الأحد , ديسمبر 22 2024
د. إيهــاب أبــو رحمه

د. إيهــاب أبــو رحمه يكتب: إلــي مــتى ؟؟

الطب في مصر سيظل علامة استفهام كبري و الإهتمام به سيظل سؤال مطروح دون إجابه ، فالطبيب كريمة المجتمع لا بسبب شخصه و لكن لطبيعة عمله الشاقه و التي هي في الأساس القاعده التي تبني عليها الأمم التي تبغي تنميه و ازدهار .

الصحة تاج علي رؤس الأصحاء لا يشعر بقيمتها إلا من فقدها و لابد و أن يعرف قيمتها كل إنسان و لاسيما أي مسئول مخولٌ إليه العمل في هذا القطاع الهام و الحيوي .

فالصحة لا تقل أهميه عن التعليم فهما عماد كل دوله ناجحه ، بالعلم ترقي الأمم و تقل فيها معدلات الجريمة و يعم فيها الأمان ناهيك عن التطور و النجاح والابتكار و السير في خطي البحث العلمي الذي تراجعنا فيه كثيراً فصدق من قال في بلداننا لا يوجد بحث علمي بل هو خيال بحث علمي ، أما الطب فهو ما ينتج عنه صحه أفضل و أمراض أقل و قدره إنتاجيه و صناعيه هائله و الذي ينتج عنه بالطبع دول قويه غنيه منتجه متقدمه فالمريض لاحول له ولا قوه فهو دون قصد عبء علي نفسه و علي من حوله و بالتالي علي الدوله .

الدول الناجحه المتقدمه أعطت قيمه عظيمه للتعليم و الصحه قبل نجاحها و تقدمها لعلمها أن الإنسان هو النواه لأي تقدم و أي نجاح فإن حسُنت صحته و حسُن تعليمه كان هو النواة الصحيحة المرجوة لتقدم الدول و للارتقاء بها .

ولكن في وطننا يظن المسئولون عن الصحة أن الصحة مجرد اسم و كيان لابد له من مبانٍ شاهقٍة ضخمة رخامية و في بعضها أجهزها حديثه كل هذا مع دفتر حضور و انصراف يحتضنه مدير كل مشفي دون النظر إلي العامل البشري من أطباء و تمريض هل هم في اكتفاء مادي و معنوي ؟! هل هم في راحة بدنيه ؟! هل هم في تطور علمي مستمر؟! هل هم في صحة طيبه تسمح لهم بالبقاء في مثل هذه الظروف؟!

 هل وفرت لهم المستشفيات إجراءات السلامة و الوقايه من الأمراض والعدوي؟! هل وفرت لهم وزارتهم تأمين صحي جيد لعلاجهم ؟! هل وفرت لهم الإمكانات اللازمة لمساعدتهم في علاج مرضاهم ؟!

هل وفرت لهم الأمن و الأمان من جهل بعض المرافقين و هجوم بعض المتحذلقين و فساد بعض المسئولين؟! والإجابه لكل هذه التساؤلات نعم وفرت المباني و بعض الأطباء و الأهم دفاتر حضور و انصراف وكفي !!.

الطبيب في مصر لا يملك العديد من الخيارات فإما خيار الهجره مبكراً أو الخيار الثاني و الدراسه و الحصول علي شهاده يستطيع من خلالها السفر إلي دول الخليج( الساعيه و القريبه من الإكتفاء الذاتي) و دول أوربا ، أما الخيار الثالث و هو (عصر الليمون) و البقاء في بلده ليعمل حراً بعيداً عن العمل الحكومي في عيادات ومستشفيات خاصة و تحمل الإجهاد البدني و العصبي و في بعض الأحيان التنازل عن الثوابت و الأخلاق التي تعلمها صغيراً من أجل كسب المزيد من المال، و الخيار الرابع والأخير فهو تغيير المهنه تماماً .

▪أما الخيار الأول والثاني فتقول الإحصائيات أن أكثر من ٧٠٪؜ من الأطباء سلكوا هذا الطريق و تبقي أقل من ٣٠٪؜ من أطباء مصر يسلكون الخياران الباقيان ، و منهم الكثير من صغار الأطباء ينتظرون الوقت المناسب و الظروف المواتية للهروب لينضموا إلي الخيارين الأول و الثاني!! .

نعم الصحة في مصر في مشكله حقيقيه بسبب نقص الأطباء الرهيب و الذي سيظهر جلياً لاحقاً و أسباب هذا النقص معلومه للجميع من ضعف التقدير المادي المفجع و اختفاء التقدير المعنوي و الحماية أمنياً و صحياً للأطباء ناهيك عن ساعات العمل الغير آدميه تماماً .

هذا كله يسبب حسره و وحزن في صفوف الأطباء فغيرهم من المهن والتي تتعامل مع ورقيات (رغم أهميتها) لا ترقي أبداً لأهمية صحة الإنسان و رغم أن أغلب هذه المهن توارثتها أجيال تلو الأخري ما يعني اختفاء الكفاءة في كثيرٍ ممن توارثوها إلا أن من يمتهنون هذه المهن لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال مقارنتهم بوضع الأطباء المؤسف لا من الناحيه المادية ولا المعنوية ولا حتي الخدمات المُقدمة لهم من إسكان و مظهر و لا حتي من الناحية الترفيهية من نوادي و مصايف!!

حتى أن لبعضهم بدل عدوي يزيد عن راتب الطبيب من الأساس !! لذلك ستظل هناك أسئلة مطروحة حتي نجد لها الحلول :

إلي متي يظل الطبيب يدرس و يتعلم دون مقابل يحترمه؟.

إلي متي يظل الطبيب دون حماية من أهالي المرضي و المرافقين؟.

إلي متي يظل الطبيب يعمل عدد ساعات عمل غير أدميه و غير صحية ؟.

إلي متي يظل الطبيب براتب لا يعادل راتب عامل في بنك حكومي؟.

إلي متي يظل الطبيب و كل الطاقم الطبي خارج حسابات وزارته ؟.

إلي متي يظل الطبيب مهان الكرامه؟.

إلي متي يظل الطبيب يدرس و يتعلم علي حسابه الشخصي دون تحمل عمله لتطوره العلمي؟.

كلها أسئلة مشروعه هدفها الارتقاء بصحة المصريين و الارتقاء بمنظومة الصحة في وطننا الحبيب مصر و منع تفاقم أزمة هروب الأطباء في مصر والتي أصبحت جليه وواضحة لكل صاحب عقل و يلمسها المرضي قبل غيرهم من الأصحاء.

قديماً قالوا:

إن المعلم والطبيب كلاهما ــــــــ لا ينصحان إذا هما لم يُكرما فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه ـــــ واصبر لجهلك إن جفوت معلما

حفظ الله مصر و جيشها من الخونة و الفسده.

شفي الله مرضي مصر شفاءاً لا يغادر سقماً.

تحيا مصر قوية و عظيمة.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.