كتبت : هناء عوض
العلاقات المصرية الليبية ممتدة على كل الأصعدة، ويأتي على رأسها العلاقات الاقتصادية، التعاون الاقتصادي الجديد ينبئ بتطورات إيجابية في الفترة المقبلة مع سعى الجانب الليبي إلي فتح قنوات اتصال مع كافة الأطراف لجهود إعادة إعمار ليبيا.
فقد شهدت التسعينات تطوراً ملحوظاً في العلاقات وخصوصا بعد حادث لوكيربي وما فُرض على الشعب الليبي من حصار.
عند احتدام الأزمة الاقتصادية الداخلية لليبيا وجراء نقص السلع الأساسية قام النظام بفتح الحدود والمنافذ الليبية على دول الجوار ومن ثم ازدهرت التجارة بين ليبيا ومصر وتدفقت العمالة المصرية لليبيا مثلما لم تتدفق من قبل.
يعمل البلدان على تفعيل اتفاقية التجارة المشتركة بينهما والموقعة عام 1990، وكذلك الاتفاقية التى وقعت على هامشها والخاصة بالنقل والركاب حيث اصبحت الاتفاقية فى حاجة ماسة للتعديل والتطوير لتتواكب مع التطورات والتغييرات التى طرأت على آليات الاقتصاد العالمى على وجه العموم، وعلى اقتصاد البلدين بشكل خاص.
العلاقات الاقتصادية:
في 3 يوليو 2008 انعقدت اللجنة العليا المصرية الليبية بالقاهرة تم خلالها التوقيع علي إطار استراتيجي للتعاون الاقتصادي بين البلدين يستهدف:
1- تحديد المشروعات الاستثمارية و تحديد أعداد العمالة المصرية المطلوبة في ليبيا.
2- دفع قيمة الإستثمارات الليبية في مصر وقيام الجانب المصري بتقديم فرص استثمارية بنحو 8 مليار دولار من خلال عدة مشروعات أهمها:
– الرافد الرابع بمشروع توشكى و القائم علي المياه النيلية
- أراضي الفرافرة بالوادي الجديد التي تعتمد علي المياه الجوفية
– مشروعات محددة في المجالات الصناعية و التعدين و الطاقة ( الاتفاق علي إقامة خط غاز طبيعي من طبرق إلي الإسكندرية و إنشاء مصفاة للبترول غرب الإسكندرية بتمويل ليبي )
– اقتراح مساهمة ليبيا في تصنيع المازوت بمعمل تكرير أسيوط.
– مشروعات في مجالات النقل و البنية التحتية.
– الاتفاق بالإسراع علي دراسة المنطقة الصناعية و الخدمية الحرة المشتركة من مرسي مطروح حتي طبرق. – عرض لإتاحة أراضي في القاهرة الجديدة أو في مدينة 6 أكتوبر لإنشاء مدينة الفاتح علي غرار مدينة الشيخ زايد.
– عرض الجانب الليبي توطين 250 ألف مصري. تقنين أوضاع العمالة المصرية في ليبيا.
وخلال 2008 تم ضخ مليار دولار استثمارات ليبية في السوق المصرى تخص المشروعات التنموية في مجال الزراعة والصناعة .
وفى مارس 2008 تم الاتفاق على رفع حجم الاستثمارات الليبية في مصر ليصل الى 3 مليارات و15 مليون جنيه في 7 مجالات هى ( الصناعة – الزراعة – التمويل – الخدمات – الإنشاءات – السياحة – الاتصالات و المعلومات ) بالإضافة إلى برامج التعاون الموقعة بين البلدين، وفى مقدمتها مجالات الكهرباء والطاقة والصحة والبترول والتشيد والبناء والمواد الغذائية والملابس الجاهزة والتى أسفر عنها تأسيس 5 شركات مشتركه بين مصر وليبيا لنقل خطوط الغاز الطبيعى للمنازل والمصانع الليبية، بالإضافة إلى إنشاء أول بنك وشركة تأمين بالمشاركة مع ليبيا لدفع حركه الإستثمار.
في نهاية عام 2008 تم الاتفاق بين مصر وليبيا على استثمار 5 مليارات دولار في 3 مشروعات للطاقة في مصر تتضمن بناء مصفاة جديدة طاقتها 250 ألف برميل يوميا وتحديث مصفاة مصرية قديمة وفتح 500 محطة برميل في مصر .
عَقدت اللجنة العليا المصرية ـ الليبية المشتركة دورتها العاشرة في ديسمبر 2009 بالعاصمة الليبية ،ناقشت عدة ملفات مهمة من بينها:
1- إعطاء دفعة قوية لزيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين تصديرا واستيرادا ، وأهمية تعريف المستثمرين من الجانبين بما يتمتع به كل بلد من إمكانيات وفرص استثمارية كامنة.
2- تفعيل اتفاقيات الحريات الأربع وزيادة الاستثمارات الليبية في مصر خاصة في القطاع السياحي والفندقي والبترول حيث تم بحث تنفيذ وإنشاء مصفاة لتكرير البترول في أسيوط ومشروع لإنشاء شركة مشتركة للمصايد بين مصر وليبيا.
3- بحث تفعيل إنشاء مدينة الفاتح في التجمع الخامس وإقامة مشروعات مشتركة في الدول الأفريقية جنوب الصحراء.
4- بحث مشروعات شركات الكهرباء المصرية في مجال الربط الكهربائي بين مصر وليبيا.
5- بحث مشاركة شركات المقاولات المصرية في النهضة العمرانية في ليبيا مع إنشاء منفذ مشترك بين مصر وليبيا لتسهيل عملية الانتقال للأفراد والشاحنات والبضائع والسلع والخدمات بين البلدين ثم من مصر إلي تونس عبر ليبيا.
6- عقد خمس لجان لتقنين أوضاع العمالة المصرية في الجماهيرية الليبية.
7- اتفاق في مجال التعاون بين البورصة المصرية وسوق الأوراق المالية الليبية وشركة مصر للمقاصة ينص على تبادل ونشر المعلومات والتعاون الفني وتدريب العاملين ونقل الخبرات فضلا عن اتفاق أطر بين سوق الأوراق المالية الليبية وشركة مصر للمقاصة لوضع نظام آخر لتداول بعض المستحدثات المالية الجديدة.
8- تسهيل أعمال المستثمرين في البلدين لتنفيذ العديد من المشروعات الصناعية في مجالات الطاقة، الصحة، التشييد والبناء، المواد الغذائية، الملابس الجاهزة.
9- زيادة التعاون في مجال البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات.
10- بحث إنشاء منطقة صناعية وتجارية واستثمارية وخدمية حرة بين البلدين.
11- توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال المراكز البحثية والتكنولوجيا.
12- توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاشتراك في المعارض والأسواق الدولية.
وعلى صعيد العلاقات التجارية فقد تضاعف حجم التبادل التجاري عام 2008 ليبلغ 869 مليون دولار مقارنة ب 448 مليون دولار عام 2007، وجدير بالذكر أن إمكانيات البلدين وقدراتهما الإنتاجية تمكنهما من تحقيق المزيد من النمو خاصة في ضوء كبر حجم السوق بهما وما تشهدانه من تنمية شاملة في كافة المجالات.
وفى مجال الاستثمار.
تتميز العلاقات بين مصر وليبيا حيث يوجد في مصر عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية والشركات بمساهمة ليبية بلغ عددها في إحصاء خلال نوفمبر 2009 نحو 324 شركة أكثر من 55 % منها أغلبيته ليبية وهى شركات متنوعة النشاط منها الأنشطة الخدمية والسياحية والزراعية والإنشاءات والصناعة والاتصالات.
وفى مجال الكهرباء تعد مصر والجماهيرية الليبية في طريقهما للتكامل التام في مجالات الكهرباء بعد ربط شبكتي البلدين في شبكة واحدة وتبادلها للطاقة في الاتجاهين لاستغلال الفائض في أوقات الذروة بطرق اقتصادية، وانه يجري كذلك تدعيم هذا التعاون برفع الجهد علي خطوط الربط من 220 إلى 400 و500 فولت لمزيد من التعاون.
اتفقت مصر وليبيا في 6 أغسطس 2012 خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء الليبي عبد الرحمن الكيب لمصر والوفد المرافق له الذي يضم وزراء:
العمل والاقتصاد والتربية والتعليم والعدل والبحث العلمي والتعليم العالي والزراعة والثروة الحيوانية والمالية ورئيس الأركان الليبي.
علي تشديد إجراءات الرقابة علي المنافذ الحدودية المشتركة، لمنع عمليات تهريب البضائع والسلع التي تؤثر سلبا علي الصناعات المحلية بالبلدين بجانب تأثيرها السلبي علي إيرادات مصر من الرسوم الجمركية والضرائب.
اتفق الجانبان علي الانتهاء من مشروع الربط الالكتروني بين وزارتي القوي العاملة في البلدين لتوثيق عقود العمالة المصرية وبحث القضايا العالقة فيما يخص تعويضات الأفراد والشركات المتضررة من الثورة الليبية.
وأكدت الحكومة المصرية علي تقديم جميع أوجه الدعم لليبيا، و استعداد مصر للمساعدة في عمليات بناء المؤسسات الليبية من خلال تقديم الدعم الفني بجانب تدريب الكوادر الليبية.
أُعُلن عن توقيع مذكرتي تفاهم بين البلدين الاولي في التبادل الالكتروني والثانية في مجال التعليم العالي.
التعاون في مجال الطاقة:
في 23 ديسمبر 2016، بعد يومين من تشغيل حقلي الفيل والشرارة في جنوب غرب ليبيا، بقدرة 270 ألف برميل يومياً، وصل وفد برئاسة مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية الى القاهرة لبحث التعاون مع وزارة البترول المصرية لإعادة تأهيل مرافق صناعة الطاقة في ليبيا.
حقلا الفيل والشرارة في جنوب غرب ليبيا هما تحت سيطرة الجيش الليبي. ولوصول انتاجهما إلى مصفاة الزاوية على الساحل بإقليم طرابلس، وافق حرس منشآت النفط وكتائب الزنتان على فتح “صمام الرياينة” لمرور النفط إلى مصفاة الزاوية، التي تنتج البروبان (غاز البوتاجاز) والبيوتان.
وتستورد مصر كميات كبيرة من البروبان والبيوتان منذ الانهيار المفاجئ لانتاجها من الغاز في 2011.
وهناك عدة معوقات تواجه زيادة التعاون الاقتصادى بين مصر وليبيا، هي السبب الرئيسى وراء التراجع الحالى الذى تشهده مؤشرات التعاون وحركة التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث تراجع حجم التبادل التجارى من 2.5 مليار دولار عام 2010، إلى نحو 500 مليون دولار في 2018 .
فيما كانت الاستثمارات الليبية فى السوق المصرى تقدر بـ10 مليارات دولار، فى مجالات البترول والسياحة والعقارات والسوق المصرفى.
وهناك فرصا واعدة لشركات المقاولات المصرية للمشاركة فى مشروعات إعادة الإعمار، مع وجود إصلاحات اقتصادية عديدة أقدمت عليها الحكومة الليبية من أجل تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الخارجية، ومنها تدخل البنك المركزى الليبى لتحرير سعر صرف الجنيه الليبى أسوة بما فعلته مصر فى هذا المجال وسيكون لهذه الإصلاحات دور بالغ الأهمية فى رفع كفاءة الاقتصاد الليبى وتنشيط حركة التبادل التجارى والاستثمارى مع مختلف دول العالم وأهمها مصر بالمنطقة العربية.
كما أن تفعيل غرفة التجارة المصرية الليبية يعد خطوة لتعزيز التعاون التجاري والتكامل الاقتصادي بين مصر وليبيا وتوفيرحرية في انتقال الافراد ورؤوس الأموال والسلع والخدمات وإزالة العراقيل ، ومساعدة الشركات لتسهيل حركة البضائع .
.فى اكتوبر 2018 قد أكد محمد الرعيض رئيس اتحاد الغرف الليبية أن تفعيل غرفة التجارة المصرية الليبية يعد خطوة لتعزيز التعاون التجاري والتكامل الاقتصادي بين البلدين وأشار خلال اجتماع الذى نظمه اتحاد الغرف المصرية ونظيره الليبي بمشاركة 130 مستثمر ليبي و انه سيتم عقد الاجتماع الثاني للغرفة في طرابلس وبني غازي خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن العلاقات المصرية الليبية عميقة وتاريخية .
وانه يسعى الى تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين ،ولابد من التكامل والعمل المشترك خاصة أن ليبيا مرت بمراحل صعبة وتحتاج إلى عمل كثير لإعادة الإعمار.
وأشار إلى ضرورة قيام الاتحادين والغرفة المشتركة بالسعي لتنفيذ مشاريع مشتركة لإعادة إعمار لبييا وخاصة فى مجال النقل واللوجستيات والطرق والموانئ والبنية التحتية والكهرباء استنادا لخبرة مصر فى الخطة العاجلة للكهرباء والمشروعات الكبرى ، والمشاركة فى مشروعات صناعية والتى لمصر خبرة وتكنولوجيا رائدة فيها مثل صناعة مواد البناء والبتروكيماويات والصناعات الغذائية.
كما ان السوق الليبية ستصبح جاذبة للعمالة المصرية مع إعادة الاعمار المقبلة خاصة أنها كانت تبلغ 2مليون عامل وتراجعت بنسب تتراوح من 35 الى 40% عقب الثورات.
وأن هناك فرص كبيرة لزيادة التبادل التجاري بين البلدين والذى تراجع لنحو 25% مما كان عليه قبل الثورة .
ديسمبر 2018 استقبل طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، كل من الصديق عمر الكبير محافظ البنك المركزي الليبي، ومحمد نجيب الجمل مدير عام المصرف الليبي الخارجي، وذلك بمقر البنك المركزي المصري.
اللقاء عقد في إطار تدعيم التعاون المشترك بين مصر وليبيا في كافة المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي.
وكان عامر قد شهد افتتاح المقر الرئيسي الجديد لبنك ABC مصر بالقاهرة الجديدة، تكريماً للضيفين الليبيين، حيث يمتلك الجانب الليبي حصصا في كل من مجموعة بنك ABC والمصرف العربي الدولي وبنك SAIB وبنك قناة السويس.
انطلقت فعاليات ملتقى بناة مصر فى دورته الخامسة بالقاهرة ، في يونيو2019، في حضور نواب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وعدد كبير من القيادات الحكومية، وشركات المقاولات، ورؤساء البنوك، لمناقشة ملف تصدير العقارات والمقاولات الذي أصبح أحد المرتكزات الرئيسية للدولة المصرية فى اختراق الأسواق الأفريقية والعربية، ودعم جهود الدولة في إعادة إعمار المناطق المدمرة التي كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية في ليبيا والعراق.
قال رئيس اتّحاد الغرف التجارية الليبية محمّد الرعيض في اتصال هاتفى مع “المونيتور”:
“سواعد أشقائنا المصريين أولى من العمالة الأجنبية في اعادة اعمار ليبيا، إضافة إلى أن عودة الاستثمارات ستساهم في زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وليبيا والذي كان انخفض من مليار و377 مليون دولار إلى 455 مليون دولار فقط في عام 2013
وفي 17 مارس 2019، عقدت الحكومتان المصرية والليبية اتفاقية لتنظيم دخول العمالة المصرية إلى ليبيا، فى إطار الخطّة المعلن عنها لإعادة إعمار ليبيا، وتم الاتّفاق بين الجانبين على أن يكون هناك مكتبان للتنسيق، أحدهما في مدينة السلوم المصرية على الحدود والآخر فى مدينة مساعد الليبية.
تستقبل ليبيا حاليا مختلف أنواع الصادرات المصرية من السيراميك والدهانات ومختلف مواد البناء والأثاث والسلع الغذائية والزراعية وتستحوذ المنطقة الشرقية بليبيا على نحو 70% من الصادرات المصرية الداخلة إلى ليبيا.
ولا شك ان اعادة استقرار الأمن بليبيا سيعود على التجارة البينية بين البلدين بمزيد من التدفق والتبادل الإيجابى.