هناء ثروت
على غرار “أحنا اللى دهنا الهوا دكو” وان كان هذا المثل ينم عن الفهلوة والنصاحة، إلا إن ما أقصده بهذا العنوان هو وجود بذار “الدعشنة” بداخلنا، نعم لفظ الدواعش هو لفظ جديد علينا وكئيب لما يرتبط بحوادث قاسية ومؤلمة ومزعجة وغريبة على آذاننا، والدواعش ليسو فقط من يمسكون السيف أو الأسلحة ليقتلوا بها النفس التي حرم الله قتلها، ولكن هناك دواعش من نوع آخر، هم من لا يقبلون الآخر ويتمتعون بإسكاته بكل الطرق بغض النظر عن صحة هذه الطرق.
منذ ايام هلت علينا بداية السنة التي تمنينا لها ان تكون سعيدة وتبادلنا التهاني مع اصدقائنا وعائلتنا واحتفلنا بها كلً بطريقته، ولكن مع دقات الساعات الأولى للعام الجديد نجد أن هناك مجموعة من “البشر” استباحوا لأنفسهم أن ينتهكوا عرض سيدة في بلد ريفي لمجرد أن ملابس هذه المرأة لم تنال اعجابهم، ولكن بشاعة هذا الحادث ليس فقط في التحرش، لأن الموضوع تعدى هذا اللفظ، فتجمع حولها عشرات او ربما اكثر من شباب ورجال ينهشون جسدها بكل الوسائل بالنظر واللمس والتصوير، ما هذا؟ أهذا مجتمع “متدين بطبعه” كما هو معروف عنه؟ أهذا مجتمع لايترك فروض الصلاة ولا الاصوام ولا المظاهر الدينية؟ أليست هذه التصرفات هي تصرفات داعشية؟ أتدرون لماذا بذروا الدواعش بذارهم الشريرة بيننا؟ لأننا أرضًا خصبة لهذه البذار، فياللعجب ألم يكن في وسط هؤلاء المجرمون رجلًا رشيدًا يمنعهم عن فعلتهم هذه؟
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، الهذا صرخ شاعرنا صلاح عبد الصبور في مسرحيته ليلي والمجنون وقال: ““لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد!” نعم كيف أصبح مجتمعنا لا يراعي “حُرمة النساء” كيف ينظر الى هذه الأفعال بالذات وهو صامت لا بل أصبح يستمتع بالنظر اليها، والمبرر الثابت والوحيد والذي دائمًا ما يقنع به نفسه “ما تشوفوا لبسها عامل ازاي” نعم مبرره للصمت هو إلقاء الوم على الضحية نفسها، ولكن هل لأنك جائع وأمامك مطعم تبيح لنفسك ان تدخل وتسرق الطعام دون ان تدفع ثمنه او ان يكون بطريقة قانونية صحيحة، ومبررك هو انك جائع ورائحة الطعام شهية، ولو سردنا حوادث التحرشصة التحرش الجماعي والتي قد يصل الي هتك العرض فسوف ندهش من عددها ويا ليتنا لا ندهش فقط.
فما هو الحل؟ كيف لنا الآن أن نأمن على أرواحنا وبناتنا من هذا الغول القادم على مجتمعنا بمنتهى الشراسة؟ هل هو الحل الأمني فقط؟ أقول لكم الحل الأمني والقانوني والمعاقبة القانونية في منتهى الاهمية بالطبع. ولكن بجانب الحل الامني والعقاب لابد من تغيير المعتقد ذاته، لابد من زيادة الوعي والإدراك لدى الشباب والمراهقين، لابد من تعليمهم حقوقهم وواجبتهم، فنحن نطلق على الغرب مسمى “الغرب الكافر” فهذا الغرب الكافر تستطيع فيه النساء الخروج بملابسها ايا كانت ولا تتعرض للأذى وإن تعرضت هناك عقوبة فورية، فالحل لابد ان يسير في الاتجاهين الامني والتعليمي، عسى ان يرجع وادينا الطيب الى ما كان عليه، فليس العيب في ملابس النساء، ولكن العيب في معتقداتكم انتم واذهانكم انتم.