الأحد , ديسمبر 22 2024
عفت بشندى
عفت بشندى

بلا_رحمة الجزء_الثاني

عفت بشندى
استيقظت ثناء من النوم ترهف السمع.. هناك صوت يصدر ولا تعلم من اين..
قامت من السرير وذهبت للنافذة.. لا.. الصوت من داخل الغرفة..
ايقظت زوجها..
– صبرى.. يا صبرى
– ايه يا ثناء فى ايه
– سامع الصوت
– صوت ايه.. مش سامع حاجة
– فى حد بيئن ويتوجع
– لتكون سهير
– لا دا صوت راجل
– راجل؟؟ هيكون مين فؤاد سافر من يومين
– لا مش صوت فؤاد بردو.. انت مش سامعه يا راجل
– لا مش سامع حاجة.. نامى وبطلى اوهام
حاولت فعلا النوم.. لكن لم يغمض لها جفن..

طلع النهار.. صعدت رحمة لعمتها متعجبة انها لم تصرخ منادية عليها كعادتها.. وجدت الباب مفتوحا فدقته برقة ودخلت لتجد عمتها نائمة على الكنبة فى الصالة ..
– عمتى.. عمتى.. مالك..
خرجت سهير فى تلك اللحظة..
– اعوذ بالله من غضب الله..
لم تحدثها رحمة لعلمها بكراهيتها لها.. وعادت تحاول ايقاظ عمتها..
– عمتى.. عمتى.. اصحى يا عمتى
صرخت سهير: يا لهوووووى. انتى موتى امى.. عملتى فيها ايه دانا هوديكى ف داهية
وجرتها من ملابسها لتنطق ثناء
– صبحنا على الهم والقرف
جرت عليها سهير: ماما .. مالك.. عملت فيكى ايه البت دى
رحمة بخوف: والله ماعملت حاجة انا لسة طالعة
سهير: اخرسي خالص اطمن على امى واروقلك
ثناء: بس مش عاوزة وجع دماغ.. انا كويسة.. زهقت م الاوضة طلعت نمت هنا
سهير بتعجب: عمرك ما عملتيها يا ماما
ثناء: امبارح كنت قلقانة طول الليل ما عرفتش انام وغفيت هنا.. ايه اللى جرا يعنى يا سهير
سمعن دقا على الباب ودخلت عواطف
– صباح الخير صوتكو عالى ليه
جميعهن: صباح النور
ثناء: ابدا نمت هنا شوية رحمة جت تصحينى سهير افتكرتها عملت فيها حاجة
عواطف: ههههههه مش لاقية الا المخبلة دى اللى تعمل.. جتك ايه يا سهير
سهير: ماهى عشان مخبلة تخوف اكتر
ونظرت لرحمة بقرف ودخلت غرفتها
عواطف: بت يا رحمة.. اعمليلى كوباية قهوة كبيرة وسندوتشين احسن ما غفلتش من امبارح
ثناء: اه وانا كمان يا رحمة.. بس مظبوطة مش زيادة زى عواطف
رحمة: حاضر
دخلتورحمة لصنع القهوة لتهمس عواطف لثناء: عاوزاكى ضرورى
ثناء: اصبرى سهير نازلة الشغل وهبعت رحمة تجيب حاجات الاكل.. انا كمان عاوزاكى
خرجت سهير بكم من الالوان على وجهها وشعرها المصبوغ مفرود على ظهرها..
سهير: سلام يا ماما.. سلام يا خالتو
عواطف بعد خروجها: بنتك مزوداها اوى ف الاحمر والابيض اللى على وشها
ثناء: ياختى يمكن تجيب عريس واطمن عليها وارتاح
خرجت رحمة بالقهوة والشطائر..
ثناء: روحى بقى خدى الفلوس اللى ع السفرة والورقة فيها الطلبات.. وترجعى بسرعة مش عاوزة لكاعة
رحمة: حاضر.. عاوزة حاجة يا عمتى
عواطف: مش عارفة ولا مركزة.. لو عوزت هبقى ابعتك تانى
نزلت رحمة.. فاقتربت ثناء من عواطف..
– فى ايه.. شاكر مزعلك ولا ايه
– لا اتعودت خلاص على شاكر
– امال فى ايه.. وايه مصحيكى بدرى دانتى بتنامى للمغرب..
عواطف بخوف: ما نمتش ياختى ما نمتش.. عينى ما غفلتش ثانية
ثناء: ومين سمعك
عواطف: لا مين سمعنى ايه.. دانا هموت م الخوف
ثناء بقلق: فى ايه يا عواطف قلقتينى
عواطف: طول الليل سامعة اصوات ما عرفتش انام منها
ثناء وقد انتبهت حواسها: اصوات ايه
عواطف: حد تعبان وبيتأوه..
ثناء بتوجس: مش يمكن عبير م الحمل ولا شهيرة من الوقعة بتاعت ضهرها
عواطف: لااااا.. دا صوت راجل.. وكأنه بيطلع ف الروح
انتفضت ثناء ووقع الكوب من يدها
عواطف: ايه يا ثناء مالك
ثناء: انتى متأكدة؟
– ايوة زى ما بكلمك كدة.. وخرجت الصالة ما لقتش صوت.. ولا ف اوضة حمزة ولا شادى.. هى اوضتى انا
– انا كمان سمعت الصوت دا
عواطف بصدمة: ايه
– امال نمت برة ليه.. ودخلت لسهير واوضة فؤاد ما لقتش حاجة..
– بس انا دى تانى مرة عشان كدة اتاكدت
– تانى مرة
– اه الاولانية كنت ف المطبخ اول امبارح.. وقعدت ابص من الشباك وادور ومفيش حاجة
– بس انا اول مرة..
– مانتى ما بتدخليش مطبخ.. طب اسالى البت رحمة كدة
– لا مش هسال حد.. لا يكون مفيش حاجة ويقولوا مجنونة
– يعنى انا وانتى مجانين
– انا صحيت صبرى ما سمعش
– صبرى سمعه تقيل وانتى عارفة
– طب نعمل ايه
– استنى كدة انهاردة ونتاكد.. احسن لو ما لقوش حاجة يبقى شكلنا وحش
– انا خايفة ليكون فا……
– هشششششش.. انتى هتفضحينا.. لا طبعا.. مش بعد السنين دى كلها..
– ربنا يستر .. بس قلبى مش مطمن

نزلت رحمة لشراء ما طلبته عمتها.. وفى الطريق مرت بعم صادق.. كبير المنطقة وشيخ المسجد والذى كان يعتبر والدها ابنا ليه
– ازيك يا عم صادق
– اهلاااا الغالية بنت الغالى.. فينك
– موجودة اهه.. وكل ما بقدر بعدى عليك
– طمنينى صحتك عاملة ايه بعد الحمى
– الحمد لله بقيت احسن كتير.. ادعيلى بس
– بدعيلك يا بنت الغاليين ربنا يريح بالك ويفك كربك.. لما تروحى لبابا قوليله عم صادق بيسلم عليك ويقرالك الفاتحة على طول
– حاضر من عنيا.. دانا بدعى لحضرتك كل صلاة انك عرفتنى مدفونين فين وخليتهم سمحولى اروحلهم
– وبتصلى على طول زى ما علمتك
– مش بفوت فرض.. الا لو عمتى طالبة حاجة وصممت وخدت وقت طويل
عم صادق باسي: معلش يا بنتى. اجرك عند ربنا
– الحمد لله على كل حال.. سلام يا عم صادق
– سلام با بنتى
فى الطريق وجدت هيما يستوقفها.. شاب طويل مفتول العضلات يتميز بالهيبة والوسامة.. وان كان ما يرتديه ينم عن فتونة وبلطجة لا تتماشي مع ملامحه
– ايه مش هتحنى بقى
ظلت تنظر الى الارض وحاولت المرور لكنه كان يعترضها
– يا بنتى انا رايدك بالحلال.. ومش هيما اللى حد يقوله لا
– لو سمحت عدينى
– يا دينى ع الرقة والذوق والادب والاخلاق.. اموت انا
– لو سمحت عدينى
– طب قولى اه.. وافقى.. وانا هقلب الدنيا
– عن اذنك بقى
– يا بنتى انا محدش يقولى لا وسايبك بمزاجى دانا كبير المنطقة كلها
اعترضها مرة اخرى.. وكادت تبكى لولا عم صادق الذى وقف امامه
– فى ايه يا هيما.. هى دى الاصول
– يا عم صادق انا رايد الحلال.. دا مش اصول
– الحلال ليه بيوت نخبط عليها
– خبطت مرة واتنين وعشرة مش راضيين
– يبقى مفيش نصيب.. وتسكت وتحترم انكم ولاد منطقة واحدة
– يا عم صادق……
– عييييييب يا هيما.. يا كبير المنطقة زى ما بتقول
– ماقصدش يا عم صادق.. دانا ابونا وعمنا وكبيرنا كلنا
– يبقى تسمع كلامى.. مالكش دعوة برحمة تانى.. دى تعتبر بنت ابنى.. ولو اتعرضتلها كانها بتتعدى عليا
– لا عاش ولا كان يا عم صادق.. حقك عليا

فى الليل.. عادت الاصوات مرة اخرى.. واعلى من السابق.. حتى ان جسد ثناء بدأ يرتعش رغم قوة شخصيتها وجمودها
– صبرى.. يا صبرى.. قوم يا صبرى
– ايه هو انتى كل ليلة هتقلقى منامى ولا ايه
الصوت عالى اوى.. ما تقولش مش سامعه
ارهف صبرى السمع ليجد انه بالفعل يسمع انينا لرجل يحتضر..
– ايه دا صحيح.. فى ايه
– مش عارفة.. ومقفلة الاوضة من كله..
– طب بصيتى تحت السرير
– دا سحارة.. مش زى القديم
– امال الصوت جاى منين
– مش عارفة.. انا خايفة
قام صبرى وفتح الانوار.. ليختفى الصوت تماما..
– تفتكرى بيتهيأ لنا
– لا.. دى تالت ليلة اسمع نفس الصوت.. وعواطف كمان بتسمعه
– عواطف كمان.. لا يبقى فى حاجو.. طب استنى اطفى النور واشوف
اطفأ النور ولم يسمعا اى صوت..
– اكيد بيتهألنا..
– يتهيأ ايه مانت سمعته
– يمكن ايحاء منك.. شغلى قرآن جنبك ونامى
حاولت ثناء النوم.. بلا جدوى.. لتنتفض بعد ساعة على صوت صرخة..
– صبرى.. صبرى..
– يادى الليلة اللى مش فايتة
– فى ست بتصرخ
– ست مين.. يمكن اختك
خرجا من الغرفة يستطلعان الامر.. لم يجدا اى سبب للصوت
عادا ادراجهما الى الغرفة.. ليسمعا معا صوت الصرخة مرة اخرى ويتجمدا مكانهما

فى الصباح خرجت سهير من غرفتها لتجد اباها وامها يجلسان على الكنبة خارج غرفتهما.. ويظهر القلق على وجهيهما
– صباح الخير.. فى ايه مالكم
صبرى: مفيش حاجة روحى شغلك انتى
ثناء: ما سمعتيش اى صوت بليل يا سهير وانتى نايمة
سهير: صوت ايه.. لا ما سمعتش
صبرى: بس يا ثناء.. ما تقلقيش يا سهير دى دوشة من الشارع.. روحى شغلك يا بنتى
تعجبت سهير ولكن كعادتها لم تهتم ونزلت عملها

دقت ثناء باب شقة عواطف ودخلت لتجدها مستيقظة والذعر على وجهها.. وعندما رأتها ارتمت فى حضنها وهى ترتجف..
– الحقينى يا ثناء.. طول الليل سامعة اصوات.. وصريخ ست كأنها بتولد..
– انتى كمان
ارتجفت عواطف..
– انا كمان يعنى ايه.. انتى سمعتى كدة
– اه.. انا وصبرى
لطمت عواطف خديها: يا لهوى يا لهوى يا لهوى
خرج شاكر على صوتها من الحمام
– ايه يا ولية ما تتهدى وتهمدى كدة
عواطف: اهه ما طلعتش مجنونة.. ثناء وصبرى الاتنين سمعوا الصوت
شاكر: دا بجد يا ثناء
ثناء: اه يا شاكر.. وما غمضلناش جفن من وقتها..
عواطف بخوف: انا خايفة ليكون الموضوع القديم
شاكر بعنف: ششششش.. اخرسى.. ايه جاب الموضوع دا ف دماغك
عواطف: معرفش.. بس حاسة كدة وانا قلبى ما يكدبش عليا
شاكر: ليه ياختى. ولية من اولياء الله
عواطف بعصبية: انبى ما ناقصاك. خلينى ف الهم اللى احنا فيه
شاكر: طب فين صبرى
ثناء: فى الحمام.. دخل وانا جايالكم وانت عارفه بيطول
شاكر: طب هلبس وندخل نتكلم ونشوف الحوار

لبس شاكر ودخلوا ثلاثتهم لشقة ثناء.. كان شكرى لا يزال فى الحمام.. جلسوا يتحدثون.. وانتفضوا حين سمعوا صوت الصرخة من غرفة ثناء..
عواطف: يا لهوى يا مصيبتى يانى
شاكر: ايه دا الموضوع بجد ولا ايه
خرج صبرى يعدل ملابسه. ..
– ايه دا تانى
شاكر: تعالوا نخش نشوف فى ايه
عواطف: اخش فين.. لا هدخل ازضتى ولا اوضتهم..
شاكر: تعالى يا صبرى وسيبك من عك النسوان
صبرى بتردد: تعالى معانا يا ثناء
دخلوا ثلاثتهم متوجسين.. ليجدوا ما جعل الدماء تتجمد فى عروقهم.

الي اللقاء أنتظرونا مع الجزء_الثالث

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.