كتبت: كرستين عوض
تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان أدي الي ظهور صراعات وحروب داخلية وإلى هيمنة الميليشيات على الشئون الاقتصادية والسيطرة عليها ، بسبب توتر الوضع الهش والضعيف بالأساس في الداخل اللبناني ، الأمر الذي يضع الجميع أمام تساؤلات جوهرية حول السبل الكفيلة بتحجيم دور هذه المليشيات دون أن يؤثر الأمر بشكل سلبي على الدولة اللبنانية الهشة، وسط تجاذبات طائفية وسياسية وأوضاعها الإقليمية .
وقد تتسبب الصراعات الداخلية في أثار سلبية بالغة الأهمية على الدول الإقليمية المحيطة بالدولة المتضررة من هذه الصراعات، بخاصة إيجاد مناخ عام من عدم الاستقرار الإقليمي، وهو ما يمكن أن يتخذ صورة انتقال الحرب الأهلية إلى دول الجوار أو في الحيز الجغرافي نفسه.
ولقد عانى أداء الاقتصاد عبر تاريخ لبنان من الهشاشة وأثر الصراعات ، فلم يعد لبنان قادرا علي تلبية توقعات وحاجات وابسط الخدمات لمواطنيها مثل التعليم والرعاية الصحية. والسبب يرجع الي ضعف معدلات النمو، وانتشار البطالة، واتساع فجوة الدخل بين شرائح المجتمع، وازدياد الفقر، وفقدان المواهب للهجرة، وتآكل البنى التحتية، والتدهور الطبيعي والبيئي على نطاق واسع،وقد بلغ دين الدولة اللبنانية 73 مليار دولار.
انتشار الفقر في لبنان :
بـتراجع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان بل وانهيارها بالكامل ادي الي وقوع شرائح واسعة من الشعب اللبناني ضحية “الرأسمالية المتوحشة”، وفي لبنان يشكل الفقر مشكلة كبيرة.وصعوبة تحمل الفقر تصير متفاقمة وأكثر وضوحا حين تكون المساواة الاجتماعية معدومة وفرص الصعود الاجتماعي قليلة.
ووفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2018، يعيش 30% من اللبنانيين (1,5 مليون شخص) بأقل من 4 دولارات في اليوم، أو 120 دولاراً في الشهر، ويعيش حوالي 300 ألف شخص بأقل من 2,5 دولار في اليوم، وهو مبلغ غير كاف لتلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.
كما حافظت معدلات البطالة على ثباتها، حيث ارتفعت من 6,2% في عام 2016 إلى 6,3% في عام 2017،و بلغت نسبة التضخم 3,17% في يناير 2019، مع ارتفاع أسعار الطعام والمشروبات غير الكحولية بشكلٍ أسرع من السلع الاستهلاكية الأخرى.
وقد تسبب ذلك في زيادة عدد اللبنانيين الذين يواجهون الفقر المطلق ، نتيجة عدم الاستقرار، بسبب الحرب في سوريا المجاورة ، ومحدودية فرص العمل ونظام الرعاية الاجتماعية الضعيف.
لكن الفجوة بين الأغنياء والفقراء آخذة في الاتساع لأن الطبقة الوسطى تختفي ببطء.
كما قد كشفت دراسة للأمم المتحدة حول الفقر في لبنان تحت عنوان “الحاجات ذات الأولوية”: ارتفاع نسبة أعداد الفقراء في لبنان بنسبة 61 في المائة منذ العام 2011 لغاية العام الماضي وأن 28,55 في المائة من سكان لبنان يعيشون بأقل من أربعة دولارات يوميا.
ونتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسبة الفقر في لبنان، أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية في العام 2011 “البرنامج الوطني لاستهداف الأسر الأكثر فقراً”، بهبة من البنك الدولي والحكومة الكندية والحكومة الإيطالية بعد عدة مؤتمرات للدول المانحة، منها مؤتمر “باريس 3” عام 2007 إثر الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في يوليو2006.
وقال رشيد درباس وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني في تصريح له عن أن الوزارة تلقت 500 الف طلب من أسر لبنانية أعلنت فقرها ضمن “البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا” الذي أطلقته الوزارة مؤخرا بهدف دعم الأسر الفقيرة في لبنان، مشيرا إلى أنه تم تصنيف 300 الف من أصل 500 الف ضمن الأسر الأكثر فقرا، حيث تم إعطاء هؤلاء بطاقات تطلق عليها الوزارة اسم “بطاقة حياة ” لتقديم خدمات استشفائية وتعليمية وبعضها يقدم خدمات غذائية.
أسباب وعوامل انتشار ظاهرة الفقر :
1- ارتفاع أسعار السلع والخدمات يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود وبالتالي تتأثر الدخول الحقيقية للأسر وتصل إلى حالة العجز عن اقتناء كل المتطلبات التي تحتاجها الاسرة .
2- كبر حجم الأسرة وارتفاع معدلات الاعالة ادي إلى زيادة الأعباء على نفقات الأسرة وبالتالي مواجهة حالة العجز عن توفير كل متطلبات الأسرة ذات الحجم الكبير .
3- سوء توزيع الدخل والثروات: إن غياب التوزيع العادل للدخل القومي والثروات يؤدي إلى غناء البعض وإفقار البعض الآخر.
4- تدني المستوى التعليمي: انخفاض مستويات التعليم وعدم امتلاك المهارات الوظيفية، فذلك يحد من فرص الوصول إلى وظائف مناسبة لتطوير المهارات والمشاركة بشكل فعال في المجتمع.
5- البطالة: البطالة، أو تدني مستويات الأجور، أو عدم الاستقرار الوظيفي، حيث إنّ ذلك يحدّ من الوصول إلى دخل مناسب او الى وظيفة من الأساس وهذا ما يعاني منه معظم الشباب اللبنانيون.
6- الفساد: ان الفساد الحكومي، وتعقيد الإجراءات، وعدم الاكتراث بمصالح المجتمع والمواطنين وتهميش بعض المناطق كلها عوامل تساعد في تفاقم ظاهرة الفقر.
حلول لمكافحة ظاهرة الفقر :
1 ـ السيطرة على التضخم وارتفاع الأسعار،وتحقيق الاستقرار النقدي وإعادة الثقة إلى العملة الوطنية.
.2 ضبط العجز المالي للدولة، والسيطرة بالتالي على تطور قيمة الدين العام الاجمالي.
3 ـ العمل على إعادة بناء الدولة من خلال إصلاح الإدارة والمؤسسات العامة.
4 ـ العمل على معالجة الاختلالات الاجتماعية التي تعاني منها فئات واسعة من اللبنانيين.
ارتفاع نسبة التسول في لبنان :
لا يخلو شارع أو ساحة في لبنان من الأطفال والنساء المتسولين حتى أنها باتت ظاهرة منتشرة بشكل لافت ، وبصورة مألوفة في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية. يبيعون منتوجات بسيطة كالمناديل الورقية ، أو يطلبون صدقة تعينهم على مواجهة المتطلبات الضرورية للحياة. وآخرون يقوموا بفرز نفايات الحاويات، بحثا عن شئ يمكن بيعه أو الاستفادة منه، من زجاج ومعادن وورق وغيرها .
وتعد ظاهرة التسول في لبنان ظاهرة قديمة تغزو المجتمع اللبناني، واتسعت حدتها بفعل النزوح السوري إلى الأراضي اللبنانية، حيث يوجد في لبنان أكثر من مليوني نازح سوري، وتشير المعطيات إلى أن هذه الظاهرة تنتشر بكثافة في مختلف المناطق اللبنانية وخصوصاً في العاصمة بيروت وضواحيها، وأغلبية المتسولين هم غير لبنانيين، وابرزهم أطفال وذوي إحتياجات خاصة… ويحاول هؤلاء إستغلال مشاعر الشخص المساعد عبر تحميسه لدفع المال له بحجة أنهم محتاجين .
أوضاع المصريون المقيمين في لبنان :
يوجد حوالي 25ألف مصري أغلبهم من العمالة البسيطة في لبنان ،هي جالية صغيرة قياسا بأحجام الجاليات المصرية في الدول الأخري عربية وأجنبية،ولكنها جالية مؤثرة ولها ثقلها واحترامها وتقديرها لدي لبنان، وبالرغم من دخول الكثيرين من المصريين إلي لبنان بطريقة غير مشروعة،فإن السلطات اللبنانية تشهد للجالية المصرية بأنها غير منخرطة في أعمال إجرامية أو سياسية في لبنان. وتواجه العمالة المصرية بلبنان بعض المشكلات منها : مشكلات في عقود العمل والكفيل ومنهم من يتعرض لعمليات نصب، وكذلك مشكلة إعفاء العمال المصريين في لبنان من دفع الإشتراكات في الصندوق الوطني الاجتماعي