الدكتور صلاح عبد السميع
من يتابع الأحداث فى عالمنا العربى يجد أن متابعة ما يدور من أحداث سياسية واقتصادية ورياضية واجتماعية .. الخ ، تتم من خلال الإعلام بكافة أشكاله وصوره ولعل أهم صور الإعلام انتشاراً وتأثيرا ما يسمى بالإعلام الإليكترونى ( Electronic media) وهو الإعلام الذي يمارس عبر الطرق الالكترونية وعلى رأسها الإنترنت، أصبح فى مقدمة اهتمامات الرأى العام فى عالمنا العربى ،وذلك نتيجة لسهولة الوصول إليه وسرعة إنتاجه وتطويره وتحديثه
كما يتمتع بمساحة أكبر من الحرية الفكرية.
هذا وتعد التسجيلات الصوتية والمرئية والوسائط المتعددة الأقراص المدمجة والإنترنت أهم أشكال الإعلام الاكتروني الحديث. وفى ظل ثورة الإعلام الإلكتروني اختفت الحدود بين المرسل والمستقبل فأصبح الجمهور هو صانع الرسالة الإعلامية، وأبرز مثال على ذلك ظاهرة المواطن الصحفي والتي مثلت اتجاه كاسح في الإعلام الإلكتروني الغربي، وأصبح ضمن اهتمامات واولويات الخطاب الإعلامى بأشكاله المحتلفة وبخاصة الإعلام الاليكترونى ، محاولة تحقيق تواصل اقناعى للرأى العام ، ولهذا لم تعد الحقيقة قاصرة على القناة الاخبارية التابعة للدولة ، بل أصبح بمقدور الفرد أن يملك قناة عبر اليوتيوب أو صفحات التواصل الإجتماعى ، وقد يتابعة ملايين عبر انحاء العالم .
ومن هنا أصبح التنافس بين ما يقدمه الاعلام الرسمى وبين ما يقدمه ما يسمى المواطن الصحفى ، ويصبح الرأى العام مهددا ومشوشا فى حال استمرار غياب مهارات التواصل الاقناعى وبخاصة ان كانت من قبل الإعلام الرسمى فى عالمنا العربى .
ونسعى هنا عبر هذا المقال الى بيان اهمية وضرورة التواصل الاقناعى ضمن الخطاب الإعلامى الرسمى ، وما النتائج المترتبة على غياب مكونات مهارة التواصل الاقناعى ضمن عناصر ومكونات الاتصال الفعال ؟ وأخيراً ما النصائح التى يمكن تفعيلها لتحقيق تواصل يؤدى الى اقناع الرأى العام بعيداً عن اثارة الفوضى والشائعات ؟
علينا أن ندرك أن التواصل الفعال يعتبر من أهم وظائفة التأثير فى الرأى العام ، وأبرز أشكال هذا التأثير هو الاقناع . والتواصل الاقناعى فى أبسط صوره هو جعل الآخر يقبل وجهة نظرك مختاراً وليس مرغماً ؛وذلك من خلال استخدامك لجملة من الحجج والوسائل المتنوعة . وتعد القدرة على الاقناع مهارة تواصلية بارزة تساعد من يتمتعون بها على النجاح فى ممارسة كافة أوجه الحياة .
والسؤال الآن الى أى مدى يمارس الخطاب الاعلامى الرسمى دوره فى اقناع الرأى العام ؟ ولعل من يرصد الخطاب الاعلامى المسموع والمقروء والمشاهد يلاحظ افتقار الخطاب لمهارة التواصل الاقناعى انطلاقاً من غياب مكونات تلك المهارة والتى تتمثل فى : المرسل ، والرسالة ، والمستقبل ، والموقف أو السياق .
المرسل الذى ينقل الرسالة وتؤثر فيه :ـ
• المكانة أو المصداقية .
• الجاذبية ؛أى جاذبية المرسل وخصائصه الشخصية .
• الموثوقية ، وذلك فيما يتصل بمقاصد المرسل ودوافعه .
• السلوك غير اللفظى ؛مثل المسافة المكانية بين المرسل والمستقبل .
الرسالة ، وتؤثر فيها :
• الجوانب غير اللفظية ، مثل طريقة التقديم والثقة .
• صراحة الرسالة أو ضمنيتها .
• مستوى القوة الانفاعلية ؛مثل الخوف ودرجته والعلاقة مع المستقبلين .
• تسلسل العرض .
المستقبل ، وتؤثر فيه :
• مستوى التعليم
• اتجاهات المستقبل
• مقاومة الاقناع .
• القبول والرفض .
• الفروق الفردية .
الموقف أو السياق ؛
أى نوعية الموقف هل هو رسمى أم غير ذلك ، هل هو محاوره ، محاضرة ، مؤتمر .
ما مفاتيح التواصل الاقناعى التى يمكن استخدامها فى سبيل اقناع الرأى العام ؟
• الايجابية حتى يقتنع الطرف الآخر بك .
• التأكد من فهم الطرف الآخر لما تقول؛أى تكلم بشكل يمكن للطرف الآخر أن يستوعبه .
• أن تقدم الحقائق بأسلوب ينم عن المعرفة والخبرة .
• لا تتورط فى أى هجوم شخصى على الخصم ، سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر .
• تذكر أن الاقناع يبدأ بالمصداقية ونيل ثقة الآخرين .
• حاول أن تترك انطباعا ايجابيا عنك منذ البداية .
• حاول أن تقرأ افكار من تخاطبه ، واحرص على توظيف أنماط الشخصية والاقناع .
• وظف اللغة المناسبة من خلال قوة الكلمات والاستعارات والقصص التى تستخدمها .
واخيرا فإن كل من يتصدر الخطاب الاعلامى عليه أن يستخدم مجموعة من الآليات التى تدعم اقناع الآخر ومنها :ـ
عليه أن يعرف مع من يتحدث ، وأن يستخدم اسلوبا مناسبا للتواصل مع الآخر ، كما يجب تجنب الأسلوب الهجومى ، ولا يجب أن يكون جبانا ، بل يجب أن يكون شعاره الاقدام والصدق فيما يعرض من حقائق ومعلومات ، كما يجب أن يستخدم لغة الجسد بشكل مناسب ، وأن يكون صريحاملما بالفكرة التى يعرضها ، وأن يعترف بأن اراءه ليست مثالية ، كما يجب أن يتعامل مع الطرف الآخر باسمه ، وعليه أن يحرص على أن يهتم بسعادة المجتمع ليكسب ود وتأييد المجموع العام ، وعليه أن يحرص على الابتسامة فهى أقصر الطرق للوصول الى القلوب .
ان المجتمع فى حاجة ماسة الى أن يطبق الاعلام بكافة أشكاله وصورة ، وعبر ممارسات فعلية تتسم بالمصداقية ،وتحقق الاقناع المبنى على الوعى والفهم والمصارحة ، بعيداً عن اللغو والاستهجان والتعالى ،تحقيقيا لدعم مهارات التواصل والاقناع التى يحتاج اليها المواطن فى عالمنا العربى ، وحتى تتحول مهارات التواصل والاقناع الى ثقافة يمارسها المجتمع بأسره وليس الاعلام فقط .
الى اللقاء فى رسالة قادمة .