كتبت هناء عوض
استطاع تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش “وضع اقدامه في الأراضي الليبية مستفيداً من الفوضى السياسية والأمنية التي أعقبت ثورة 17 فبراير 2011 في ليبيا، البلد الغني والذي يحوز أكبر احتياطات للنفط في القارة الإفريقية.
العوامل التى ادت الى ظهور داعش ونشأته فى تلك المرحلة:
– عامل الفراغ الأمني والعسكري الذي شهدته مناطق ليبية بسبب سقوط النظام الليبي بقيادة القذافي، ودخول فصائل المعارضة الليبية في خلافات حادة أدت إلى حدوث فوضى كبيرة.
– العامل الاقتصادي، استغلت بعض التنظيمات الجهادية الحالة السائدة في شمال ليبيا المطل على مياه البحر المتوسط الغني بالنفط، وسيطرت على آبار نفط استطاعت عبرها تمويل نشاطها وإحداث تطور في بنيتها التنظيمية.
- العامل التنظيمي والفكري، شكلت سيطرة تنظيم أنصار الشريعة وانتشاره الواسع في مدينة درنة، إضافة إلى وجود عدد من القبائل التي كانت موالية لنظام معمر القذافي، شكلت بيئة ملائمة لظهور تنظيم الدولة، وقد عقدت مجموعات أنصار الشريعة في شهر ديسمبر 2013 اجتماعاً سرياً في تونس وليبيا والمغرب ومصر وأخرى من جبهة النصرة، لوضع خطة قتال جديدة في المنطقة، ومحاولة لإعادة تقويم قدرات الجماعات المسلحة المنتشرة في جبهات القتال.
نشأة داعش فى ليبيا:
بعد الحرب الأهلية الليبية 2011، والتي أسفرت عن الإطاحة بالعقيد معمر القذافي وحكومته، ذهب العديد من المتمردين المقاتلين إلى سوريا للقتال إلى جوار المسلحين الذين يقاتلون بشار الأسد والموالين له بالحرب الأهلية السورية عام 2012.
وبعد توسع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا اعلنت إحدى مجموعات المقاتلين الليبيين في سوريا عن إنشاء ميليشيا باسم لواء البتار، قدم لواء البتار البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، وقاتل لأجله في كل من سوريا والعراق.
في ربيع 2014، عاد أكثر من 300 من محاربي لواء البتار القدامى إلى ليبيا في درنة، وكان أول إعلان عن وجود تنظيم “داعش” في ليبيا كان عبر شريط فيديو نشر على الانترنت في 3 أكتوبر 2014 وأظهر حشداً من المسلحين في مدينة درنة الساحلية التابعين لما يسمى “مجلس شورى شباب الإسلام” الذي كان هو النواة الأولى لظهور داعش في ليبيا، يبايعون التنظيم وزعيمه أبا بكر البغدادي.
شكل الفصيل الجديد الذى أطلق عليه اسم مجلس شورى شباب الإسلام، الذي بدأ بتجنيد مقاتلين من جماعات محلية أخرى، كان العديد من بين المنضمين أعضاء بأنصار الشريعة فرع درنة،و بعد أشهر قليلة أعلنوا الحرب على أي شخص في درنة يعارضهم، قضاة المحاكم، قادة المجتمع المدني، ومعارضين أخرين، بما فيهم المقاتلين المحليين الذين رفضوا سلطتهم مثل كتيبة شهداء أبو سليم حليفة تنظيم القاعدة.
في سبتمبر 2014، وصل وفد من تنظيم الدولة الإسلامية قد أوفد من قبل قيادة الجماعة إلى ليبيا، ضم الممثلون العراقى أبو نبيل الأنباري ، يعتقد أنه قتل في غارة أمريكية على درنة في نوفمبر 2014، المساعد البارز للبغدادي والمقاتل القديم المشارك بحرب العراق، السعودي أبو حبيب الجزراوي مفتياً عاماً ، واليمني أبو البراء الأزدي والياً على برقة .
في 5 أكتوبر 2014، اجتمعت فصائل المقاتلين الموالين لمجلس شورى شباب الإسلام وقدموا معًا المبايعة لتنظيم الدولة الإسلامية، بعد مراسم المبايعة التى طافت أكثر من 60 شاحنة محملة بالمقاتلين خلال المدينة في موكب إستعراضي للقوة،وعقد اجتماع ثانٍ أكثر رسمية شمل مجموعة أكبر من الفصائل للمبايعة في 30 أكتوبر 2014، حيث تجمع المسلحون لمبايعة أبو بكر البغدادي في ميدان المدينة.
في 13 نوفمبر 2014، أصدر البغدادي تسجيلا صوتيا أعلن فيها قبوله لمبايعات الولاء من مؤيديه في خمسة دول، ضمت ليبيا، وأعلن توسيع تنظيمه إلى تلك الدول. وأعلن عن إقامة ثلاثة ولايات في ليبيا، برقة في الشرق، فزان بالجنوب، وطرابلس في الغرب.
في 30 مارس 2015، قام المفتي العام لتنظيم أنصار الشريعة أبو عبد الله الليبي بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية، حيث إن عدد من أعضاء الجماعة إنشقوا معه.
– نشاط التنظيم في ليبيا من مرحلة القوة إلى مرحلة الضعف:
فى 2014،قام تنظيم الدولة الإسلامية ، بتنفيذ هجمات ضد منشآت نفطية وفنادق عالمية، وإجراء عمليات اعدام جماعية حيث قام التنظيم في أبريل بنشر أولى عمليات الإعدام الجماعي بحق 28 إثيوبياً مسيحياً بسبب عدم دفعهم الجزية، وكان أبرزها شريط فيديو لذبح 21 مصرياً قبطياَ فى أواسط فبراير 2015 ومحاولة الإستيلاء على المزيد من الأراضي الليبية.
وتزامن ذلك مع تمكنه من السيطرة على مناطق في محيط مدينة سرت الليبية، حتى أعلن في يونيو 2015 السيطرة على مدينة سرت كاملة بعد استيلائه على مطار سرت الدولي وقاعدة القرضابية.
مدينة سرت، مسقط رأس القذافي وأحد المعاقل القوية للنظام السابق والتي عانت من أضرار فادحة نتيجة القصف والمعارك خلال الانتفاضة الليبية، وبدأت جموع من المقاتلين “الأجانب” التوافد إلى المدينة.
خلال مدة وجيزة منذ نشأته تمكن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في ليبيا من تطوير عملياته العسكرية وخططه التكتيكية للتوسع وتركزت استراتيجيته منذ مطلع عام 2015 في السيطرة على الهلال النفطي الليبي والسواحل الليبية ليتمكن من تمويل نشاطه من خلال عمليات بيع النفط، كما فعل في العراق وسوريا.
إذ تمكن مقاتلو التنظيم من السيطرة على حقلي “المبروك” و”الغاني” النفطيين بالقرب من سرت لكنهم لم يتمكنوا من المحافظة عليهما وعادوا إلى الانسحاب مجدداً إلى مواقعهم في درنة.
فى يوليو 2015 أي بعد مرور شهر من استيلائه على سرت تمكن “مجلس شورى مجاهدي درنة” من طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة درنة ، وهذا الأمر أشار إلى عدم قدرة التنظيم على تغطية جبهات عدة في وقت واحد وافتقاره إلى العنصر البشري بعد أن قامت القبائل الموالية له بالانقلاب عليه والانشقاق عنه في درنة، وبلغ عدد مقاتلي داعش في ذلك الوقت 2-3 آلاف مقاتل تركز حوالى 1500 منهم في مدينة سرت.
وفرض تنظيم الدولة الإسلامية قوانينه المتشددة في المناطق التي سيطر عليها ولا سيما في سرت، وأنشئ جهاز الحسبة لمراقبة تصرفات المدنيين، وعين مسؤولين من النساء لتنفيذ الأحكام بحق النساء المخالفات لقوانينه، وفرض الجزية على من اعتبرهم من غير المسلمين، وعمل على تنشيط الدعوي لأفكاره المتشددة المستهدفة للبالغين والشباب، وقام بترهيب المدنيين من خلال تنفيذه لعمليات إعدام أو جلد في الساحات العامة.
فى فبراير 2015 انطلق مقاتلو التنظيم إلى بلدة النوفلية القريبة من سرت بقيادة المدعو علي القرقاع وسيطروا عليها بعد معارك مع ميليشيات تابعة لـ”فجر ليبيا” (الذراع العسكرية للمؤتمر الوطني العام الجديد وحكومة طرابلس). وبعد 4 أشهر كان التنظيم قد أكمل سيطرته على مطار القرضابية الدولي القريب وبلدة هراوة.
ورغم نجاح “مجلس شورى مجاهدي درنة” في طرد عناصر التنظيم من أولى قواعده في مدينة درنة بعد اشتباكات عنيفة في يوليو 2015 وما تبعها من انتفاضة قبلية ضده في سرت، إلا أن تنظيم “داعش” احتفظ بمواقعه القوية خارج درنة كما تمكن بسهولة من هزيمة انتفاضة سرت أتبعها بالانتقام من العشرات من السكان.
حاول التنظيم التقدم باتجاه مدينة بنغازي انطلاقاً من مواقعه في منطقة النوفلية في شهر ديسمبر عام 2015 لكنه لم يتمكن من السيطرة إلا على أحياء قليلة فيها، واستمرت المعارك كقتال شوارع بينه وبين الكتائب التابعة للجيش الوطني الليبي حتى إخراجه منها عام 2017.
في ديسمبر 2016 ، تمكنت ميليشيات مصراته، والمدعومة من قبل الضربات الجوية الأمريكية، بطرد داعش من سرت، بالرغم من أن نموذجهم على الأرض قد انهار، إلا أن مقاتلي داعش مستمرون في الاحتفاظ بوجودهم في ليبيا.
وفي مطلع عام 2016 استولى التنظيم على بلدة بن جواد التي تبعد 600 كم شرق طرابلس، وقاد هجوماً باتجاه ميناء السدرة شرق بن جواد الذي يعد أول موانئ الهلال النفطي، في محاولة منه لربط جيبه في مدينة سرت بمناطق سيطرته في بنغازي عبر منطقة بن جواد. وأيضاً ليتمكن من الوصول إلى ميناء رأس لانوف والسيطرة على الهلال النفطي.
ومنذ ذلك الوقت وحتى حلول أواسط عام 2016، هذه المدة التي يمكن اعتبارها بداية دخول التنظيم في حالة الضعف، بحلول 30 مايو 2016 خسر التنظيم مناطق سيطرته في ميناء السدرة ومنطقة بن جواد والنوفلية، لتزداد المسافة بين الجيب العسكري الذي يسيطر عليه في سرت وجيوبه في محيط مدينة بنغازي.
وفي يونيو 2016، انسحب عناصر التنظيم من قاعدة القرضابية الجوية ومطار مدينة سرت ومينائها، وقد كانتا إحدى أهم خطوط الدفاع الأولى للتنظيم باتجاه مدخل مدينة سرت. وبعد مرور شهرين تمكنت قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الوطني، والمقاتلة لتنظيم الدولة الإسلامية وبمساندة من التحالف الدولي من الاستيلاء على مواقع داخل المدينة، لتستطيع التمدد بعد ذلك وتعلن في نهاية ديسمبر 2016 طردها لتنظيم داعش من كامل مدينة سرت، ومثل ذلك الضربة الأقوى في مرحلة ضعف التنظيم في ليبيا.
ونحو مزيد من تكتيكات حروب العصابات التقليدية، إن التفجير الانتحاري في حفل موسيقي في مانشيستر يوم 22 مايو 2017، والذي أعلن التنظيم مسئوليته عنه، تم تنفيذه من قبل ليبي بريطاني، لديه صلات بشبكة جهادية في ليبيا، مما يشير إلى احتمالية تغيير نحو استخدام الأراضي الليبية لتنفيذ هجمات “الصدمة والرعب“ في الغرب، إلى جانب تجنيد المزيد من العناصر في ليبيا.
وبعد تلك المرحلة وحلول عام 2017، فر عدد من عناصر التنظيم إلى الصحراء الليبية وإلى غرب ليبيا باتجاه الحدود التونسية والحدود الجزائرية، وعاد التنظيم إلى مرحلة الخلايا النشطة أي عبارة عن مجموعات مصغرة تنتشر في مناطق محددة لكنها لا تمتلك أي قدرات عسكرية تمكنها من السيطرة على منطقة كاملة.
وأشارت معلومات في ذلك الوقت إلى أنه بعد خسارة داعش لمدينة سرت فإنه انقسم إلى ثلاث خلايا رئيسة الأولى تألفت من 60-80 مقاتلاً؛ تمركزت في منطقة قرزة التي تبعد 170 كم غرب سرت باتجاه الحدود مع تونس وقد تمكنت من الانتشار والتوسع في مدينة صبراتة لكنها أُنهيت في أواخر 2017، والثانية كان قوامها نحو 100 عنصر حول حقلي زلة ومبروك النفطيين الواقعين على بعد 300 كيلومتر جنوب شرق سرت ومجموعة ثالثة موجودة في العوينات قرب الحدود مع الجزائر.
بالنسبة إلى عام 2018، فقد انتقل تنظيم داعش إلى النشاط الإرهابي الناعم، كعمليات تفجير السيارات المفخخة واستهداف المرافق الخدمية كشبكات الكهرباء والمياه، والهجوم المباغت على حواجز ومقار عسكرية سواء كانت تتبع لحكومة الوفاق الليبية أم للجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، وقد أشارت معلومات رسمية ليبية إلى أن خلايا داعش الإرهابية تمكنت من تنظيم نفسها جنوب ليبيا بمسمى “جيش الصحراء”. وما تزال إلى الوقت الحالي خلايا داعش تنشط بشكل مكثف وفي مساحات واسعة في البلاد.
وتقول المخابرات الليبية أن تنظيم “الدولة الإسلامية” يقوم بتجنيد مقاتلين من دول أفريقيا الفقيرة كتشاد ومالي والسودان، وتقدم رواتب سخية مستغلة طريق الهجرة التي يسلكها المهاجرون الأفارقة إلى أوروبا في محاولة إغرائهم بالانضمام إليه.
في الوقت الذي تسعى فيه الأطراف في ليبيا إلى إيجاد بوابة للتفاهم حول مسائلها الخلافية، يبرز ملف تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا مجدداً بعد أن جرى تسجيل نشاط ملحوظ لخلاياه مؤخراً التي قامت بتنفيذ عمليات إرهابية، ما أثار التساؤل حول أمرين مهمين، الأول هو احتمال عودة التنظيم بصورة أخرى بعد أن تمكنت العمليات العسكرية المستهدفة له من إضعاف نفوذه ووصوله إلى حد الهزيمة تقريباً، والأمر الثاني وهو الجدوى من الآليات الأمنية والعسكرية المتبعة للسيطرة على المرحلة التي تلي هزيمة تنظيم داعش التي تعتبر من المراحل الحساسة التي يصبح فيها التنظيم الإرهابي مفككاً إلى خلايا عدة قد تنتشر في نطاق جغرافي أوسع من ذي قبل.
من جانب آخر، وبالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية فهو يحاول استدراك ما يمكنه من الهزائم المتلاحقة التي يواجهها في سوريا والعراق، لكن ربما تلعب استراتيجية التنظيم في شمال أفريقيا دوراً في تغيير مسار حياة داعش في ليبيا، وعدم التوصل إلى حل قريب بين حكومة طرابلس بقيادة فايز السراج وحكومة طبرق الموالية للجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، سيتيح بيئة ملائمة لفلول عناصر داعش المهزومة منذ سنة تقريباً في شمال ليبيا التي انسحب كثيرون منها إلى الصحراء الليبية.
أهم العمليات المستهدِفة لداعش:
جرى التصدي لتمدد تنظيم داعش في ليبيا من جهتين رئيستين في البلاد هما حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج والألوية والكتائب المنضوية ضمنه من طرف.
وقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وقد كانت أولى العمليات التي أطلقت للتصدي لداعش وكذلك جماعات تتبع لحكومة الوفاق الوطني، هي عملية الكرامة عام 2014 التي تمكنت من صد تمدد التنظيم باتجاه مدينة بنغازي شرق ليبيا، وأتبعت بعملية “حتف” عام 2015.
كانت العملية الثانية في مدينة درنة عام 2015 التي أطلقها “مجلس شورى مجاهدي درنة” المؤلف من كتائب محلية وأخرى تابعة لجماعات سلفية متشددة مرتبطة بشكل غير مباشر بتنظيم أنصار الشريعة، وقد تمكنت هذه الحملة العسكرية من طرد داعش إلى خارج المدينة.
في السادس عشر من شهر فبراير من عام 2015 شنت القوات الجوية المصرية غارات على مواقع تنظيم داعش في المدن الساحلية في درنة وسرت في ليبيا، بعد أن أصدر تنظيم داعش في ليبيا فيديو بتاريخ 15 فبراير 2015 يصور قطع رؤوس 21 من الأقباط المصريين.
خلال ساعات ردت القوات الجوية المصرية بضربات جوية ضد أهداف محددة مسبقًا انتقامًا للعمال المصريين،الطائرات الحربية عملت بالتنسيق مع الحكومة الليبية “الرسمية”.
أما الحملة الأبرز في سلسلة المعارك المستهدفة لداعش، فقد كانت عملية تحرير مدينة سرت أو البنيان المرصوص التي اشتركت فيها كل من قوات اللواء خليفة حفتر مع القوات التابعة لحكومة الوفاق، وتمكنوا من هزيمة تنظيم داعش في أقوى معاقله بالأراضي الليبية، وقام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بقصف مواقع عدة للتنظيم، ما أدى إلى إنجاح العملية بشكل ملحوظ.
بعد ذلك دخلت مرحلة مكافحة داعش، مرحلة العمليات الأمنية لملاحقة خلاياه ، وقد قامت حكومة الوفاق الوطني بتشكيل غرفة عمليات محاربة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016 بعد تنفيذ اعتداء انتحاري وهجمات في بلدات قرب مدينة مصراتة.
أعلن الجيش المصري قيامه بضربات جوية ضد تجمعات لمتشددين في ليبيا تأكدت مشاركتهم في تخطيط وتنفيذ هجوم المنيا بصعيد مصر،وأكد الجيش المصري أن ذلك تم بالتنسيق الكامل مع الجيش الوطني الليبي، وبناء على معلومات استخباراتية دقيقة.
أضاف إن القوات الجوية قامت بتوجيه 6 ضربات جوية مركزة داخل العمق الليبي بالقرب من مدينة درنة، مستهدفة تنظيمات إرهابية مدعومة من داعش لتنفيذ عمليات إرهابية ضخمة داخل الأراضي المصرية.
قد أعلنت حكومة الوفاق الوطني في أبريل عام 2018 بدء عملية عسكرية جديدة تحمل اسم “عاصفة الوطن” تهدف إلى القضاء النهائي على البؤر الإرهابية كافة، وأنها ستنفذ العملية في منطقة تبعد 60 كيلومتراً شرق مدينة مصراتة وحتى مشارف خمس مدن أخرى، هي بني وليد وترهونة ومسلاتة والخمس وزليتن.
كذلك اعلن الجيش الوطني الليبي في 2018 شن حملة أمنية على مدينة درنة التي يوجد فيها خلايا تابعة للقاعدة ضمن ما يسمى “مجلس شورى مجاهدي درنة” الذي ساهم في إخراج داعش من المدينة، لكن يظن أن هناك عناصر منتمية إلى داعش انضمت إلى الجماعات السلفية في المجلس بعد تحرير درنة، وفي إثر هذه العملية قُبض على أحد متزعمي الحركات الإرهابية في الشمال الأفريقي هشام العشماوي مصري الجنسية.
أما عن العمليات العسكرية والأمنية المستهدفة لداعش، فيلاحظ مما سبق أن توجه كل طرف رئيس من الفاعلين الليبيين وهما حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي إلى شن عمليات منفرد لمكافحة داعش قد لا يؤتي النتائج المرجوة منه لا سيما أن عدداً من خلايا داعش ما زالت توسع نشاطها ليشمل مناطق ليبية أكثر، وإن غياب الأفق لأي حل سياسي بين الفرقاء الليبيين يدفع باتجاه تمدد التنظيمات الإرهابية لأن الفوضى العسكرية والسياسية تنشئ فراغاً إدارياً وأمنياً يمكن الجماعات الإرهابية من زيادة فاعليتها. لذلك فإن أي فرصة ممكنة للتفاهم والتنسيق بين الأطراف المكافحة لداعش ستزيد من إمكان ضبط العمليات الإرهابية وملاحقة العناصر المتورطة، كان هذا التنسيق واضحة جداً في عملية سرت التي جرت بالتنسيق بين قوات حفتر وحكومة الوفاق وأدت إلى خسارة تنظيم داعش لأهم منطقة كان يسيطر عليها في ليبيا وأدت إلى إضعافه.
وبعد الهزائم التي لحقت بالتنظيم في كل من سوريا والعراق وكذلك ليبيا، يحاول مجدداً البحث عن مناطق تمكنه من تجميع خلاياه لتعود إلى فرض كيان الدولة، وقد يكون هذا الأمر صعب التحقيق مجدداً في كل من العراق وسوريا لأن العمليات التي استهدفته ارتبطت بوجود قواعد القوات الأمريكية والأجنبية التابعة للتحالف على الأرض وجعلت من الصعب على التنظيم العودة مرة أخرى بالقوة التي كان يمتلكها سابقاً، لكن الأمر في ليبيا والقارة الأفريقية بشكل عام مختلف، لأنه لا توجد قواعد للتحالف على الأرض وإنما يعمل التحالف مع شركاء محليين لمكافحة تنظيم داعش، أي إن حالة التأهب الأمني التي يجب أن تفرض بعد مرحلة إضعاف التنظيم وإنهاكه في شمال أفريقيا وتحديداً ليبيا لمواجهة احتمال عودة ظهوره ما تزال غير مكتملة ما يجعل إمكان عودته بقوة إلى ساحة الصراع مفتوحاً.
من يشارك في تنظيم داعش في ليبيا؟
تم تسريب معلومات عن آلاف ممن جندهم تنظيم داعش في مارس 2016، يظهر هذا التسريب أن الأغلبية التي تم تجنيدها لصالح التنظيم في ليبيا كانوا قد شاركوا في عمليات جهادية في مجتمعاتهم المحلية أثناء الثورة الليبية في عام 2011، قبل السفر للانضمام إلى التنظيم في ليبيا. بالنسبة لهؤلاء الرجال، فإن القتال في العراق وسوريا ساعدهم وكأنها شهادة جامعية في التدريب على النشاط الإرهابي. ، فإن الجهاد في العراق وسوريا بالنسبة للجماعات الإرهابية المحلية يعني أن المقاتل لديه خبرات متطورة لينافس الجماعات الأخرى التي تقاتل من أجل السلطة في ظل الفراغ الأمني الليبي. إذا كان هذا التجنيد متصل عبر علاقات متعددة الأجيال لاختبارات قتالية للجماعات المتطرفة، مثل حالة مفجر مانشيستر سلمان العبيدي، فإن ذلك أفضل مرشح كهذا كان مناسب بشكل مثالي للقيادة أو التنفيذ.
ذلك إلى جانب المتطرفين السودانيين الذين كانوا في السابق ينتمون لتنظيمات متطرفة أخرى موالية لـ القاعدة سواء القاعدة في مالي أو تنظيم بلاد المغرب الإسلامي ومن ثم إما تخلوا عن بيعتهم أو أصبح هناك تعاون ما بين تنظيمهم وداعش.
وأحد أبرز الأمثلة على ذلك الشاب أبو زيد محمد حمزة نجل الشيخ أبو زيد حمزة زعيم أنصار السنّة المحمدية في السودان، الذي انضم في عام 2012 إلى التنظيمات المتطرفة في مالي، ومن ثم انتقل إلى القتال في ليبيا.
أضافة إلى أعداد أفارقة جنوب الصحراء في داعش ليبيا، ويأتي هؤلاء من دول متعددة، منها مالي والنيجر وتشاد ونيجيريا وموريتانيا.
ويعد غالبية هؤلاء الأفارقة المنتمين إلى داعش ليبيا من أولئك الذين إما بايعوا تنظيم بوكو حرام المتطرف في نيجيريا أو جماعة أنصار الدين المتطرفة شمال مالي. ويظهر وجود تعاون ما بين تنظيمي بوكو حرام وداعش، بل وإرسال بوكو حرام مقاتلين إلى ليبيا وتعاون داعش معهم منذ عام 2015. ولقد حذر نائب وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن من خطورة تعاون التنظيمين.
بعض من بشاعة جرائمهم فى ليبيا :
تفجير سيارة مفخخة في أحد معسكرات تدريب خفر السواحل في مدينة زليتن الليبية في مطلع 2016، التي أدت إلى مقتل 70 شخصًا وإصابة مائة آخرين واكتشاف جنسية منفذها (أبو يقين التونسي)، مع ظهور أدلة وشواهد كثيرة على ازدياد عدد المقاتلين التونسيين في ليبيا، مما أدى إلى تصاعد المطالبات الليبية بترحيل التونسيين العاملين في ليبيا.
في مطلع عام 2015، نشر المركز الإعلامي لما يسمى بـ لاية طرابلس في داعش ليبيا بيانًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عقب تنفيذ عملية الاعتداء فندق كورينثيا في العاصمة الليبية طرابلس. ونسب البيان العملية إلى كل من «أبو إبراهيم التونسي و أبو سليمان السوداني، وقد اقتحم خلالها مسلحون الفندق، وأطلقوا الرصاص عشوائيًا على الموجودين بداخله، مما تسبب بمقتل 11 شخصًا منهم خمسة أجانب بينهم أميركي وفرنسية وكورية وسيدتان فلبينيتان.
ويتشارك القادمون من السودان مع داعشيي تونس في تنفيذ عمليات انتحارية تستهدف مناطق حساسة كنقاط التفتيش أو أماكن مكتظة بالأجانب.