فعلته هو أن أمرتنا بالرجوع إلى أدراجنا وأنبأت زميلى أن الساعة موجودة الأن فى حقيبته ..!!
ففرح فرحاً شديداً وشكرك.
انتظرت الأيام المقبلة أن تأتي لتفضحني على رؤوس الأشهاد أو تلومنى وما فعلت !!
أو أن تعاتبنى بينى وبينك وما فعلت !!
وإلى هذه اللحظة لم أعرف سبب سكوتك ..؟؟!!
فهل تذكرتنى ..؟؟
فرد المعلم قائلاً :
أتذكر القصة بأكملها، ولكنى لم أتذكرك لأنى وقتها أغمضت كذلك عينى حتى لا أعرفك.. وما عرفتك إلا الأن !!!!!!!
ياالله ياالله ياالله
أى أخلاق وأى إخلاص وأى تجرد كان من هذا المعلم الإنسان الذى حباه الله بنور من جماله وجلاله !!
اللهم ارزقنا حبك، وارزقنا التواضع والإخلاص لك أبدا ما حيينا .
هذه هى القصة التى أبكتنى !!!!