أمل فرج
أخيرًا أسدلت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار علاء الدين سليمان، الستار على المتهم بقتل طفل ساقية مكي بعد فشله في اغتصابه، في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية «طفل البرميل».
الإحالة إلى المفتي
منذ أيام قلائل قررت المحكمة إحالة أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية، لاستطلاع رأيه الشرعي في الحكم الصادر من المحكمة بإعدامه، بعدما استندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى قيام المتهم عن طريق التربص بخطف الطفل ومحاولة اغتصابه داخل منزل المتهم وعندما فشل بسبب بكاء وصراخ الطفل سولت له نفسه قتل الملاك البريء خوفًا من الفضيحة ثم أخفى الجثة داخل برميل.
عاش المجرم أمام الناس بوجه غير الذي كان يخفيه، نجح في خداعهم بتمثيل دور الشاب الطيب، واستحوذ على تعاطفهم بشدة بمظهره البسيط، لكن في حقيقة الأمر كان شيطان يسير على الأرض منتحلًا صفة البشر، جريمته فاقت الحدود والمعقول، للدرجة التي دفعت محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته بالإعدام شنقًا بعد خمسة أشهر فقط من المداولات، أثناء الحكم بكت أسرة الطفل بشدة، كان لسان حالهم يردد لو كان الأمر بأيدينا لطالبنا بإعدامه عشرات المرات بسبب بشاعة ما فعله.
جريمة يوم الجمعة
بدأت القصة خلال شهر مارس الماضي من العام الحالي، عندما أشارت عقارب الساعة الثانية عشر ظهرًا يوم الجمعة وتحديدًا وقت خطبة الجمعة، غادر الأهالي منازلهم لأداء الصلاة أما الطفل الصغير فخرج من منزله للعب مع أقرانه، وقبل الخروج حذرته والدته من الابتعاد عن المنزل وشددت عليه بعدم التأخير، قبلت الأم الصغير و احتضنته ، ثم أسرع متجها لأصدقائه خارج المنزل.
على الجانب الأخر كان هناك ذئب بشري يدعى صابر يعمل مكوجي، لم يذهب مثل باقي الأهالي لأداء صلاة الجمعة وإنما كان مثل الوحش الكاسر الذي يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على فريسته مستغلًا حالة الهدوء والسكون التي ضربت المكان أثناء انشغال الأهالي بأداء صلاة الجمعة، شاهد الذئب البشري المتمثل في صورة بشر الطفل الجميل يلهو، نجح بحيلة أو بأخرى في استدراجه إلى منزله الذي يعيش فيه بمفرده، وبدأت حفلة التحرش بالطفل الصغير ومحاولة الاعتداء الجنسي عليه، كان يعتقد أن الأمور ستكون سهلة وبسيطة، فكل الظروف كانت مواتيه لارتكاب جريمته بشكل مثالي، شقته يعيش فيها بمفرده، الأهالي مشغولون بأداء الصلاة
ذهب الطفل البريء مع المجرم إلى داخل الشقة بكل براءة الأطفال، الهدوء يخيم على المكان، لكن الأمر المفاجئ بالنسبة له والذي جعل خطته الإجرامية تسير بسيناريو مغاير ومختلف تمامًا هو عدم استجابة الطفل لنزوات المجرم «الذئب البشري» دافع الصغير ابن الـ7 أعوام عن نفسه بحكم الفطرة، رفض بمنتهى القوة والحزم أن يمس جسده البريء، شيطان من شياطين الإنس متجسد في صورة بشر، لكن لم ينته الموضوع بهذا الرفض، الثمن كان غاليًا جدًا، صراخ وعويل الطفل وبكاءه المنهمر كالأمطار دفع المجرم إلى الإطباق على رقبته بكلتا يديه خوفًا من افتضاح أمره حتى خارت قواه وانقطعت أنفاسه وتوقفت دقات قلبه، مات دفاعًا عن نفسه وشرفه رغم صغر سنه، لم يكتف المجرم بالاغتصاب و القتل ، حيث رأى أن عليه التخلص من الجثة بشكل آمن ؛ فقرر دفن جثمان الطفل داخل برميل، ثم حمل البرميل وبداخلة الطفل وألقى به داخل إحدى العقارات وتركه وفر هاربًا.
طفل البرميل
انتهت شعائر صلاة الجمعة، وتأخر الصغير في العودة للمنزل، بدأت أسرته في البحث عنه لكن دون جدوى، كل جهودهم ذهبت أدراج الرياح لذا لم يكن هناك مفر من الذهاب إلى قسم شرطة الجيزة لتقديم بلاغ يفيد باختفاء الطفل الصغير الذي لا يتجاوز عمره الـ7 سنوات في ظروف غامضة أثناء أداء صلاة الجمعة، تم تحرير محضر بواقعة الاختفاء ضم كافة التفاصيل الدقيقة والوصف التفصيلي لملامح الطفل وظروف وملابسات اختفائه، تحريات موسعة قام بها رجال البحث الجنائي للوصول إلى مكان اختفاء الطفل.
بلاغ مثير
على الجانب الأخر تلقى قسم شرطة الجيزة بلاغ من الأهالي أكثر إثارة يفيد بالعثور على جثة طفل صغير داخل برميل، بمنطقة ساقية مكي، انتقلت قوة أمنية لمكان البلاغ لفحص جثة الطفل تبين أنه عمره حوالي 7 سنوات، ولا توجد به أي إصابات ظاهرية بالجثة، سوي أثار خنق حول الرقبة، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة العامة.
قام رجال البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة بتحريات مكثفة لكشف لغز العثور على جثة «طفل البرميل» وتبين من التحريات تطابق أوصاف المجني عليه مع بلاغ أسرة الطفل المتغيب، تم استدعاء أسرة الطفل للتعرف على الطفل والتأكد من الأمر، كان المشهد عصيبًا ومؤلمًا على القلوب والعيون، لم تحتمل الأم المشهد العصيب صرخة مدوية كانت كفيلة بتقديم كافة الإجابات التي أراد رجال المباحث التأكد منها، سقطت مغشيًا عليها من هول الصدمة وتم نقلها إلى المستشفى بعد إصابتها بانهيار عصبي حاد، أما والد المجني عليه فغلبته دموعه ولم ينطق بكلمة واحدة، تحجرت الكلمات على لسانه وسيطر الوجوم والحزن على الجميع.
بدأ رجال البحث الجنائي تحريات موسعة للوصول إلى قاتل الطفل الصغير، اعتمدت خطة البحث على فحص كافة علاقات أسرة القتيل وتفريغ وفحص كاميرات المراقبة الخاصة بالمحلات التجارية المحيطة بموقع الحادث، حتى كشفت الكاميرات عن هوية القاتل مرتكب الجريمة، ويدعى صابر، 26 سنة، ويعمل كموجي بإحدى المحلات بالمنطقة المجاورة لمسرح الجريمة، تم إعداد مأمورية أمنية ومداهمة منزلة والقبض عليه بتهمة قتل الطفل الصغير.
وأمام النيابة العامة، قدم المتهم اعترافات تفصيلية، مؤكدًا إنه ارتكب جريمته في يوم الجمعة قبل وأثناء الصلاة مستغلًا هدوء الشارع وانشغال الأهالي بأداء الصلاة، مشيرًا إلى إنه شاهد المجني عليه يلعب مع أقرانه، فقفزت إلى ذهنه فكرة اصطحابه إلى منزله للتعدي عليه جنسيًا بعدما أقنعه بشراء بعض الحلوى، فاستجاب له الطفل وسار معه حتى وصولا إلى منزله بجزيرة الذهب، وأضاف المتهم إنه حاول اغتصاب الطفل لكنه فوجئ بمقاومته الشديدة وبكائه وصراخه المستمر، الأمر الذي دفعه لخنقه وبعد التأكد من وفاته قام بوضع جثته داخل البرميل ثم حمل البرميل وبداخلة الطفل وقام بالتخلص منه داخل مدخل إحدى العقارات المجاورة.
انتهت اعترافات المتهم «الذئب البشري»، حيث أمرت النيابة العامة بإحالته لمحكمة جنايات الجيزة، وبعد 6 أشهر من المداولات أصدرت المحكمة حكمها المتقدم بإعدام المتهم وإحالة أوراقة إلى فضيلة المفتي.