السريان هم أحفاد الآراميين الذين ينتسبون إلى آرام بن سام، وهم ثالث فرع في شجرة الأمم السامية، وكانوا يشكلـون في الـقرون الأولى قبل الميلاد وبعده الغالبية العظمى من سكان المنطقة، التى تمتد ما بين جبال الشام فى الشمال، وصحراء نجد في الجنوب، ونهرى دجلة والفرات في الشرق، وخليج العقبة والبحر المتوسط في الغرب،وقد نجحوا في توحيد هذه البقعة الشاسعة تحت سيطرتهم؛وساعدهم على ذلك العديد من المقومات الطبيعية والبشرية ولغتهم الآرامية،ونجحوا في بناء حضاراتهم التى تضرب بجذورها في أعماق التاريخ.
والجدير بالذكر أن المصريين ومن بعدهم اليونانيون أطلقوا على الآراميين كلمة “السريان“،وهو اللفظ الذي اتخذوه لأنفسهم عقب اعتناقهم المسيحية؛ ليتميزوا عن الآراميين بنى جنسهم الوثنيين، ولذا أصبح لفظ “الآرامى” مرادفاً تماماً للفظ “السرياني” أو”المسيحي” أو “النصراني”.
وقد سجل السريان تراثهم الثقافي والأدبى بلغتهم “السريانية”، التى تعد إحدى لهجات اللغة الآرامية التى كان موطنها ما بين النهرين في الإقليم الذي كانت عاصمته مدينة الرها. ومع مرور الزمن انقسم السريان سياسياً ولاهوتياً وكنسياً ولغوياً الى كتلتين بشريتين في منطقتين جغرافيتين، فهناك السريان المشارقة وهم الذين سكنوا في منطقة العراق وإيران واتخذوا من “المدائن” على نهر دجلة عاصمة لهم،وبهذا كانوا يتبعون الدولة الفارسية سياسياً، أما من حيث اللاهوت فكانوا يتبعون الفكر النسطوري، وكنسياَ كانوا تحت سلطة أسقف المدائن الذي عرف باسم”الجاثليق” أى البطريرك،ولغوياً استعملوا في كتابتهم للأدب والطقوس الكنسية اللغة السريانية الفصحى التي تسمى “لشانا عتيقا” (أي اللغة القديمة).
أما السريان المغاربة فسكنوا منطقة سورية وجنوب تركيا ولبنان وتمركزوا حول عاصمتهم الروحية “أنطاكيا” وبهذا كانوا يتبعون الإمبراطورية البيزنطية سياسياً، أما من حيث اللاهوت فكان يطلق عليهم اليعاقبة نسبة إلى القديس يعقوب البرادعي،وهم “أصحاب الطبيعة الواحدة”، وكنسياً كانوا تحت سلطة بطريرك مدينة أنطاكيا.
واستعملوا في كتابتهم للأداب والطقوس الكنسية اللغة السريانية الفصحى بلهجتها الغربية حيث يسمونها السريانية الفصحى (أي السريانية الكتابية) وهنا يجب أن نسجل أن السريان عقب اعتناقهم المسيحية في القرن الأول الميلادي اهتموا بالحياة الأدبية والعلمية،فنبغ منهم الشعراء والأدباء والكتاب نذكر منهم على سبيل المثال مار أفرام السرياني (306-373م)، ونرساي، ويعقوب السروجي(451-521م) وإسحق الأنطاكي، ويعقوب الرهاوي (640-708م)، والراهب رابولا وغيرهم الكثيرون.فأصبحوا أصحاب خبرات في شتى المجالات الثقافية.