بقلم: مدحت عويضة
لم يعد يتبقي من النضال السلمي للأقباط غير صفحات الفيس بوك لبعض الشباب الغيور
علي وطنه ودينه، ومازال هناك بقايا لبعض الأصوات في المهجر المتمسكة بحقوق المواطنة الكاملة والممسكة بمبادئها
وقيمها، في وسط ظروف صعبة جدا فأصبحنا
كمن يمسك الجمر براحتيه.
ولكن كلما وجدنا صوتا من واشنطن أو من أستراليا أو كندا يتكلم يولد الأمل من جديد
فدعوة سليم نجيب في كندا وشوقي كراس في أمريكا وسمير حبشي في أستراليا وعدلي أبادير في سويسرا
لم تمت بعد، نعم لم تعد
بمثل القوة التي كانت عليها ولكنها باقية ترسل شعاعا من النور في وسط الظلام الدامس والذي للأسف يعتبره البعض نورا فآصبحت الحرب علينا
من الداخل أكثر من تلك التي تأتي من الخارج. وفي الأيام الماضية أشتعل الفيس بوك
بطلبات للشباب القبطي بعودة لجان النصح والإرشاد
التي تم إلغاؤها سنة ٢٠٠٨ بعد قضية وفاء قسطنطين.
ولنلقي نظرة تاريخية علي جلسات النصح والإرشاد التي بدأت في عهد لاحت في أفقه خيوط الفجر وهو عهد الخديوي إسماعيل. والذي أصدر مرسوما خديويا سنة ١٨٦٣ بتطبيق جلسات النصح والإرشاد لمن يرغب في تحويل دينه من المسيحية للإسلام، وجاء في القرار الخديوي أن يتم تكوين لجنة من كاهن قبطي وعدد من عمد الأقباط علي أن يجلس هؤلاء مع من يرغب في ترك المسيحية للإسلام. وصارت علي هذا الشكل الأمور حتي قيام ثورة ١٩٥٢. وحلت القرارات الوزارية محل
الأوامر الخديوية لتحل محلها القرارات الوزارية. وفي سنة ١٩٦٩ صدر الكتاب الدوري من وزارة الداخلية وحمل رقم ٤٠ ثم تلاه المنشور رقم ٥ لسنة ١٩٧٠ والمنشور رقم ٥ لسنة ١٩٧١، وهو أن يحضر كاهنا في وجود مندوب من وزارة الداخلية لعقد جلسه نصح وإرشاد مع من يريد التحول من المسيحية إلي الإسلام. علي أن تقوم لجنة بإرسال ملف طالب إشهار الإسلام لمديرة الأمن التابع لها الشخص ولا يتم إشهار إسلامه إلا بعد إنتهاء جلسة النصح والإشاد.
أستمر الحال كذلك حتي جاءت قضية وفاء قسطنطين وبعدها تم إلغاء جلسات النصح والإرشاد، ولكن علينا أن ننوه أن الألغاء لم يحترم القانون ولا الدستور فتم إلغاء قرار وزاري صادر من وزارةالداخلية بطريقة شفهية. ولم يلغي بقرار وزاري مثله حتي لا يتم الطعن عليه أمام المحاكم. وبالتالي أصبح ما يجري من سنة ٢٠٠٨ بشأن إشهار الإسلام لمعتنفي الديانة المسيحية يخالف القانونوالدستور.
الأيام الماضية شهدت أخبار عن أسلمة أكثر من فتاة قبطية ومعها نشط الشباب القبطي بضرورة عودة جلسات النص والإرشاد من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. والحقيقة أن الدولة المدنية التي من أجلها شاركنا كمصريين في ثورتين ومن أجلها ناضلنا وضحينا كل منا علي قدر إمكانياته، تجعلنا نشعر بالإحباط ونحن نناقش أمر كهذا، فحلمنا كان دولة عصرية يطبق فيها قانون واحد علي الجميع بغض النظر عن الدين، قانون واحد لمن يريد ترك ديانته لديانة أخري وقانون واحد لمن يريد بناء دور عبادة ليتعبد ولكننا وبعد كل هذا نطالب بإرجاع قانون أصدرة الخديوي إسماعيل وتم تعديله في عهد عبد الناصر ثم السادات!!!!!.
وعندما يثار هذا الموضوع أتعجب من القانون المصري الذي يعتبر سن ٢١ سنة هو السن القانوني لممارسة الحقوق المدنية أي الحق في البيع والشراء. فالقاصر في مصر لا يستطيع بيع شقته أوقطعة أرض ورثها
مثلا. لكن القانون يجوز له تغيير دينه!!!!. هذا إذا كان مسيحيا أما إذا كان مسلما فلا يجوز له تغيير دينه لا
قبل ١٨ ولا ٢١ ولا بعدهما!!!.
لذلك أجد أن المطالبة بعودة لجنة النصح والإرشاد مطلب لابد أن يتبعة رفع سن قبول طلب التحول من أي
ديانة لأخري ل ٢١ سنة، بل ومازلت أحلم بقانون واحد يطبق في حالات التحول علي جميع
معتنقي الإديان.
نعم أنه حلم ولكن نستطيع تحقيقة فإزاحة مبارك من السلطة كان حلما والخلاص من الإخوان كان حلما وتم
علي يد الشعب المصري. وعندما أقول الشعب المصري أقصد الشعب مسلمين وأقباط ويهود وبهائيين وملحدين، فالسود لم يأخذوا حقوقهم غير بعد إقتناع البيض بضرورة المساواة بل والإشتراك في المظاهرات معهم حتي تحقق الحلم، لذلك أتعجب من كتابنا ومفكرينا والذين نطلق عليهم التنوريين من صمتهم فيا أساتذتي أن لم تتكلموا الآن فمتي ستتكلمون؟؟