شددتني شخصية زينب الغزالي في مسلسل الجماعة، فرحت أبحث عنها فوجدت لها بعض الفيديوهات علي اليوتيوب، فهي كانت متكلمة بارعة وشخصية قوية، في أحد اللقاءات الجماهيرية لها، قالت نحن لسنا إخوان مسلمون، نحن الإخوان المسلمون.
ويبدو أنها كانت المرة الأولي التي تحتكر فيها قيادة إخوانية الدين الإسلامي وتقتصره علي الإخوان فقط، وإمتدادا لمدرسة الإحتكار أصبح من يتفق مع النظام هو مصري وطني أصيل ومن يختلف مع النظام فهو خائن وعميل وإخواني، حتى لو كنت مسيحياً ستتهم أنك إخوان مسلمين، أو سيتم التعديل لتصبح خائن وعميل، ولو أنك مسيحي وتعيش خارج مصر تصبح خائناً وعميلاً وممولاً وإخوانياً.
فكرة إحتكار الإخوان للدين الإسلامي فكرة ظهرت مع الجيل الأول للجماعة، فهم الفريق العاقل المتمسك بالدين بطريقة عصرية فهم يختلفون عن السلفيين الرجعيين ويختلفون عن المسلم المنفتح ويختلفون عن المسلم البسيط الذي لا يعرف من الدين غير القليل ويختلفون عن الشيعة، فهم الفرقة الناجية حسب الفكر الإسلامي وباقي المليار مسلم هم في نظرهم غير مسلمين، ولكن دعنا نترك أمر الإخوان لمن هم أكثر منا فهما ودراية بالدين الإسلامي ليردوا عليهم.
ودعونا نعود لإخوتنا السيساوية والذين يحتكرون الوطنية دون غيرهم، والذين يخونون الجميع وهم المدافعون عن الوطن وهم الذين حرورنا من الإخوان ولولاهم لأصبحت مصر كالعراق وسوريا وليبيا واليمن، مع أن سوريا في طريقها للاعمار منجديد، وهم يتناسون أننا ربما أصبحنا مثل تونس مثلا.
فكرة ربط الوطنية بالرئيس هي فكرة مصرية فرعونيه حتي أنهم كانوا يألهون الحاكم، خفتت قليلا ولكنها بدأت تظهر من جديد في عهد جمال عبد الناصر، ثم السادات وتأصلت كثيرا في عهد مبارك، فأصبح الولاء للنظام هو الوطنية ومعارضة النظام هي الخيانة، مع العلم أن لا يوجد نظام حكم وطني سليم بدون معارضة وطنية تتمتع بكل حقوقها في ممارسة طرقها الديمقراطية لمعارضة النظام، بل أن في الغرب الشعوب تعشق حكومة الأقلية حيث أن وجود حكومة أقلية هو ضمان أكثر لعدم تطرف الحكومات سواء كان الجناح اليساري أو اليميني.
ربما كان لطول فترة ديكتايورية جمال عبد الناصر سببا في ربط الوطنية بأسمه هو شخصيا وليس الوطن فكان يحب أن ينادي بزعيم الأمة ثم جاء تهور السادات وإنتقامه من معارضيه ليرسخ هذا الفكر ثم جاء مبارك بشراهته وحبه للبقاء في السلطة لتصبح المفهوم. وربما تكون الأجيال السابقة لها العذر فيربط شخصية الرئيس بالوطنية فهي أولا كانت مغلوب علي أمرها ثانيا الذين في الإربعينات من عمرهم وأقل الأن الآن لم يروا قبل٢٠١١ غير رئيس واحد ولدوا فيعهده وكبروا في عهده وهؤلاء يمثلون غالبية سكان مصر.
ولكن الأجيال الجديدة والتي تغيرت فيها شخصية الرئيس خمس مرات من من ٢٠١١ ل٢٠١٤ ما هو عذرهم؟
الحقيقة ان هؤلاء الوطنيون الجدد كلما أختلفنا معهم يرفعون صوتهم بتحيا مصر، وكأن غيرهم لا يريد أن تحيا مصر. هؤلاء. هتفوا تحيا مصر لمبارك ثم المجلس العسكري ثم مرسي ثم عدلي منصور فالسيسي. وأتذكر عندما ذهبت لنيويورك للتظاهر ضد محمد مرسي أمام مبنى الأمم المتحدة ثم لاحقناه أمام أحد الفنادق لنهتف أمامه يسقط يسقط حكم المرشد، خرجت علينا مجموعه من المصريين تهتف تحيا مصر، هؤلاء لم يكونوا كلهم إخوان ولا سلفيين بل كان من بينهم مصريين مسيحيين ومسلمين يرون فينا أننا أعداء الوطن وأننا خونة وهم المصريين الوطنيين الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن بتحيا مصر، هؤلاء تحولوا لتأييد النظام وأستخدموا نفس الشعار ولو تغير غدا النظام وأتي شخص غير السيسي سيهتفون تحيا مصر وسيؤيدونه فهم خلف النظام مهما كان شكله ولونه والدليل هجومهم هذاالأسبوع علي علاء مبارك الذي كانوا يهتفون بحياته وحياة والده وقت أن كان في الحكم.
ليس عيبا أن تحب السيسي وتشعر أنه رجلا وطنيا وتسانده، العيب أنك تكون مستعد لمساندة أي رئيس ثم تذهب لتخوين الأخرالذي يرفض الإنبطاح في كل عصر ولكل نظام مثلك، أن تعودت على الإنبطاح وهذا شأنك ولكن غيرك تعود أن لا يحني ظهره وهذه حريته، فلماذا التخوين ونحن نعيش في فترة متقلبة ومتغيرة ورأينا فيها مواقف الناس ودورها، وصدقني لولا من تصفهم بالخونة والذين كانوا في مقدمة الصفوف لمقاومة الإخوان لما وصل السيسي للحكم ولما استطاع التغلب علي الإخوان.
أخيرا ستتغير الأنظمة وسيرحل الأشخاص وسيبقي الوطن وسيبقي إخلاصنا للوطن لا غير، ولن يخفينا تهديد بالذبح أو قطع الرقاب بل سنحب وطننا بما يتناسب مع قيمنا ومبادئنا التي تربينا عليها نحن مقتنعون بها، وسنهتف تحيا مصر الوطن وسنعيش ونخلص للوطن وحده وليس لشخص أو نظام.
رابط المقال في إبلاف أضعط هنا