عماد نصيف
“حين سكت أهل الحق عن الباطل , توهم أهل الباطل انهم على حق ” تحضرنى هذه المقولة هذه الايام وانا اتابع احداث فتاة عزبة على باشا – مركز سمالوط – محافظة المنيا , التى اختارت او ارغمت على “تغيير دينها والتحول من المسيحية الى الاسلام ” (وهى حرة فى ذلك ) , ولقد جرت العادة فى مثل هذه الاحداث على الاحتفال بالفتاة المتحولة كنوع من النصر على “المسيحيين ” والتباهى بمعرفة هذه الفتاة “دين الحق ”
ومع تزامن هذه الواقعة مع ذكرى “الاربعين” للمتنيح القمص مرقص عزيز “اتذكر قصة دارت احداث داخل أسوار جامعة القاهرة :” حيث كنت احد طلاب احدى كليات جامعة القاهرة وكنت فى السنة النهائية , وكانت لنا زميلة “مسيحية “تمر بظروف اجتماعية صعبة حيث توفى والدها ، وترك الاسرة بلا عائل لمواجهة ظروف الحياة الصعبة , وفى هذه الاثناء كان هناك زميل “مسلم ” جاء من صعيد مصر يحمل بداخله الانبهار بالمدينة , حتى ان “اللبانة” لم تكن تفارقه ، وعندما يتحدث لا تشعر انه “ذكر ” فكان يحمل صوتا ناعما لا يتماشى مع مظهره أو تركيبته الجسدية هذا بالاضافة لكونه من الصعيد ,,,ولم يكن هذا الشخص مقبولا لدى الكثيرين من الزملاء فى الكلية ، ولكنه “بقدرة قادر” أصبح قريب جدا من زميلتنا والتى كانت معه فى نفس السنة الدراسية , ونتيجة لعلاقتهما معا أصبح الأمر ملحوظا للجميع ، فحاولت بعض الزميلات التحدث الى هذه الزميلة أكثر من مرة دون فائدة ،فلقد كانت الاجابة دائما “اننا اصدقاء ” ، ربما كانت من جانبها مجرد صداقة ، ولكن الأمر بالنسية له كان دنيا و دين خاصة ان زميلتنا كانت “جميلة ” , وبعد محاولات كثيرة فشلت جميعها , قررنا انا وزميلة اخرى ان نذهب الى ابونا “مرقص عزيز ، والذى بمجرد ان اتصلنا به , طلب مقابلتنا على الفور ، وعندما حكينا له , انفعل وقال ” دا انا اكسر رقبتها ” وعلى الفور قام بالاتصال بزمبلتنا , وطلب مقابلتها ، وبالفعل انته هذه العلاقة بين زميلتنا وبين الشيطان ”
لم يكن ابونا مرقص عزيز من المهادنين او المنافقين ولكنه كان صلبا قويا يثور ضد الظلم ولا يخشى شيئا ، مقتديا بمعلمه “السيد المسيح له المجد ” , فلم يتهاون فى حقه ضد ظالم او حاكم مهما كان جبروته ، حتى انه حكم عليه بالاعدام ظلما ، وشاء القدر ان يموت ويدفن غريبا برغم حبه لمصر والذى كان دائما يردد مقولة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ” ان مصر ليست وطنا نعيش فية بل وطن يعيش فينا ”
لم يسكت ابونا مرقص عزيز يوما عن الباطل , و لكنه كان بثور ويغضب لحقه وحق شعبه رافضا ما يتعرض له لااقباط من مختلف انواع التمييز ضدهم ، و هو ما جعل الكثيرين من مشايخ الوهابية يصفونه بالمتعصب والمتطرف
لو ان كل كاهن اصبح مرقص عزيز لما سرق الذئب الخراف ، فقد كان خادم للكل كمعلمه يجول يصنع خيرا ، ويثور عندما يحتاج الامر الى “سوط” لطرد باعة الحمام والصيارفة واللصوص ” وهم كثيرون الان …