الأحد , ديسمبر 22 2024

وليد ضحية أمه و زوجها على أحد أرصفة شوارع مصر الجديدة ، والأم: ” هيخرب عليا “

أمل فرج

على أحد الأرصفة المجاورة لمسجد أبوبكر الصديق، فى منطقة مساكن شيراتون بمصر الجديدة، جلس ليستريح بعد ساعات طويلة من العمل فى جمع القمامة، مد ساقيه على استقامتهما، ثم استجاب لنداءات جسده المنهك وتمدد على الأرض، وما إن أغلق عينيه حتى تقافزت الذكريات فى ذهنه.

«انت مش هتستريح غير لما تخرب عليا، امشى يا ابن الكلب اشتغل واصرف على نفسك، انت مابقتش صغير».. داهمه عقله الباطن بكلمات أمه الأخيرة، وكأنها تقف أمامه ترددها مرة ثانية بنفس العصبية التى اعترتها عندما توجّه إليها باكياً يشكو من اعتداء زوجها عليه، كشف لها عن ذراعه المتورمة وفخذه التى تسيل دماً إثر الركلات العنيفة التى تعرّض لها، لكنها سبقته بقرارها: «خلاص انت مالكش عيش فى البيت ده».

تقلّب على جانبه الأيمن، لامس خده الأرض فلم تؤلمه، وكأنها تمسح الدموع التى انسالت من عينيه المغلقتين: «لو مش عاجبك ومش هتعمل اللى بقول لك عليه تمشى.. انت هتعمل لى فيها شريف يا ابن الـ…. ». رغبة شاذة رفض أن ينصاع إليها فى دار رعاية، ليقرر بعدها أن يهرب. خرج إلى الشارع متوقعاً ألا يكون أكثر قسوة.

صاحب الشغل كافأه بـ”سيجارة”

«انت تدخن دى هتلاقى نفسك زى الفريرة.. مش هتشيل زبالة بس.. ده انت هتهد حيطة».. بصوت أجش قالها له صاحب العمل الذى توجه إليه متوسلاً «ليعمل بلقمته»، وبها بدأ طريق الإدمان، كانت مكافأة من «المعلم» معتقداً أنها ستزيده نشاطاً وقوة وقدرة أكثر على العمل، لكنها تسببت ذات مرة فى غيابه عن الوعى وسقوطه من فوق عربة نصف نقل محملة بالقمامة، سببت له عاهة مستديمة فى الجمجمة.

وليد مسعد، 15 عاماً، يعيش حياة قاسية يغلفها العنف والإهانة والانتهاك الجسدى والنفسى، خاض تجارب مؤلمة «تهد جبال»، لكنه لم يستسلم لها، بشفتين متورمتين تخرج من بينهما كلمات مخلوطة برذاذ اللعاب، حاول «وليد» أن يستجمع قوته ويروى القليل عن حياته: «خرجت من البيت وأنا عندى 12 سنة بسبب جوز أمى، كان بيضربنى على الكبيرة والصغيرة، مفيش حتة فى جسمى إيده ورجله مش معلمين عليها، طلعت الشارع، نمت على الرصيف، وأكلت صدقة من أصحاب المطاعم، وبعدين خدونى فى دار رعاية شفت فيها عذاب وحاجات مش كويسة بتحصل بين الولاد، سبتهم وهربت علشان ماقدرتش أبقى زيهم، رجعت الشارع واشتغلت فى الزبالة، شغال ببطنى، يعنى بحق الأكلة والنومة».

فى طريقه تعثرت قدما رامى الجبالى، مؤسس صفحة «أطفال مفقودة»، بـ«وليد»، استمع إلى قصته ونشرها محاولاً مساعدته، لتجد صدى واسعاً من قبَل متبرعين قرروا مساعدته، سواء بالكفالة أو بتوفير مأوى أو عمل أو مساعدات مادية: «جات له مساعدات كتير جداً، ولما رجعت لنفس المكان علشان أقول له مالقتهوش.. وليد ضحية مجتمع اتعامل معاه بعنف وكانت هى دى النتيجة».

“أطفال بلا مأوى” يرسل فريقاً لإنقاذه

قال حازم الملاح المتحدث الإعلامى باسم برنامج «أطفال بلا مأوى»، التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، إن وحدة جاهزة متنقلة ستتوجه اليوم (الاثنين) إلى عنوان المكان الذى يتّخذه الطفل وليد مسعد، مأوى له، فى مساكن شيراتون بمصر الجديدة، للتواصل معه وبيان حالته، وتشتمل الوحدة على فريق متكامل يتكون من إخصائى اجتماعى وإخصائى نفسى وإخصائى إدارة حالة، وذلك لتقديم رعاية فورية، ثم اصطحابه إلى إحدى دور الرعاية، وفى حالة رفضه لا يملك الفريق، وفقاً لـ«حازم»، إجباره على ترك الشارع، لكن سيكرر الفريق زيارته للطفل.

شاهد أيضاً

أول تصريح لوزير الإسكان الكندي الجديد بعد توليه المنصب

الأهرام الكندي .. تورنتو أجرى رئيس الوزراء الكندى، جاستن ترودو، تعديلاً وزارياً، بعد أسبوع فوضوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.