للكاتبة إيناس المغربى
نبتت ذات يوم زهرة جميلة رقيقة، تخضبت أوراقها بحمرة الغسق، وقد كسيت ثوب الزينة والبهاء، لكنها نبتت فى أرض قاسية مشققة، ينقصها الماء والغذاء وما يعين على مقومات الحياة !!
كانت تحس الصقيع يلتهمها مرات، وتشعر بالظمأ للماء مرات ومرات , وأحست عدم البقاء، وأن الرحيل آت آت لا محالة !!
فخارت ساقها واصفر ورقها
وانكفأت على وجهها لا تستطيع الثبات، وظلت على هذا الحال أياما تلو أيام، وتيقنت مما سيؤول إليه الحال والمآل !!
وفى يوم من الأيام أبصرت شعاعاً يغازل سنا برقه أوراقها، ويداعب عودها الذى كاد يذبل ويتوارى فى وهاد الأرض خلف الحياة !!
وحينئذ رفعت الزهرة وجهها، وإذا بالشمس تتبسم لها لتعلن ألا يأس مع الحياة، ولا قنوط من روح الله، وأن الله ما خلق شيئاً إلا وجعل له مسببات الحياة ، وأنه ما نسي خلقه ولو في بطن الحجر ، أو فى جوف الليلة الظلماء !!
فأرسلت الشمس دفأها ليلتف حولها فيزيل الصقيع الذى جمد الحياة فى عروقها، ثم ألقت بشعاعها الدافئ على البحر الهائج بأمواجه المتلاطمة ليتبخر ويصير سحاباً ، و بقدرة الله نزل الماء غدقا ليروي الزهرة البائسة، فشربت حتى ارتوت، فاشتدد عودها وتفتحت أوراقها وتبهرجت ألوانها فأضحت كعروس فى ليلة زفاف، فدبت فيها الحياة، وعادت بأجمل ما كانت، ولبست ثوب فتنتها، وصارت آية قدسية تتفرسها الأنظار والقلوب، وتصلي فى محرابها النفوس، حتى من لامسها وخالط جمال بشاشتها، تعجب من هذا الجمال !!
وظلت هكذا أياما وأياما ، حتى جاء ما كان فى طي الزمان وما لم تدركه من الأيام !!
جاء الخريف وبدأ الهفيف، وكثرت الرياح، وقل سخاء المطر، وغابت الشمس وانحدرت نحو المغيب، وما عادت تستقيم لها حياه !!
أخذت تقاوم سنة الحياة، وما تعقبته الأيام من تغيرات وتبدلات فى الأحوال لكن هيهات هيهات …
شعرت بالجفاف وانتفض ورقها وانكسر عودها ومالت على وجهها وتهيأت للرحيل
فهل بأمل آت من بعيد ؟!!
مع ظهور الربيع تشرق الشمس من جديد لتعيد لها الحياة ؟؟