د.ماجد عزت إسرائيل
في 15 فبراير من كل عام تحتفل الكنيسة القبطية بذكرى شهداء ليبيا؛ الذين استشهدوا على يد عناصر تنظيم داعش فى ليبيا،وفي موقف تاريخي أعلن الرئيس المصري”عبد الفتاح السيسي” أن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد على المجرمين القتلة، فقام الجيش المصرى بضربات جوية على التنظيم،وفي(14مايو2018م)عادت رفات الشهداء إلى أرض الوطن العزيز.واستقبلهم قداسة البابا “تواضروس الثاني”ولفيف من الأساقفة والمطارنة بمطار القاهرة الدولي، وزفت أجسادهم إلى مثواها الأخير بكاتدرائية شهداء ليبيا بقرية العور بمركز مدينة سمالوط بمحافظة المنيا.وبالأمس القريب افتتح متحف وبانوراما شهداء ليبيا.
دولة ليبيا من الدول التى تحد مصر من ناحية الغرب،وتبلغ مساحة نحو (1.8 م كم)،ويصل تعــداد سكانها نحو (6) مليون نسمه،معظمهم تشكيل قبلى من اشهرهم التــبو والطوارق والافـارقـة وأولاد وبعض القــــبائل العربية التى تنتمى للاتــراك،وتتكون ليبيا من ثلاثة أقـاليم برقــــــة وفـزان وطرابلس العاصمة،وتعد مدينة بنغازى من المدن الكبرى، وترجع شهرتها بالنسبة للأقـباط بأنها مسقط رأس الـقديس مرقـس الرسول ” كاروز الديار المصرية”،ومـنذ أن سيطر الاحــــــــتلال الأيطالى عليها ما بين(1911- 1951م)، كانت مصر تساند الحركة الوطنية ضد الاحتلال الأيطالى بقيادة الزعيم “عمر المخـتار”،وبمساعـدة مصر حصلت ليبيا على استقـلالها، وفى عام 1969م نجح انقلاب الجيش على الملك” إدريس الأول “وتــــولى الرئيس الراحل “معمر القــذافى “رئيساً لها حتى قيام ثــــورة 17 فبراير 2011م.
على أية حال،منذ رحيل القذافى لا توجد دولة اسمها ليبيا بل تنظيمات قبليه وهاجر إليها الدواعش من دول الجوار وشكلوا عصابة “دواعشـية”سعت لهدم النظام القائم وتحقيق حلمها وهو قيام الدولة الإسلامية،ومن أجل ذلك سعي التنظيم إلى قتل المسيحيين القاطنين لليبيا ففى سبتمبر 2012م قتل السفير الأمريكى،وفى مايو2013م قتل مدرس جامعي أمريكي،وآخر قبطي يدعي “ضياء السبـع”،وأيضًا فى فبراير2014م تم ذبح سبعة من أقباط مصر،وكذلك فى 26 ديسمبر 2014م قتل طبيب وزوجته وخطفت ابنته.
وفي15 فبراير2015 قتل تنظيم داعش بليبيا 21 مسيحياً على شاطئ البحر المتوسط بمدينة سرت الليبية وبالتحديد بالقرب من فندق المهارى، وفي رسالة مرئية بثها عبر فيديو على اليوتيوب وجهها التنظيم لأقباط مصر تحت عنوان “رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب”. حيث ظهر في الفيديو عملية ذبح لــ (21)منهم(20)مصرياً وواحد غانياً يدعي”ماثيو اياريجيا”،كما ظهرت الخسة حيث ساقهم واحدا واحدا،وأظهرت إحدى الصور اختلاط مياه البحر بلون دم الشهداء.
وفي موقف تاريخي اادولة المصرية أعلن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في كلمة طارئة ردا على مقتل(21) مصرياً من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا حيث قدم الرئيس العزاء لأسر الشهداء حيث ذكر قائلاً: “حان الوقت للتعامل مع الإرهاب بدون أي ازدواجية في المعايير مشيرا إلى أن مصر تمتلك حق الرد على داعش..كما أن المصاب هو مصاب مصر كلها، وأن هذه الأعمال الجبانة لن تنال من عزيمة مصر”. وفي(16 فبراير 2015م) قال بيان صادر عن الجيش المصري حيث ورد قائلاً:” إن القوات المسلحة قامت فجر اليوم الاثنين الموافق 16فبراير 2015م بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابى بالأراضى الليبية”.كما قامت الحكومة المصرية برئاسة “إبراهيم محلب”(17 يونيو 2014- 12 سبتمبر 2015م) الوقوف مع أهالي الشهداء، اتخاذ كافة الإجراءات الآمنة لعودة الراغبين لأرض الوطن.
وما بين(15 فبراير 2015 – 14 مايو 2018م) حدثت معجزة مع شهداء الأقباط، حيث أعلنت السلطات الليبية في(6 أكتوبر 2017م) بالعثور على المقبرة الجماعية التي دُفنت فيها جثامين الشهداء الأقباط الذين قتلوا ذبحًا على يد عناصر تنظيم داعش بليبيا.وقد ظلت التجارب المعملية تجرى على الرؤوس والجثامين فى كل من مصر وإيطالبا وإختبارات دى إن إيه DNA تجرى لمطابقة الرؤوس على الأجسام من جهة لكل شهيد ومطابقة الـ DNA مع أهاليهم من جهة أخرى لمعرفة إسم كل شهيد وقد إستمرت هذه الإختبارات والأبحاث من أكتوبر 2017 حتى نقل الجثامين لمصر.
وفي(14 مايو 2018م) وصلت الجثامين لأرض الوطن حيث كان كل نعش يحمل اسم الشهيد محفور على الخشب. ومن الجدير بالذكر كان في استقبال الشهداء بشكل رسمي قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية،ونيافة الجبر الجليل الأنبا بفنتيوس مطران سمالوط، والأنبا رافائيل الأسقف العام، وعدد من أعضاء مجلس النواب. وقدمت سلطات مطار القاهرة الدولي صورة مثالية في استقبال شهداء ليبيا. وعقب صلاة الجناز عليهم بالمطار، تم نقلهم لمشرحة زينهم، وبعدها نقلت الجثامين إلى كاتدرائية شهداء الإيمان والوطن بقرية العور في مركز سمالوط بالمنيا.وفي(14 فبراير 2020م) تم افتتاح متحف وبانوراما شهداء ليبيا.