كتبت : كرستين عوض
اولا : نظام الرعاية الصحية بلبنان :-
لم تنجح السلطات السياسية المتعاقبة بلبنان في تنظيم القطاع الصحي بالدولة ، ولا الوصول الى نظام صحي موحد يخضع له اللبنانيون بمختلف شرائحهم دون تمييز، مما جعل هذا القطاع أسير الفساد السياسي، وحول ميزة لبنان الاستشفائية التفاضلية، الى بؤرة للفساد، وأصبح القطاع الصحي تجارة مربحة للبعض على حساب صحة اللبنانيين وحياتهم.
مع العلم الى أن لبنان يحتل المرتبة 97 عالمياً لناحية السرعة وجودة الخدمات الصحية بحسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية، ويشير وزيرالسابق الصحة غسان حاصباني ، إلى أن “لبنان احتل المرتبة الأولى في جودة الخدمات الصحية، في البلدان العربية”، وذلك للعام 2017، ولكن لبنان ما زال يواجه بعض التحديات التي يجب العمل عليها ومنها كلفة الرعاية الصحية، وعدم توفير التغطية الصحية لجميع المواطنين، وتعزيز الرعاية الصحية الوقائية في الرعاية الصحية الأولية، وتحسين نوعية المياه، وتقليل الفوارق الصحية بين مختلف الفئات الاجتماعية اذ ما زالت بعض المناطق في لبنان تسجل خدمات صحية ضعيفة.
وترفض معظم المستشفيات في لبنان استقبال المرضى، وحتى في الحالات الطارئة، في حالة عدم تأمين عربون مالي كبير مسبقًا. وفي أغلب الحالات لا يمتلك أهل المريض قيمة المبلغ المطلوب، بل إن بعض المرضى يموتون على أبواب المستشفيات بسبب رفضها لاستقبالهم.
وكذلك ترتفع أسعار الأدوية في لبنان بشكل جنوني، دون الأداء المناسب الرقابي والضبطي للسوق والأسعار من قبل وزارة الصحة، خاصة مع تفشي المحسوبيات والرشاوى. حتى بات لبنانيون يلجأون لشراء الأدوية من الخارج، كونها تكون أرخص ثمنا، مع وجود صفقات لأدوية فاسدة غير صالحة للاستخدام الادمي يتم إدخالها إلى البلد وبيعها للمواطنين.
هذاويقدر عدد المستشفيات الخاصة العاملة في لبنان حوالى 149 مستشفى خاص تقدم معظمها خدمات طبية جيدة ويحصل بعضها على جوائز عالمية من حيث جودة الخدمات مقابل 29 مستشفى حكومي أكثر من نصفهم لا يعمل والنصف الآخر يتآكله الفساد المالي والإداري والمحسوبيات السياسية والتوظيفات العشوائية ومجالس إدارة منتهية الصلاحية منذ سنوات مع خدمات طبية متواضعة جداً ونقص في التجهيزات الأساسية كحاضنات الأطفال والتقنيات الحديثة الأخرى.
تكلفة الدواء في لبنان :
تصل فاتورة الدواء في لبنان إلى نصف مليار دولار سنوياً كمعدل وسطي بحسب أرقام لجنة الصحة البرلمانية، وتشكل هذه الفاتورة 30-35% من الإنفاق على الصحة و36% من دخل الاسر الاكثر فقراً، هذا من دون احتساب الادوية المهرّبة التي تشكل 25% من سوق الادوية في لبنان، ومن دون أـن ننسى أيضاً أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية الباهظة الثمن.
ويحدد سعر الدواء في لبنان بناء على هيكل وآلية تسعير تصدر بقرار تنظيمي وفقا للمادة 80 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة بعد اخذ رأي الوزارات المعنية كوزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد ووزارة المالية ونقابتي الصيادلة ومستوردي الادوية وتجمع اصحاب مصانع الادوية ومجلس شورى الدولة.
ان القرار التنظيمي 306/1 وتعديلاته الصادر عن وزير الصحة عام 2005 والذي شاركت فيه جميع الوزارات والنقابات المعنية والمبني على رأي مجلس شورى الدولة هو القرار الذي يحدد سعر الدواء والمعمول به حالياً.
ولقد صدرت عدة قرارات اعادت هيكلة التسعير وادت الى انخفاض متكرر للأدوية على مدى السنوات الماضية.
– استراتيجية القطاع الصحي بلبنان لعام “صحة 2025” :
عملت وزارة الصحة العامة على وضع استراتيجية شاملة للقطاع الصحي في لبنان “صحة 2025”. وهي تهدف الى الحفاظ على الموقع المتقدم للبنان في المجال الصحي، وتوفير التغطية الصحية الشاملة لكل اللبنانيين ما يشكل الدعامة الأساسية للاستراتيجية، واستقطاب الإستثمارات والسياحة العلاجية.
والسعى الى وضع قطاع صحي يمكن له ان يؤمن المتطلبات الاساسية للصحة الاستشفائية والعلاجية لكل المواطنين وبخاصة من خلال توفير التأمين الصحي للمواطنين الذين لا يتمتعون بأي نوع من التغطية. ففي لبنان ما بين مليون و1.4 مليون مواطن لا يملكون أي نوع من التغطية الصحية”.
ضمن الخدمات التي تقدمها الاستراتيجية الصحية، تغطية التكاليف الاستشفائية، وغسيل الكلى، والرعاية الاولية وبرامج العافية، بالاضافة الى توفير الادوية الاساسية وعلاج الامراض المستعصية مع تغطية تكاليف الفحوص والعيادات الخارجية. أما في ما يتعلق بتمويل هذه الخطة، فهذا الامر سيتم بحسب وزير الصحة، من خلال الموازنة العامة، بالاضافة الى الاشتراكات السنوية الرمزية، مع تأمين المزيد من الهبات من المؤسسات المانحة والخارجية مثل منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.
مما سيؤدي إلى رفع مستوى التغطية المالية من دون إضافة أعباء مالية على الخزينة ومن دون تحميل المريض أعباء مكلفة، أما في ما يتعلق بالافراد الذين لا يستفيدون من وزارة الصحة ولكن لديهم القدرة على دفع رسوم عينية ورمزية للحصول على نوع من التأمين، فهؤلاء يستفيدون ايضاً من هذه الاستراتيجية بعد إقرار تشريعات معينة تساهم في تحفيزهم على دفع رسم معين الى وزارة الصحة، أقل بكثير من إشتراكات التأمين الخاص، مقابل الحصول على التغطية الصحية والاستشفائية”، وسيكون لهذه التغطية مدخل الزامي وهو السجل الصحي الرقمي لكل مواطن بعد إخضاعه للفحوص الطبية اللازمة، وذلك قبل حصوله على هذه التغطية” ، وهذه الإجراءات ستتم في مراكز الرعاية الصحية في كل المناطق، مشدداً على أنه من غير المقبول ألا يكون هناك إلزامية في الضمان الصحي”.
ثانيا : التدخين : –
تربع لبنان علي قائمة اكثر الدول في نسبة المدخنيين حيث حصل علي المركز الأول في نسبة المدخنين مسجلا أرقاما هي الأعلى بين 13 دولة شملها مسح أجري في إطار دراسة أعدتها “مؤسسة من أجل عالم خال من التدخين” الأميركية لعام 2018. وبينت أرقام المسح أن 57.5% من الذكور اللبنانيين ممن تبلغ أعمارهم 18 سنة وما فوق مدخنون، أما بالنسبة للنساء فإن الإحصاءات مثيرة للقلق فمعدل التدخين النساء اللبنانيات هو الأعلى بين إناث الشرق الأوسط 48.4% من الإناث المدخنات.
وقد تصدر لبنان قائمة الدول الـ13 التي شملها المسح وخلفه تباعا كل من: جنوب أفريقيا، روسيا، اليونان، فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، اليابان،”إسرائيل”، الهند، مالاوي، البرازيل ونيوزيلاندا.
وأشار موقع المؤسسة بشأن «حال التدخين في لبنان» إلى مصادقة الحكومة اللبنانية على اتفاقية منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، وإلى قانون منع التدخين في الأماكن العامة والأماكن المغلقة (رقم 174/ 2012) الذي لم يقترن بالتطبيق سوى في المرحلة الأولى بعد ست سنوات على إصداره.
وبما أن التدخين يرتبط ارتباطا وثيقا بخطر الإصابة بسرطان الرئة، فإن هذه التقارير تشير إلى أن ارتفاع وتزايد انتشار التدخين في لبنان سيؤدي إلى زيادة الإصابة بسرطان الرئة وغيرها من الأوبئة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
زراعة التبغ في لبنان :
تحتل زراعة التبغ مكانة حيوية في قطاع الإقتصاد الزراعي في لبنان ،وتسهم في خلق فرص العمل في مجال الزراعة والتصنيع والتجارة. يؤمن هذا القطاع عشرات ألاف الوظائف ولكنه عانى تاريخيا من ضعف الإستثمار والدعم. وغالبا ما ترتبط هذه الوظائف بالمناطق الأكثر فقرا من لبنان.
كما تدوم زراعة التبغ على مدار تسعة أشهر من السنة مما يوفّر فرص عمل لعدد كبير من الأفراد وتساعد على تخفيف البطالة في الأرياف.
– تنظيم انشطة في لبنان لمكافحة زراعة التبغ :
الجامعة الأميركية في بيروت نظمت نشاطا لمكافحة التبغ في لبنان يوم 10 يونيو الحالي ، بالتعاون مع و”مركز المعرفة لأبحاث النرجيلة” وجمعية “حياة حرة من التدخين” بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، نشاطاً لمناقشة فعالية إجراءات مكافحة التبغ في لبنان ومدى تطبيقها.
وألقت المبادرة الضوء على الوضع المقلق في البلاد، كما سجلت اعتراضا قويا على أي محاولة لتعديل قانون منع التدخين الرقم 174، وتحدثت عن الفرصة المتاحة لزيادة الوعي بشأن استخدام التبغ في لبنان.
ووقع لبنان في العام 2005، إتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (WHO FCTC)، مما أدى إلى صدور القانون 174، ومع ذلك، لم يلب لبنان بعد التزامه بتنفيذ مواد الاتفاقية. كما أنه يتعين مواجهة العديد من التحديات من أجل تنفيذ المعاهدة كاملة وحماية مصالح الناس من مصالح صناعة التبغ والوسائل الضارة لترويج منتجاتها الفتاكة.