في إحدى الزيارات الميدانية لكاتب هذه السطور بالأمس القريب..زرت أحد الأصدقاء الأعزاء يقطن مدينة جروناو(Gronau) الألمانية. وهذه المدينة تقع في غرب مدينة مونسترلاند في الشمال الغربي من شمال ولأية الراين فستفالن(Nordrhein-Westfalen) التى عاصمتها المدينة الشهيرة دوسلدورف.
وقد لفت نظري اسم الكنيسة الكاثوليكية الكبيرة بوسط المدينة.
حيث تعرف باسم كنيسة “القديس الأنبا أنطونيوس الكبير”،ويقع في مدخلها تمثال من وحى الفنان الكاثوليكي للقديس الأنبا أنطونيوس وأمامه لوحة برنزية جميلة كتب عليها” القديس الأنبا أنطونيوس الكبير المصري (251-365م)، وعندما الباب الرئيسي للكنيسة وجدت لوحة كتب عليها باللغة الألمانية اسم الكنيسة، وعند دخولى إليها من الباب الأيسر الجانبى لها وجدت تمثال معلق للقديس.
وحاولت الدخول للكنيسة ولكن كان هناك القداس الإلهي والكنيسة لا يوجد بها مكان لأحد وكبيرة المساحة ولمحت من النافذة العديد من الأيقونات الآثرية..وعند سؤالى عن تاريخ بناء الكنيسة ذكر لى أحد المصلين التابعين للكنيسة أن العام الماضى أى(2018م) أحتفلت الكنيسة بمرور مائة عاماً على تشيدها….
يا لها من جمال!
كما توجد العديد من المعالم الآثرية للمدنية مثل مقبرة شهداء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)،وبعض الحدائق،ومناطق للتذلق،ومسطحات مائية كبيرة،وأماكن متعددة للعب الأطفال،كما توجد مناطق لنزهة الشباب وكبار والسن.ويوجد متحف للفنون والموسيقي بالقرب من محطات القطارات والأتوبيسات الرئيسة لمدينة جرناو.
على أية حال،عندما تتبعت اسم الشارع على أحد اللافتات وجدت إنه على اسم القديس “الأنبا أنطونيوس الكبير”، فبدأت السير في ذات الشارع فوجدت المستشفي الحكومية وأحد الصيدليات والمطاعم والكافيهات وبعض المحلات على اسم القديس…يا لها من عظمة!
عندما تجد أحد القديسين المصريين يقدر بمكانة عظيمة لسيرته العطرة وتاريخيه كمؤسس للرهبنة القبطية أو الرهبنة الإنطونية. هكذا نرى أن آبائنا الرهبان الأولين نشروا الإيمان والرهبنة في شتى بقاع المسكونة. وهنا تذكر ما ذكره معلمنا بولس الرسول للعبرانيين حيث ذكر لهم قائلاً:”انظُروا إلَى نِهايَةِ سيرَتِهِمْ فتمَثَّلوا بإيمانِهِمْ”(عب7:13).
والآن عزيزي القارىء.. عليك أتركك مع السيرة العطرة المبسطة لحياة القديس الأنبا أنطونيوس الكبيرة الذي لا أبالغ عندما أقول “أن مدينة جرناو الألمانية تأسست بفضل شفاعة هذا القديس وكنيسته العظيمة بوسطها.. “.
ولد القديس الأنبا أنطونيوس في عام 251م، فى قمن العروس بمحافظة بني سويف، من أبوين مسيحيين على درجة عالية من الثراء والغنى، وتعلم من أبيه فضائل المسيحية، وعندما توفي أبوه وهو في الثامنة عشرة ترك له ميراثا عبارة عن مزرعة مساحتها 300 فدان وأختا صغيرة يقوم على رعايتها وتربيتها، فباع كل أملاكه ووزعها على الفقراء، بعدا أن أعطى أخته نصيبها، وتوجه بها إلى أحد بيوت العذارى القبطية وأوصى بها رئيستهن لكي تراعيها كابنة لها، وبعدها توجه للبرية الشرقية للتعبد والصلاة،وتنيح في عام 355م وعمره أكثر من مائة عاماً.