هاني صبري – المحامي
تعرضت فتاة بالمنصورة لواقعة تحرش جماعي أثارث غضب جموع المصريين فالتحرش الجنسي ليس جريمة ضد شخص، إنما جريمة ضد المجتمع ككل، وأن التحرش الجماعي يزداد في المجتمعات المنغلقة ، وأن الأمر يبدأ بشخص واحد يمارس فعل ما ثم يبدأ الآخرين بمحاكاته، ويجب مواجهة تلك الظاهرة بقوة وحزم.
وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك وتويتر” مقطع فيديو لفتاة تستغيث وهي تتعرض لتحرش جماعي في شارع الجمهورية بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، أثناء الاحتفال بليلة رأس السنة.
ويظهر الفيديو تجمهر عدد كبير من الشباب حول الفتاة والتحرش بها جنسيًا إلى أن تمكن شبان من إنقاذها ووضعها داخل سيارة أنطلق بها بعيداً عن مكان الواقعة.
وقد قامت الشرطة بإلقاء القبض على سبعة عشر شاباً من المشتبه فى تواجدهم بالمكان وقت ارتكاب الواقعة وجاري إتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
وأن المجتمعات العربية تنظر إلى التحرش الجنسي على أنه سلوك سيئ ومنحدر، وغير مقبول دينيًا وأخلاقيًا واجتماعيًا، ومع ذلك تشهد هذه المجتمعات حالات كثيرة جدًا من التحرش، ويبرئ المتحرشون أنفسهم بأن يتحججوا بلباس المرأة وكيف أنه يثير غرائزهم، أو أنهم لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم، وهذه تبريرات غير مقبولة ومرفوضة شكلاً وموضوعاً وتساعد علي تفاقم الظاهرة.
كما تعاني مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص من العديد من المشكلات التي تضاعف من حجم ظاهرة التحرش، ويتمثل جزء كبير من هذه المشكلات في:- إعتبار التحرش ظاهرة فردية وعدم الأعتراف بها كمشكلة اجتماعية حقيقية، إعتبار التحرش عائدًا لنمط ملابس معينة واستغلال ذلك في إلقاء اللوم على الضحايا – إطلاق أحكام معممة على تدني أخلاق الفتيات جميعهن دون براهين موضوعية – عدم تقديم المتحرشين للمحاكمة القانونية بداعي الحفاظ على مستقبله. – رفض الإبلاغ عن جرائم التحرش بداعي الخوف من الفضيحة – تدني المستوى الأخلاقي لنسبة كبيرة من الأعمال الفنية مما يؤدي إلى ترويج مفاهيم منحرفة مثل التحرش والبلطجة والإدمان – معاملة الأبن في المنزل على أنه صاحب سلطة على أخته بشكل مطلق، وليس كأخ يُفترض به حماية أخته ودعمها وليس السيطرة عليها ككائن أدنى.
أن التحرش الجنسي ظاهرة تهدد المجتمع: يتمثل خطر ظاهرة التحرش على المجتمع في انعكاساته السلبية على الضحايا واللاتي غالبًا ما يفتقدن فرصة الحصول على حقهن بشكل قانوني مما ينعكس عليهن بعدة طرق مثل :- الخوف من التواجد في الشارع وافتقاد الأمان – كراهية الجسد وانخفاض تقدير الذّات – انخفاض القدرة على العمل والإنتاجية – ضعف الانتماء للمجتمع وفقدان الثقة فيه – عدم القدرة على بناء علاقات إنسانية طبيعية نتيجة الخوف المفرط من الآخرين.
ونؤكد أننا بحاجة إلى تكوين إجماع مجتمعي قوى ضد هذا السلوك لكي يراه الجميع على أنه جريمة يجب معاقبة مُرتكبها. فإذا استمر الناس، في خلق الأعذار للمتحرش ولُوم المُتَحرَّش بهن فإن أفضل القوانين صياغةً لن يُجدي نفعاً.
لذلك يجب تفعيل مواد القانون بكل حزم حيث يعتبر التحرش الجنسي جريمة وفقا للقانون المصري، استناداً إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات ويجب أن نستمر في معاقبة مرتكبيها احتراماً لتطبيق دولة سيادة القانون والمحافظة علي قيم المجتمع.
وبناء عليه يجب إحالة الشباب المتورطين في الواقعة لمحاكمة جنائية عاجلة، وإتحاذ كافة التدابير الإحترازية لمواجهة تلك الظاهرة ، كما يجب علي الأسرة والمدرسة القيام بدورها في ترسيخ القيم والمبادئ لدي الأبناء وتنشئتهم على قيم تقبل واحترام حرية الآخرين على اختلافهم وتنوعهم ، وأن تقوم بعض منظمات المجتمع المدني والمشاريع التطوعية بعمل جهود ساعية لمواجهة التحرش.