كتبت : نازك شوقى
جمهورية السودان هي دولة عربية تقع في شمال شرق أفريقيا تحدها من الشرق إثيوبيا وإريتريا ومن الشمال مصر وليبيا ومن الغرب تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى ومن الجنوب دولة جنوب السودان. وهي ثالث أكبر بلد من حيث المساحة في أفريقيا، فضلا عن كونها كذلك ثالث أكبر الدول العربية من حيث المساحة.
تمتد الحدود المصرية السودانية نحو 1273كم، ويمثل السودان العمق الاستراتيجى الجنوبي لمصر، لذا فإن أمن السودان واستقراره يمثلان جزءًا من الأمن القومي المصري
تاريخ الحدود المصرية السودانية
في عصرى الدولة الوسطي والدولة الحديثة بمصر ضمّ أحمس جزءاً في جنوب مصر أطلق عليه فيما بعد كوش. وأصبحت اللغة المصرية القديمة هي اللغة الرسمية.
ووصل تحتمس الثالث حتى الشلال الرابع.
وكان ملوك الدولة الحديثة يعينون نوابًا عنهم لإدارة الجنوب المصري.
وفى القرن التاسع عشر، منذ أن بدأ محمد علي والى مصر في بناء الدولة الحديثة.
ففي عام 1820 ،كان فتح السودان وذلك لأن محمد على لم يكن يغفل أهمية السودان الحيوية لمصر فأصبح كياناً إدارياً وسياسياً واحداً،
وقد استمرت مرحلة التوحيد والتكوين هذه حوالى نصف قرن، إلى أن اكتمل السودان الحديث في العام 1874 بعد أن تم إلحاق سلطنة دارفور بالسودان على يد الزبير باشا الذي كان قائدا سودانيا تحت إمرة الخديوي إسماعيل،
ضم إقليم جنوب السودان من خلال ثلاث حملات استكشافية أثقلت كاهل الخزانة المصرية، وهو ما ساهم بعد ذلك، وقوع مصر تحت طائلة الديون الأجنبية، مما أفسح الطريق بعد ذلك للتدخلات الأجنبية التي انتهت باحتلالها من قبل بريطانيا عام 1882.
ظل الترابط بين السودان ومصر قائماً ولم ينقطع إلا لفترة محدودة في عهد الدولة المهدية (من 1885 إلى 1898)، حيث عادت مصر مرة أخرى للسودان عبر الحكم الثنائي (المصري-البريطاني)
إلى أن حصل السودان على استقلاله في الأول من يناير 1956
وبعدها أصبحت العلاقات المصرية السودانية تمر بحالات من المد والجزر،
– إلى أن تدهورت العلاقات المصرية السودانية خاصة في
فترة حكومة “الصادق المهدي” عندما طلبت إلغاء ميثاق التكامل المصري السوداني، وأحلت محله ما أطلق عليه “ميثاق الإخاء”، وهو تعاون أقل كثيراً من التعاون الذي كان مخططاً له، طبقاً لميثاق التكامل.
في عقد التسعينيات من القرن العشرين،منذ قيام ثورة الإنقاذ عام 1989 تدهورت العلاقات المصرية السودانية بشكل غير مسبوق، وصل إلى مستوى الحرب الباردة الحقيقية، ،عبر الشحن الإعلامي المستمر والتعبئة ضد ما كان يصور على أنه خصم خارجي، وهو ما أوجد جيلا في السودان ينظر إلى مصر بعين الريبة
في 29 مارس 2011 أثناء زيارة رئيس الوزراء المصري عصام شرف للسودان، وقعت مصر عدة اتفاقيات، شملت الإعداد لمشروعات مشتركة في مجال الأمن الغذائي وتشجيع الاستثمارات بين البلدين في مختلف المجالات. وشملت وعودة بعثة جامعة القاهرة فرع الخرطوم، بالإضافة إلى بحث مشكلة مياه النيل والسعي لحل الخلافات بالحوار والتفاهم بين دول الحوض.
أسباب تدهور العلاقات بين مصر والسودان
شهدت العلاقات المصرية السودانية في السنوات الأخيرة تذبذبا على وقع خلافات عدة،
تدهور العلاقات وأدت إلى سحب السودان سفيرها إلى مصر
وكان السودان فرض تأشيرات دخول على المصريين الرجال من سن 18 إلى 50 عاما في خطوة أشار المتحدث باسم الخارجية السودانية حينها إلى أنها تأتي في نطاق المعاملة بالمثل.
إلا أن نقاط الخلاف بين القاهرة والخرطوم تمتد إلى أبعد من ذلك، ومن أبرز هذه النقاط:
– مثلث حدودي(حلايب وشلاتين) ،
– سد النهضة،
– اتهامات متبادلة بين الطرفين
مشكلة حلايب على مر الأزمان
تطالب مصر والسودان بالسيادة على منطقة حلايب، الواقعة على البحر الأحمر والتي تبلغ مساحتها 20 ألف كيلومتر مربع.
كانت الحدود المصرية السودانية مستقرة، ومعتمدة على اتفاقية 1988 الموقعة بين مصر وبريطانيا، باعتبارهما أصحاب الحكم الثنائى على السودان،
إلى أن بدأت الأزمة فى 1958 عندما أعلنت الحكومة السودانية عن ترسيم الدوائر الانتخابية للبرلمان السودانى التى كانت ستجرى فى 27 فبراير 1958، وشمل هذا التقسيم مثلث حلايب وشلاتين، ، حيث أدخلوهم فى تحديد الدوائر الانتخابية السودانية.
الحكومة المصرية اعتبرت أن هذا التقسيم مخالف لاتفاقية 1899 فأرسلت ثلاث مذكرات على التوالى للحكومة السودانية فى 1958 تلفت نظرها لذلك، كما أوضحت أن ظروف الاستفتاء المصرى على قيام الوحدة المصرية السورية وانتخاب رئيس الجمهورية المحدد له 21 فبراير 1958 تقتضى إنهاء هذه المسألة بسرعة حتى يتمكن المواطنون من الإدلاء بأصواتهم، وللمرة الثانية لم ترد الحكومة السودانية، وللمرة الثالثة حذرتها بأنها سترسل لجانًا للاستفتاء إلى هذه المناطق والذى سيجرى فى 21 فبراير، ومعها نقطة بوليس حدود.
وبينما كانت القاهرة تتجنب أى صدام مع الأشقاء فى السودان، كانت الخرطوم تسير عكس الاتجاه، خاصة أنه كان يرأس حكومة السودان آنذاك عبدالله خليل، رئيس حزب الأمة المعادى لمصر، ، فصعد مشكلة حلايب وشلاتين قبل الانتخابات بأيام قليلة، حيث أذاع مجلس الوزراء السودانى بيانًا، تحت عنوان «تدخل الحكومة المصرية فى الحدود السودانية»، وأعلنت الحكومة السودانية فى بيانها أنها ستدافع عن أراضيها، فلجأت الخرطوم إلى مجلس الأمن وقدمت مذكرة للأمم المتحدة، واستجاب مجلس الأمن لطلب الخرطوم،
منذ عام 1958 يطالب السودان بمثلث حلايب وشلاتين وتقول القاهرة إنها أراض مصرية.
وفى 21 فبراير 1958وعقد اجتماع طارئ لمناقشة الطلب السودانى، وفى المقابل رفضت القاهرة الانسياق خلف السودان ، وقرر جمال عبد الناصر، وقتها تهدئة الوضع، وبالفعل منذ أن عقد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن فى 21 فبراير تجمد الأمر، .
فى 1992عادت القضية مرة أخرى وتحديدًا ، بعدما وقعت حكومة السودان مذكرة مع شركة كندية بشأن التنقيب على البترول فى أغسطس 1991، ، لتضم منطقة مثلث حلايب بالكامل وعلى ضوء ذلك كلفت وزارة الخارجية المصرية، السفير المصرى بالعاصمة الكندية، أوتاوا، بالتواصل مع الشركة الكندية.
وبالفعل اتصل السفير بالشركة الكندية فى فانكوفر، وأخطرها بأن الاتفاقية الموقعة بينها وبين الحكومة السودانية تمتد خارج الأراضى السودانية، وفى جزء من الأراضى يخضع للسيادة المصرية، كما قدم احتجاجًا رسميًا للشركة على توقيع الاتفاق فى منطقة لم تسوى أوضاعها القانونية بعد، وإلزام الشركة الكندية بسحب آلاتها ومعداتها من المنطقة، وقدمت للشركة وثائق وخرائط تثبت حق مصر فى منطقة حلايب.
لكن الخرطوم لم ترد على الاحتجاج المصرى لكنها قررت البدء فى حرب التصريحات ضد مصر واستمر الهجوم الإعلامى السودانى على مصر، إلى أن زار القاهرة اللواء الزبير محمد صالح، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الوزراء، ووزير الداخلية السودانى تلبية لدعوة رسمية وجهت له من الجانب المصرى،
وتم الاتفاق على تشكيل لجنتين مشتركتين بين البلدين، الأولى على المستوى الوزارى للسياسة والإعلام وتضم الوزراء المعنيين فى البلدين لبحث التنسيق فى الشؤون السياسية والإعلامية والأمنية،
والثانية مؤقتة لبحث الحدود المشتركة بين البلدين وتسويتها وكان يرأس هذه اللجنة من مصر الدكتور أسامة الباز، ومن السودان محمد عثمان ياسين وكيل أول وزارة الخارجية السودانية.
فى يونيو 1993 قدمت السودان أربع مذكرات إلى مجلس الأمن بشأن الخلاف الحدودى حول مثلث حلايب، وفى الوقت نفسه اتخذت الحكومة السودانية قرارات تصعيدية حادة تجاه مصر تمثلت فى ضم مدارس البعثة التعليمية المصرية إلى وزارة التعليم السودانية كما تم إغلاق فرع جامعة القاهرة فى السودان وتحويله إلى جامعة سودانية باسم جامعة النيلين وزادت العلاقات توترا بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا فى عام 1995 والمتهم فى الوقوف خلفها السودان
وفى أغسطس 2008 صرح الرئيس المعزول البشير أن حلايب وشلاتين سودانية و يعقب على هذا التصريح دكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ الدراسات الأفريقية “إثارة قضية حلايب وشلاتين فى هذا التوقيت ورائها محاولة أمريكية لإسكات الصوت المصرى عن أى تسوية فى جنوب السودان تمنع تقسيمه وانفصاله وأبعادها عن القضية الفلسطينية و إسكات صوتها الرافض لتوجيه ضربة امريكية للعراق
فى يناير2013 أبلغ السودان مجلس الامن الدولى إعتراضه على التواجد المصرى فى منطقة حلايب تأكيدا فى عدم التفريط فى المثلث باعتباره حقا أصيلا
وفى2016 رفضت مصر طلبا من الخرطوم لبدء مفاوضات
لتحديد الأحقية فى السيادة على المنطقة الحدودية أو اللجوء للتحكيم الدولى
تحتج الخرطوم من وقت لآخر على إدارة مصر لمثلث حلايب وشلاتين الحدودى وأعيد فتح الملف مرة اخرى مرة أخرى بعد اتفاقية ببن مصر والسعودية حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين فى البحر الأحمر
مع كل قمة بين الإدارة المصرية والسودانية يتجدد الحديث عن قضية الحدود العالقة بين مصر والسودان المتمثلة فى النزاع على مثلث حلايب وشلاتين الذى يمثل أهمية استراتيجية وعسكرية كبيرة بالنسبة للطرفين المصرى والسودانى تضمن للطرفين استقرارهما السياسى والأمنى
تعليق واحد
تعقيبات: غموض حول وفاة شرطى سودانى سابق بالقاهرة والخرطوم تحقق فى الأمر – جريدة الأهرام الجديد الكندية