بقلم / ماجدة سيدهم
الفرق بينا وبين شعوب الغرب هو السلوك الإنساني المتحضر
لذا كلنا ضحايا ثقافة الاستعلاء والجهل و الفوضى المجتمعية واغتيال الشرف الإنساني بشوارع المحروسة ..فرحنا نمارس الفشل والإسقاط في أحط صورة ..في الانتقام والسخرية من آخرين .. نظن أنهم الأقل أو الأضعف لمجرد أنهم يتميزون ببعض المشكلات الجسدية و النفسية أو المجتمعية او بعض التشوهات الخلقية ..أو من تعرضوا لحوادث بحياتهم أثرت بهم..
نعم كلنا متنمرون بشكل أو بآخر
لنجد نكاتنا وقد امتلأت بالتنمر (واحد بلدينا ..المقصود صعيدي.. واحد عينيه الاتتين متخاصمين ..رجليه الاتنين شمال ..سودة وكودة ..واحد قصير أوي ..واحد اصلع .. )
أيضا الكثير من أفلامنا ومسلسلاتنا ومسرحياتنا اللي تعتمد في افتعال الضحك المبتذل على السخرية من هؤلاء المتميزين بصفات خاصة ..فيكون الأضحاك و التهكم عليهم من خلال شخوص أقزام. أو امراة متواصعة الجمال .أو اعرج أو احد يعاني عيوب في النطق ..يعني ببكون التركيز على نقاط الضعف للشخصية الكوميدية ..
وقد يكون التنمر لأوضاع اجتماعية متواضعة ( أم بلوزة يتيمة.. ابو جزمة مهربدة..بنت الخدامة ..أبو مقشة المقصود عامل النظافة .. أبو قلة …)
حتى أمثالنا الشعبية لاتخلوا من التنمر (ياريتني بيضة بضب دا البياض عند الناس يتحب ) وأما بالمدارس فحدث بلا حرج ..وأما بالملاجيء فلا تعليق ..
ولأن التنمر بات من زمن سلوكا مألوفا لايثير فينا غضاضة عما نسببه من وجع في نفوس الأخرين فأصبح أوصافا متداولة مثل (,أم قتب ..أم ضب ..ام شعر مقشة ..أم الواد المتخلف عقليا ..أبو مناخير كبيرة …الأخنف . أبو كرسي المقصود القعيد .. ) كلها اصبحت تعبيرات عادية بل وتدخل حتى في تحديد وتقيبم العلاقات ومقدار نموها واستمرارها ..
في حين أننا كثيرا مانلجأ للتهكم أو الشماته من بعضهم كوسيلة دفاع وانتقام وهدم الاخرين الذين نمقتهم أو نحتقرهم أو حين نشعر أنهم أفضل منا أو حققوا نجاح ما عنا. .. فنذهب لنذكرهم بعيوبهم أو بضعفهم وعجزهم لإذلالهم .وكسر نفوسهم فنشعر أننا الأفضل حالا ..
وكثيرا مايعد التنمر مؤشرا لخفة الظل ومعيارا للسيطرة ..كلها مدلول لعدم الثقة بالنفس والحاجة إلى التقدير ..
كل هذا والمزيد أيضا يتفشى في شوارعنا اللي دمرتها الأنانية وثقافة اللامبالاة واللاوعي بأي شيء على الإطلاق ..فبتنا في تعداد الموتى المتنمرين ..
.في غياب قيم الجمال والتحضر والرحمة والادراك لن نفهم أن كل آخر هو بالفعل أخ ورفيق لي .. وجب دعمه والإهتمام به ..فلن نكتشف ذواتنا بغير الدخول وتقبل الآخر كما هو .. وأن هذه طبيعة الحياة وفضيلة إنسانية تميز المرء عن سائر الكائنات الوحشية ..
بناء الشعوب المتحضرة مشروع دولة ..