د.ماجد عزت إسرائيل
تشهد هذه الأيام المباركة موجه من الهجوم ممنهجة ضد قداسة البابا” تواضروس الثاني” البطريرك رقم (118) (تولى منذ 4 نوفمبر 2012 م– وتم تجليسه في 18 نوفمبر 2012م وحتى كتابة هذه السطور أطال الله عمره سنين عدة وأزمنة سالمية)،
وفي السطور التالية بهدوء…. تناقش معدومي الضمير والهجوم على البطريرك.
الضمير
هو مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تسيطر أو تتحكم في أعمال الشخص وأفكاره
وهو يشمل الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الشخص أو دوافعه
وهو ما يدفعه للقيام بالعمل الصّحيح
وهو إحساس أخلاقي داخلي عند الإنسان، تُبنى عليه تصرفاته، ويحدد الضمير درجة نزاهة وأمانة الإنسان، وشعوره بالسلام الداخلي نتيجة نقاء ضميره.
الخلاصة .. إن الضمير هو قدرة الإنسان على التمييز بين الخطأ والصواب، أو بين الحق والباطل.
وفي الكتاب المقدس يُسمَّى الضمير ”القلب“. وفي العظة على الجبل شبَّه الرب يسوع الضمير بالعين، لأن الإنسان يُقيِّم بها حالته الأخلاقية، إذ قال: “سراج الجسد هو العين.
فإن كانت عينك بسيطة، فجسدك كله يكون نيِّراً.
وإن كانت عينك شريرة، فجسدك كله يكون مظلماً” (مت 6: 23،22).
وقد ذكر المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث عن الضمير قائلاً: الضمير ليس هو صوت الله في الإنسان كما يظن البعض فهذا فهم خاطئ.
فصوت الله في الإنسان هو صوت الروح القدس لكنه ليس صوت الضمير لأن الضمير يمكن أن يخطئ والله لا يمكن أن يقود للخطأ.
وللضمير أنواع نذكر منها الضمير الصالح،حيث ورد بالكتاب المقدس قائلاً:”أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ للهِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ”.(أعمال الرسل 23: 1)،
أما الضمير الواسع فقد لخصها المثل الشعبي القائل:”يفتي على الإبرة ويبلع المدرة “،
والضمير الضيق أو الموسوس وهو ضمير رهيف ودقيق، وضمير مفتون بالكمال المتنامي.
كما أن الضمير يتأثر بعض الرغبات والشهوات،وأيضًا يتأثر الضمير بالعقائد والمرشدين والبيئة المحيطة بالإنسان، وكذلك العادات والتقاليد الخاصة بالمجتمعات.
ومعدومو الضمير والذمة هم الذين يريدون تشويه صورة وسمعة إنسان،أو تشوية صورة قرية أو مدينة أو دولة من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
وقد ساهمت وسائل الاتصال الحديثة نذكر منها الشبكة العنكبوتية أو الواتس آب في زيادة طائفة
معدومو الضمير في يومنا هذا.
وهذه الفئة لم يخافون من عقوبة الله ولم يستحوا من. ويستغلوا معدومو الضمير المواقف البسيطة
أو الأحاديث التليفونية أو الإذاعية أو التلفزيونية أو الصورة الفتوغرافية العادية ليتلاعبون بها بطرق مختلفة من أجل تحيق هدفهم.
على أية حال،بعد فترة وجيزة قد يصاب الضمير بأوجاع غير محتملة لدرجة أن الإنسان يُفضِّل أن يُنهي حياته بالانتحار.
وأوضح الأمثلة على ذلك نجدها في يهوذا الإسخريوطي حيث أخطأ إذ سلم سيده للموت.
واعترف أمام رؤساء الكهنة والشيوخ قائلا: ” قد أخطأت إذ سلمت دماً بريئاً “(مت 27: 3 و 4).
إلا أنه مضى وطرح الفضة ثم خنق نفسه (مت 27: 5).
وبصفة عامة، فإنَّ جميع الخطاة والمؤمنين وغير المؤمنين، يشعرون بالمسئولية عن سلوكهم.
وهكذا تتحقَّق نبوَّة المسيح عن الخطاة أنهم في نهاية العالم،عندما يرون اقتراب دينونة الله، “يبتدئون يقولون للجبال: اسقطي علينا، وللآكام: غطِّينا” (لو 23: 30؛ رؤ 6: 16).
والخلاصة .. يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: ”لا الشهرة ولا الثروة ولا السلطان ولا القدرة الجسدية
ولا المائدة الشهية ولا الملابس الأنيقة ولا أيَّة ميزة بشرية، يمكنها أن تجلب سعادة حقيقية؛ بل كل هذه تتأتَّى من صحة روحية وضمير نقي“.
كما ذكر القديس يوحنا الدرجي قائلاً: ”لنتخذ من ضميرنا ناصحاً لنا بعد الله، ودستوراً في كل شيء؛ وذلك لكي نعرف من أيَّة جهة تهبُّ الريح، فنفرد شِرَاعنا ونوجِّه سفينتنا طبقاً لها“.
الهجوم الممنهج ضد قداسة البابا تواضروس الثاني
منذ تولى قداسة البابا تواضروس الثانى- منذ 4 نوفمبر 2012م- الدار البطريركية
في ظل ظروف أوضاع مصر السياسية الصعبة حيث كانت تسيطرت على مقاليد السلطة
جماعة الإخوان المسلمون،بالإضافة إلى تعرض الأقباط لعديد من الاعتداءات على أولادهم وممتلكاتهم.
كما حرق أكثر من مائة دير وكنيسة وتم نهبهم وسلبهم، فضلا عن محاولات بعض الأساقفة –الغير مؤهلين-
وضع العراقيل أمام قداسة البابا تواضروس الثانى من أجل إصلاح الأضاع الإدارية أو تقسيم الأبرشيات
أو إعادة هيكلة النظام الإدارى للدار البطريركية،أو رسامة أساقفة لبعض الأديرة– دير أنبا مقار–
ولذلك لجأ هولاء المعارضين لفكر قداسته من مساندة وتشجيع رابطة حماة الإيمان
لإنها تعمل لمصالحهم الخاصة وليس لحماة إيمان الكنيسة كما يروجون لذلك.
كما شجعوا بعض الفضائيات المسيحية،وصفحات الشبكة العنكبوتية أو الواتس آب
وبعض المواقع المشبوهة على مهاجمة بطريرك الكنيسة أو بمعنى أكثر دقة رأس الكنيسة
ونسي هؤلاء أن قداسة البابا هو “رئيس الأساقفة “فهم الذين اختاروه –بعد مشيئة الله- وكرزوه،
لذلك ينص في وثيقة تكريز البابا على لسان الأساقفة يقول: لكي يرعانا بكل الرأفة والوادعة”.
وفي ظل هذه الأحداث الممنهجة ضد قداسة البابا تواضروس الثانى،كشفت حركة
“شباب كريستيان للأقباط الارثوذكس”وعلى لسان مؤسسها المهندس نادر صبحي النقاب عن
المهاجمين للبطريرك ، حيث ذكر صبحي قائلاً:” هؤلاء في الأصل مجموعة مرتزقة ينفذون أجندة
ومخطط تم وضعة والعمل عليه منذ أن اعتلي قداسة البابا تواضروس الثانى الكرسي المرقسي.
وهذه المجموعات يقودها الأسقف الأنبا سيرابيون الولايات المتحدة الأمريكية وجند مارى ملاك صادق
وجعلها تعمل علي تقديم البرامج علي قناة لوجوس القبطية لتنفيذ مخططهم بمعاونة شقيقها
القس بيشوى ملاك صادق بولاية نيو جيرسي الولايات المتحدة الأمريكية الذى لا تخلو صفحته
من مقالات تحريضية ضد كل ما يقوم به قداسة البابا تواضروس الثاني وهؤلاء هم المحرك الرئيسي والأساسي
لضرب أساس الكنيسة الأرثوذكسية عن طريق تجنيد مجموعات تنتشر علي صفحات الفيس بوك
تحت أسماء توحى للبسطاء أنهم يدافعون عن الإيمان وهم في حقيقة الأمر سلفية الأرثوذكسية وجماعة الأمة القبطية للقرن الحادى والعشرون الذين اختطفوا البابا يوساب للإطاحة به”.
على أية حال، هذه المجموعة التى تهاجم قداسة البابا تواضروس الثاني، بدأت هجومه على قداسته
بداية من سر الميرون المقدس، وحسب ما ورد عبر بوابة جريدة الأهرام المصرية في 2 مارس 2014م
علق قداسة البابا قائلاً:”أفصحوا عن أسمائكم بدلا من التستر وراء عبارات هدامة”
كما اتهموا قداسته بمحرف جوهر الإيمان، وأيضًا في مسألة توحيد الكنيسة
وبالأمس القريب انتقدوا أسبوع الصلاة بين الكنائس المسيحية،
ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسبوع يمارس منذ أيام المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث البطرير رقم(117) (1971-2012م) وكان المتنيح نيافة الأنبا بيشوي ضمن المشاركين الدائمين.
كما هاجمت هذه الجماعة قداسة البابا تواضروس الثاني من حيث سعيه لوضع لائحة الأحوال الشخصية
وأيضًا موقف الكنيسة من الطلاق،وكذلك موضوع توحيد الأعياد المسيحية (التقويم القبطى)
وبالتحديد عيدى الميلاد والقيامة.
هنا نسجل للتاريخ أن السيدة مارى ملاك صادق لم تعلق بكلمة واحدة على قيام الأنبا سرابيون من الاحتفال بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر 2019م.
وإقامة احتفال يوم 7 يناير 2020م.
وحدثت بلبلة كبيرة في هذا السياق حول موقف الكنيسة القبطية من الاحتفال بعيد الميلاد.
كما استخدمت السيدة مارى عظات الأنبا زوسيما للهجوم على قداسة البابا تواضروس.
وهذا ما دفع احد رواد الشبكة العنكبوتية ويدعى”عثمان أميل صموئيل” من التعليق في هذا الشأن
حيث ذكر قائلاً:” مفيش استغراب ولا حاجة .. الأنبا زوسيما من رهبان دير الأنبا أنطونيوس اللي رئيسه
الأنبا يسطس خال ماري ملاك صادق اللي هي أخت أبونا بيشوي الذى تريق على قداسة البابا تواضروس
وقال عليه قداسة الماما وهو تلميذ الأنبا بيشوي .. دي دائرة جهنمية”.
والحقيقة التاريخية أن قداسة البابا تواضروس الثانى رد على مهاجميه حيث ذكرت مجلة الكرازة
لسان حال الكنيسة القبطية صدر صفحاتها الأولى حيث دونت قائلا: “لدينا غيرة كبيرة علي كنيستنا الأرثوذكسية
ولا ننتظر أن يعلمها لنا آخرون مهما كانت التسميات التي يطلقونها علي أنفسهم، التي توحي للعامة
أنهم فقط الذين يعرفون.
أدعوهم إلي الإفصاح عن أسمائهم بدلا من النشر علي النت والتستر وراء عبارات تهدم أكثر مما تبني
وتسبب بلبلة نحن في غني عنها من أجل سلامة حياتنا وكنيستنا وكل الشعب فيها”.
كما كتب قداسته في مقالته الثانية علي التوالي بخصوص زيت الميرون حيث ذكر قائلاً:”
ليس في مسيحيتنا ما يمنع من استخدام نتاجات العقل والعلم والتطور والتقدم في تسيير أمور كنيستنا دون المساس
بعقائدنا وأساسيات إيماننا المستقيم وليس من الحكمة مثلا استخدام الهاون في الطحن
ونحن نملك الخلاط الكهربائي فهذا بالتأكيد عبث واضاعة للوقت الذي هو اثمن عطية هذا تطوير في الوسيلة وليس في جوهر العمل كله”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:ماهو الهدف من هذا الهجوم؟
هل الهدف عرقة الإصلاح داخل الكنيسة؟ أو وجهات نظر مخالفة للبابا في طريقة الإصلاح؟
وأن كان ذلك كذلك لماذا لا تناقشون البطريرك؟ هل قداسته يرفض الحوار والمناقشة ؟
وما هو دور المجمع المقدس؟ لماذا تتعمدون أثارة البلبلة بين الشباب وأوساط الأقباط عبر الشبكة العنكبوتية؟
هل تابعتوا زيارة قداسة البابا الرعوية لصعيد مصر؟
الأنبا بيشوى الأنبا بيشوى
في هذا السياق،هنا أريد أن أسجل مشهد رائع عندما زار البابا “ديمتريوس الثانى” البطريرك رقم (111)(1862-1870م) مدينة أسيوط مركز التبشير البروتستانتى، وبصحبته العالم اللاهوتى القمص فيلوثاؤس صالح
خادم الكنيسة المرقسية بالأذبكية بالقاهرة، والراهب البراموسى عبد المسيح المسعودى الكبير، بناء على رغبة الخديوى إسماعيل الذى وضع تحت إمرته باخرة نيلية عام 1867م بغرض الحد من نشاط الإرسالية الأمريكية البروتستانتية.
هذا هو دور البطريرك الرعاية لشعبه وكنيسته وحماية الإيمان الأرثوذكسى في مصر وبلاد أفريقيا وكل بلاد المهجر.
ربما اعتقد أن زيارة البابا تواضروس الثانى كانت نموذجا للبطريركً الأمين والراعى لشعبه.
وأخيراً من يريد أن ينتقد الدار البطريركية فيكون نقده من أجل البناء لا الهدم،يكون نقده بحب
من أجل الكنيسة لا من أجل مصالح وأغراض شخصية. كما لا يغضب من أخيه باطلاً بنظراته الشريره
ويتذكر ما ورد بالكتاب المقدس قائلاً:”لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟”(لو 6: 41).
وأيضًا: “يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!” (مت 7: 5). نتمنى لكنيستنا القبطية كل الخير والتقدم والأزدهار والحفاظ على تاريخها العريق عبر مئات السنين – بصلوات صاحب الغبطة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا وبطريرك الكرازة المرقسية.
التاريخ يعيد نفسه كما حدثت حروب ضد قداسه المتنيح البابا كيرلس السادس ولقبوه بالبابا الجاهل وتحالفوا ضده لعزله ولكن يد الرب انقذته واصبح من عظماء باباوات الاسكندريه ومعارضيه كانت نهايتهم مأسويه وهذا ماسيحدث مع من يدعون انهم (حفاه الايمان)