الإثنين , ديسمبر 23 2024
عفت بشندى
عفت بشندى

بلا_رحمة الجزء_ 5 ، 6

عفت بشندى

الجزء_

بعد مرور اكثر من ساعتين.. خرج خليفة مجهدا متعرقا.. جلس على اقرب كرسي واتوا ليه سريعا بكوب من الماء.. شربه وبدأ يهدأ وهم فى انتظار مرعب..
انتظمت انفاسه.. وظل صامتا فترة…
قطعت ثناء الصمت قائلة بهمس: ما تطمنا يا شيخ خليفة
خليفة: الموضوع مش سهل.. وهياخد وقت
شاكر: طب فهمنا اللى بيحصل
خليفة وهو يتفرس فى وجوههم: جريمة زمان.. حد فتح عليها..
عواطف بتردد: جريمة ايه
خليفة بقوة: موت اخوكم ومراته
ثناء بقوة واهية: كان عنده القلب جتله ازمة ومات.. ومراته انتحرت من حزنها عليه.. احنا مالنا بموته
نظر لها خليفة بخبث: مش قلنا الصراحة واجبة.. عشان اقدر اساعدكم
صمتوا جميعا.. ونظروا لبعضهم
خليفة: فى حاجة حصلت الفترة اللى فاتت.. خلت ارواحهم الموجوعة تبتدى تتحرك تانى
شاكر: حاجة ايه
خليفة: حاجة تخص الاتنين دول.. كان مقفول عليها وخرجت..
ثناء بعصبية: هى ايه يعنى
نظر لها خليفة بحدة: دا انتوا تعرفوه مش انا
صبرى: مفيش حاجة خرجت.. كله زى ما هو
شاكر: احنا جددنا شققنا وبيضنا.. دا كل اللى حصل
عواطف: انا عرفت..
نظر لها الجميع
عواطف: رحمة.. عرفت طريق قبر ابوها وامها.. وبقت تروحلهم.. هو دا اللى قلق منامهم وخلاهم يجولنا
نظروا لخليفة متسائلين
خليفة: رحمة دى بنتهم
اشاروا بالايجاب
اكمل: وكنتوت مانعينها تزورهم؟
قال صبرى بتردد: هى ما كانتش تعرف مدفونين فين.. ومن قريب عرفت وشيخ الجامع طلب منا تروح براحتها.. وسيبناها تروح
خليفة بعدم اقتناع: دى حاجة تريحهم مش تقلقهم
عواطف: لا هى.. البت دى لازم تمشى م البيت عشان ارواح اهلها ترجع مكانها وتسيبنا
شاكر: لا طبعا.. لو مشيناها ارواح اهلها هتزعل اكتر.. ومش هيبقى مجرد صوت وتعابين تختفى
خليفة بهدوء مخيف: ومين قالك انهم جايين يعملوا كدة بس
صبرى بتردد: امال جايين يعملوا ايه..
شاكر: عاوزينا نعيش ف قلق.. ما نرتاحش زى ارواحهم ماهى مش مرتاحة
خليفة وهو ينظر بجانب عينه لثناء الصامتة على غير عادتها: لا.. دا مجرد بيقولوا انهم جم.. لكن انتقامهم مش مجرد انكم تعيشوا ف قلق
عواطف برعب: امال ايه.. هيموتونا؟؟
خليفة: لا.. اصعب
صبرى بعصبية لاول مرة: ما تقولنا على طول هيحصل ايه.. دمنا نشف
خليفة: الىى اعرفه انهم هيخلوكم تتمنوا الموت.. لكن مش هيموتوكم.. ودا الىى مسموحلى اقوله
شاكر: يعنى ايه.. وايه الحل
خليفة: للاسف هما بدأوا.. وانا بحاول اوقفهم.. بس لو ما قدرتش يا ويلكم من اللى جاى
قال كلماته تلك واستدار وغادر البيت.. تاركا اهله تائهين فى مجاهل ما قال

عواطف: يعنى ايه الكلام دا.. هيعملوا فينا ايه
شاكر: الله اعلم.. بس شكل اللى جاى يرعب
صبرى: طب نشوف واحد غيره
عواطف: دا جاب قرارنا وعرف كل حاحة حصلت من 15 سنة.. يعنى فاهم ومخاوى..
صبرى لثناء: اول مرة تسكتى كدة
ثناء بنظرات زائغة: بفكر بس
عواطف: تفكرى ف ايه.. مفيش حل غير اننا نمشي البت رحمة.. دا اللى يقطع وجود ابوها وامها
شاكر: ما خليفة قال غير كدة..
عواطف: يقول اللى يقوله.. بعد اللى حصل البت دى مالهاش قعدة هنا
صبرى بحزن: وهى ذنبها ايه.. داحنا اللى حرمناها من امها وابوها.. وانتوا ممرمطينها ومخدمينها عندكوا وعند عيالكوا رغم اننا عايشين ف خيرها.. والاخر كمان نرميها
عواطف: خير مين ياخويا.. دا خير ابويا اللى رماه ف عب فاروق وحرمنا منه.. خيرنا ومالنا اللى كانت هتعيش فيه شريفة واحنا نشتغل عندهم
صبرى: بس يا عواطف….
عواطف بحزم: هى كلمة واحدة.. البت دى مالهاش عيش وسطنا تانى.. البيت دا عبال ما النهار يطلع يكون من غير رحمة

رن هاتفها.. اجابت..
– بتتصل ليه دلوقتى.. مش المفروض تسالنى الاول عندى حد ولا لا
– وحشتينى.. والوقت دا دايما بتكونى لوحدك
– انت كمان وحشتنى.. بس خلينا ف الامان اكتر
– طب هشوفك امتى
– مش عارفة..
– بكرة
– بكرة ايه؟
– بكرة هتقضيه معايا.. وهيكون يوم بالعمر كله

– مالك يابو اليسر.. فيك ايه
– سيبنى ف حالى مش طايق نفسي
– ليه كدة بس.. فيك ايه احكيلى
– مش عارف مالى.. حاسس انى غير الاول
– مش فاهم
– يعنى.. صحتى.. ما بقتش زى ما كانت.. فاهمنى
– يبنى ما توضح..
– مع مراتى يا جدع
– اوبااااا.. دى بلوة
– ااااه وعبير ما تتوصاش.. لسانها زى المرزبة
– طب بينى وبينك كدة انت بتتعاطى حاجة
– هو على اد سجارة الحشيش لما اقعد معاكم
– ولا اقراص ولا حاجة؟؟
– لا وحياة عيالى.. ما ليا ف الحاجات دى خالص
– طب بص .. اعرف دكتور كويس…..
– لااااا انت بتقول ايه مش للدرجادى يعنى
– يبنى فى ايه.. هيبص عليك بس.. ويعملك تحاليل ولا اشعات لو احتاجت.. وممكن تبقى محتاج مقويات تظبطلك الدنيا..
– طب ماخد مقويات وخلاص
– لا طبعاااا.. لما يبقى دكتور كاتبها بناء على تحاليل واشعات يبقى احسن.. اسمع كلام اخوك.. نعملها بكرة
– خلاص ماشى

سمعت صوتا خافتا بجانب باب شقتها..
– يخرب بيت القطط وسنينها.. زهقت.. وربنا لاخرج اموتها
خرجت ولكنها لم تجد شيئا.. نظرت للاسفل علها تجدها.. ولكن كان مصباح السلم مغلقا على غير العادة.. واحست بنفس خلفها وظل اسود.. وقبل ان تستدير لترى من صاحب الظل.. كانت يدان تدفعانها لتسقط على السلم وتتدحرج عدة مرات لتستقر غارقة فى دمائها..

كانت عواطف تملى عليهم امرها بطرد رحمة.. حين سمعوا جميعا صراخا على السلم.. فيخرجون ليجدوا عبير فاقدة الوعى وتنزف بغزارة.. والغريب هو تردد صوت قهقهة رجل.. لا يدرون مصدرها ولا من اين اتت

#الجزء_٦
اتصل صبرى بالاسعاف بسرعة.. فيما ظلت ثناء وعواطف تحاولان افاقتها دون جدوى
نزلت شهيرة وليلى.. ظلت ليلى تصرخ وشهيرة تبكى وتحاول افاقتها معهما.. فيما كان طفليها يصرخان بلوعة فاحتضنتهما شهيرة.
جاءت الاسعاف وامر الطبيب بنقلها للمشفى.. حملوها على السيارة فى نفس الوقت الذى كانت فيه رحمة عائدة من محل شاكر بعد اغلاقه
رحمة: ايه دا فى ايه.. مالها ابلة عبير
عواطف بعصبية: مالها.. بوزك ياختى.. ادى اخرة قعدتك معانا.. ما تغورى وترحمينا بقى
رحمة: انا عملت ايه يا عمتى
عواطف: عمى الدبب لما يعميكى
ثناء: اهمدى يا عواطف مش وقته
عواطف: البت دى تمشى تشوفلها اى داهية.. شاكر: اسكتى يا عواطف البت مالها
عواطف: ماهى السبب
رحمة بصدمة: انا
شاكر بعنف: اخرسي بقى يا عواطف.. يلا ع المستشفى.. وانتى يا رحمة اطلعى اقعدى مع العيال..
رحمة: اجى معاكم اطمن على ابلة
شاكر: خليكى مع العيال هديهم ولو باتت هنكلمكم نشوف مين يبات معاها

ذهبوا الاربعة الى المشفى مع الاسعاف ليكتشوا ان عبير فقدت جنينها.. كما اصيبت بكسر فى احد اضلاعها..
حصلهم يسرى زوج عبير وليلى وماجد وشهيرة واشرف..
افاقت عبير وهى تصرخ من الالم..
ثناء: معلش يا بنتى ربنا يعوضك..
عبير: اااه يا ماما.. جسمى مكسر وواجعنى اوى.. وكان نفسي المرادى ف بنت..
ليلى: يا حبيبتى بنت ولا ولد دا نصيب
شهيرة: ربنا يخليلك مازن ومروان حبيبتى دول بالدنيا
عبير بعنف وسط تألمها: وماجبش تالت ورابع ليه.. حبل العيال لسة طويل مش مقطوع من جدره
صمتت شهيرة بقهر: طبعا يا حبيبتى ربنا يديكى ويفرح قلبك.. عن اذنكم
خرجت شهيرة والدموع فى عينيها وخلفها زوجها وامها وابيها وهم ينظرون بغضب لعبير
يسرى: ليه كدة يا عبير.. دى جاية تطمن عليكى
عبير: وانت مالك انت.. سيبنى ف حالى كفاية اللى انا فيه
ثناء: لا جوزك معاه حق.. انتى ليه دايما كدة كاسرة نفسها
عبير: ليه.. ايه كسرتها نستكم.. دى كانت جبروت ومبرطعة ع الكل وما كسرهاش الا انها طلعت عاقر.. ولحد دلوقتى قادرة وهعرف اخد حقى منها
صبرى: بذمتك فيكى حيل تتكلمى حتى
دخل شاكر ليقول: عبير هتخرج بعد بكرة.. مين فيكم هتبات معاها
ثناء بلهجة ذات مغزى: انتوا عارفين مقدرش اسيب البيت
عبير بدموع: هتسيبينى يا ماما.. وراكى ايه غيرى
ثناء بوهن: اختك سهير
عبير: وهى بترضع يعنى
ثناء: وعيالك انتى عارفة يسرى ما يقدرش عليهم لوحده
يسرى: لا انا هبات هنا
ثناء: شوفتى. يبقى اروح انا اشوف العيال واعملك اكل
شاكر: بس لازم ست معاها عشان العنبر حريم
عواطف: صحتى مش حمل مستشفيات
ليلى: لو ما كنتش حامل وتعبانة كنت بيت
شاكر: خلاص.. هروح اجيب البت رحمة
عواطف: احسن عشان ماشوفش خلقتها ف البيت
ليلى: هى هببت حاجة ولا زعلتك يا ماما
عواطف: لا مش طايقاها لله ف لله
شاكر: طيب تعالوا اوصلكم وكلموها ع البيت تجهز اروح عواطف وليلى واجيبها

وصلوا البيت لتدخل عواطف وليلى البيت وكانت رحمة تخرج من شقتها
رحمة: عمتى.. ابلة عبير عاملة ايه
عواطف بقرف: اعوذ بالله من غضب الله
ليلى: انتى مزعلة ماما ليه يا بت يا رحمة
رحمة بدهشة: انا؟؟ انا من الصبح برة وما شوفتهاش اصلا طول اليوم
شاكر من الخارج: رحمة.. يلا
رحمة بعجلة: حاضر يا عمى
خرجت وركبت معه.. وبعد عدة امتار وجدا سهير بهيئة غريبة تأتى من بعيد
شاكر: سهير .. متأخرة كدة ليه.. ومال هدومك مبهدلة ليه
سهير بتلعثم: ابدا.. وقعت ف الشارع
شاكر: وكنتى فين لدلوقتى
سهير بتوتر: مع اصحابى.. خرجنا بعد الشغل
شاكر: ابوكى وامك لو هنا كانوا موتوكى
سهير: امال هما فين..
شاكر: انتى ما تعرفيش ولا ايه.. عبير وقعت ع السلم سقطت.. وراحت المستشفى وهما معاها هناك.. تيجى تشوفيها؟
سهير بحزن: لا.. تعبانة وعاوزة انام.. هطمن الصبح عليها
انطلقا الى المشفى ورحمة تتعجب انها لم تلدعها بسوط لسانها كالعادة.. وباتت هناك مع عبير وعادت ثناء وصبرى وشاكر للبيت

دخلت ثناء غرفتها بخوف.. رغم دخول صبرى وشاكر عدة مرات الغرفة وطمأنتها..
ودخل صبرى بعدها.. غيرا ملابسهما دون كلمة.. وكانت ثناء تتحاشى الحديث طوال الوقت..
صبرى: مالك يا ثناء
ثناء دون النظر اليه: هيكون مالى.. قلقانة على عبير
صبرى: ما الدكتور طمنا.. ما تقلقيش هتبقى كويسة
ثناء: باذن الله.. تصبح على خير
ظلت تتقلب كثيرا تحاول النوم دون جدوى.. حتى ان صبرى تحدث اليها: مالك يا ثناء مش جايلك نوم ليه.. خليفة اكيد حصن الاوضة
ظلت ثناء صامتة فترة.. ثم قالت..
– صبرى
– نعم
– انت عارف انى بحبك.. انا اه عصبية وبخانق دبان وشى.. بس والله بحبك
استدار لها صبرى..
– ليه بتقولى كدة
– عاوزاك تعرف انك غالى عندى.. مهما غلطت زمان او دلوقتى.. بس كله من حبى ليك
– زمان وعارفينه.. فى ايه دلوقتى
تلعثمت…
– لا.. مش قصدى.. ف العموم يعنى..
لم يصدقها صبرى.. لكنه قال:
– انا كمان بحبك.. مانتى رغم عصبيتك وجنانك بردو عملتى معايا كتير
– يعنى مسامحنى يا صبرى
– مسامحك.. دا ربنا بيسامح.. اجى انا جنبه ايه
وناما وكل منهما فى رأسه آلاف الافكار

فى الصباح.. استيقظت ثناء على صوت قهقهة كالتى سمعتها حين وقعت عبير.. ظلت تتصنت علها تعرف من اين اتت.. ولكن جاء صوت الصراخ من الخارج ليقطع عليها تصنتها..
فزع صبرى هو الآخر من اصوات الصراخ.. وخرجا سريعا لاستطلاع الامر..

نزل اهل البيت جميعا بملابس البيت.. ليجدوا الناس تجرى الى خلفية منزلهم
صبرى: ايه فى ايه
احد المارة: عيالكم.. نطوا ع الطوب اللى ورا
ثناء بلوعة: عيالنا مين
– مازن ومروان وعدى
جروا جميعا كالسهام.. ليجدوا الاطفال الثلاثة غارقين فى دمائهم.. وحين اتت الشرطة والاسعاف اكتشفوا وفاة مازن ومروان.. اما عدى فانتقل اللى العناية المركزة فى حالة خطرة..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.