أقف حائراً كلما أقرأ عن الله أنه وقف يوماً عاجزاً أن يصنع قوة في مكان ما على الأرض . أتصدق هذا يا عزيزي كلي القدرة، كامل الصفات الإلهية أيقال عنه أنه هذا ، أيكتب عنه أنه لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة . أين في الناصرة وسط أهله وعشيرته حين قال كلماته الشهيرة، ليس لنبي كرامة في وطنه .
ماذا فعلتم يا أهل الناصرة حتى لا يقدر الخالق القادر أن يصنع قوة وسطكم.
بادئ ذي بدأ علينا أن نعرف ، لئلا نعثر أنفسنا، ماذا تعني عدم قدرة الله ، لأنه حاشا لله أن يكون عاجزاً غير قادرِ لذا عليك أن تعي أنه قد يوقف قدرته بكامل إرادته كمن يقال عن الله أنه يطرح خطايانا في بحر من النسيان فهو لا ينسى لكنه يتناسى بكامل مشيئته الإلهية.
الأمر هنا يبدو أنه، له المجد، كمن أبرم عقداً بينه وبين الإنسان، وضع في إحدى بنوده الرئيسية “بند الإرادة” وكتب فيه أنه وفقا للعقد المبرم بين كلا من الخالق والمخلوق قد أعطى الخالق بكامل مشيئته إرادة حرة للإنسان يسلك بها كما يشاء إما أن يختار الموت أو الحياة . لذا وفقا لهذا البند يصبح تدخل الله في حياة الإنسان يبدأ من حيث يختار الإنسان .
هكذا قال يوماً إيليا لشعب الله في القديم حتى متى تعرجون بين الفرقتين إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه هكذا من يتبع يسوع قد اختار التمتع بكل عطاياه وبركاته .
كان يسوع يجول يصنع خيراً ولكنه لم يصنعه إلا لمن أراد فكان دائم التساؤل: أتريد أن تبرأ وكان كل الذين عندهم أمراض يأتون إليه فالفعل يبدأ من عند المريض حين يأت ليسوع ويعلن إرادته، لا يهم مقدار الإيمان الذي لديك فلك أن تقول أريد ولكن أعن ضعف إيماني . أريد ولكن يساورني الشك أحياناً، أريد ولكني غارق في الخطية .
الله الذي أحب الإنسان حتى الصليب وتحمل آلامه الشديدة بل احتمل المهانة من أجله، يفرح جدا ويسعد قلبه حين يحقق للإنسان طلباته ويسدد احتياجاته ويفيض عليه بالبركات . أما من هو الإنسان الذي يقدم الله له هذا، أقول لك وستتعجب أنه للإنسان الخاطئ الضعيف جداً، المتمرر في ضعفاته الغارق في عاداته الشريرة، العصبي ، القلق ، المتردد و المتشكك . الخاطئ يا أحبائي هو موضع حب الله وسروره .
أما ما يقدمه الله للإنسان فيكفيني أن أقول لك أنه إله المستحيلات ، يتدخل في أي وقت تكون عليه الصعاب ولو بعد أن يفشل الطب والعلم والمنطق والقانون، يتدخل حين تكون الأسوار عالية جدا وعليها حراس أشرار جبابرة ولا يمكن هدمها فيُسقطها ويفتح أبوابها، حين يكون العدو خلفنا والبحر أمامنا فيشق طريقا في البحر نسير عليه. حين يكون للمرض والشلل ٣٦ عاماً فيشفيه بكلمة. حين لا يكون هناك منفذ اطلاقا والآمال قد فقدت بالكامل يتدخل ويصنع منفذاً.
الله يريد فقط أن يسمع منك ومني صرخة قلبية تحمل معنى أريد يا سيدي أريد حتى يكون ينفذ بنود العقد ويصنع قوته في ضعفك .
الله لا يزال واقفاً على باب القلب ومقبض الباب في ناحيتي وناحيتك ، لن يقحم نفسه وسيقف عاجزاً أن يفعل شيئاً أن لم نستخدم إرادتنا وحينها سيفعل أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر . إن فعلنا هذا تأتي حتمية الاستجابة ويقينيتها .