كتبت : نازك شوقى
تعتبر جنوب السودان هي أحدث دولة في العالم وأخر تغير قد حدث على الخريطة العالمية، نالت استقلالها في التاسع من يوليو عام 2011 وذلك بعد اعتماد نتيجة الاستفتاء الذي أقيم في شهر يناير من نفس العام، وكانت نتيجة الاستفتاء نسبة المصوتين بنعم قد تخطى 98%وهذه نسبة كبيرة جدًا وتدل على اجماع أغلب سكان جنوب السودان على الانفصال من السودان الأم،
جنوب السودان هي بلد غير ساحلي في شمال شرق أفريقي، ويحدها من الشمال السودان ومن الشرق أثيوبيا ومن الجنوب كينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو ومن الغرب جمهورية افريقيا الوسطى.
أما سكانها فعددهم يمثل حوالي 20% من سكان السودان. وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها وأكبر مدنها، ومن أهم مدنها الأخرى واو وملكال ورومبيك.
وتضم جمهورية جنوب السودان عشر ولايات، وتحوي عددا من القبائل الإفريقية والجماعات العرقية المختلفة وأكبرها الدينكا تليها النوير، .
المساحة
تبلغ مساحة جنوب السودان حوالي من 620.000 كم مربع تقريباً.أي حوالي 24%من مجمل أراضي السودان
السكان
عدد سكان جنوب السودان يبلغُ عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة، ولا يوجد تعداد دقيق للجماعات العرقية. إلا أنه يعتقد أن أكبر جماعة عرقية هي الدينكا تليها النوير، الشلك والزاندي.
ويتكون السكان من عدة جماعات عرقية :
قبائلُ سودانيّة بانتويّة: كالفرتيت، والزاندى.
قبائلُ نيلية حامية: كالباريا، واللاتوكا، والمورلي.
قبائلُ نيليّة: كالشلك، والنوير، والدينكا، والشيرلوك، والزاندي، والدينكا، والأشولي، والجور.
اللغات
توجد فيها العديد من اللغات الإفريقية المحلية، ولكن لغة التعليم والحكومة والأعمال هي الإنجليزية وهي اللغة الرسمية لجنوب السودان منذ عام 1928، ولقد اعترف بها كلغة أساسية لجنوب السودان في أواخر ثمانينات القرن الماضي.
بالإضافة إلى اللغة العربية تعرف بعربي جوبا نسبة للعاصمة السياسية جوبا
وثلاث لغات افريقية أخرى وهي :
طوك جين أو لغة الدينكا وينطق بها 5 ملايين نسمة تستعمل في ولاية أعالي النيل وولاية الوحدة وولاية جونقلي وولاية غرب بحر الغزال وولاية شمال بحر الغزال وولاية وآراب وولاية البحيرات أي في سبع ولايات من ولايات جمهورية جنوب السودان
وطوك ناس أو لغة النوير وينطق بها حوالي مليوني نسمة
تستعمل لغة في كل من ولاية أعالي النيل وولاية الوحدة وولاية جونقلي،
وطوق شلو أو لغة الشلوك وينطق بها حوالي مليون نسمة تستعمل في ولاية أعالي النيل فقط.
وهناك لغات اخرى على سبيل المثال وليس الحصر
لغة الندوقو في ولاية غرب بحر الغزال ولغة الباي و لغة القولو ولغة السيري ولغة البلندا، بالإضافة إلى دينكا نقوك في منطقة أبيي، كما
الديانات
تنتشر فى جنوب السودان الديانة المسيحية والإسلام كما توجد الديانات الأفريقية التقليدية والوثنيون ويمثلون نسبة قلية من السكان. ومعظم المسيحيين هم كاثوليك وأنجليكانيون، على الرغم من نشاط الطوائف الأخرى أيضاً. في آخر إحصاء رسمي قديم والذي يصدره مجلس الكنائس العالمي يقرر أن
2% من أهالي الجنوب (وثنيون لا يؤمنون بأي دين)، والبقية 18% مسلمون
و80 % مسيحيون بينما تنتشر المسيحية في الولايات الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس جنوب السودان سيلفا كير هو مسيحي كاثوليكي أكد على أن جنوب السودان دولة سوف تقوم على احترام حرية الاعتقاد.
اقتصاد جنوب السودان
اقتصاد جنوب السودان يعتمدُ اقتصادها على كلٍّ من: المساعدات الإنسانيّة. الموارد الطبيعيّة الذي من أهمّه البترول. قطاع زراعة الكفاف.
تمتاز جمهورية جنوب السودان بأنها منطقة غنية بالموارد الطبيعية،
ويعتبر البترول من أهم الصادرات حيث تتركز فيه ما نسبته 85% من احتياطي السودان السابق.
وتتركز الثروة البترولية والمعادن في مناطق النوير(بانتيو) والدينكا (فلوج وعداريل الخ).
مع ذلك، مصدر الدخل الرئيسي لأغلب السكان هو زراعة الكفاف، ويعيش أكثر من نصف سكان جنوب السودان في فقر مدقع. دعا ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2012 إلى إضافة جنوب السودان إلى قائمة البلدان الأقل نماء.
التاريخ السياسى لجنوب السودان
تاريخ جنوب السودان لا يعرف عنه إلاَّ القليل قبل عام 1820..
وبدأ كثيراً من الأوروبيين رحلاتهم لاكتشاف منابع النيل.. خلال فترة الحكم التركي فى عهد سلالة محمد علي العثمانية،
قبل عام 1885
عيّن الخديوي بعض الأوروبيين لخدمة أغراضه ومد نفوذه وقد اشتهرت فترة الحكم التركي وفترة حكم المهدية 1885 – 1899 بغارات جلب الرقيق التي قام بها بعض الأوروبيين والمصريين وأهل شمال السودان
مما نجم عنه شعور زائد بالكراهية وولّد خوفاً شديداً تجاه الشماليين..
بالطبع فقد حُرِّمت تجارة الرقيق بعد الاحتلال الإنجليزي عام 1899.
من ناحية الدين والمعتقدات فأغلبية سكان شمال السودان يعتنقون الدين الإسلامي أما معظم سكان الجنوب قد بدأت الارساليات المسيحية عملها في الجنوب منذ عام 1848 وقد سمح لكل من الإرسالية الكاثوليكية والإرسالية البروتستانية بالعمل التبشيري في جنوب السودان مع تكليفها بمسؤولية نشر التعليم بين أبناء وبنات الجنوب بل وقدّمت لها إعانات مالية من الحكومة بدءاً من عام 1927.
يعد التاريخ السياسي لجنوب السودان من الملفات المهمة لفهم طبيعة السودان الخاصة، حيث تضافرت مجموعة من العوامل علي تقسيم السودان معنويًا قبل أن تصبح حدوديًا في القرن التاسع عشر عندما استعمرت بريطانيا السودان مع مصر.
كان السودان تحت الحكم المشترك المصري البريطاني من الفترة 1899 إلى موعد الاستقلال في عام 1956، حيث كان الحاكم العام البريطاني يدير شمال السودان وجنوبه ككيانين مستقلين. وكان البريطانيون قد أدخلوا خلال حكمهم أيضا مفهوم «المناطق المغلقة» لفصل السكان الأصليين عن شمال السودان
واظهار الاختلافات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية، وفرقت المملكة المتحدة في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم،
فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية وساد اعتقاد لدي الأوساط المسيحية في الجنوب أن الشماليين هم تجار رقيق.
وبعد جلاء قوات بريطانيا وانفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون أن يكون لهم نظام خاص لهم داخل الدولة السودانية الموحدة، وهو الأخذ بنظام الفيدرالية، ولكن الحكومة رفضت الاقتراح معللة إنه يؤدي إلى انفصال الجنوب كتطور طبيعي.
ومنذ 1956 اندلعت حرب أهلية في السودان بقيادة حركة تحرير جنوب السودان وجناحها العسكري «انيانايا» امتدت إلى عام 1972
وانتهت بالتوقيع على معاهدة سلام في أديس ابابا، أعطت حكما ذاتيا للجنوب.
لكن الاتفاق لم يلبي تطلعات الجنوبيين لناحية دورهم في السلطة وحرية تقرير مصيرهم.
وسرعان ما اشتعلت الحرب الأهلية السودانية الثانية
مجددا في عام 1983 بعد قيام الرئيس السوداني جعفر النميري بتقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم منفصلة، وإقرار الشريعة الإسلامية في البلاد.
ويقول الموقع الرسمي لجمهورية جنوب السودان، ان الحركة الشعبية لتحرير السودان التي أسسها جون قرنق عام 1983 توصلت إلى ان تناضل لسودان موحد في عام 1983، لكن على أساس متعدد وديمقراطي وعلماني، وهو تقاسم سياسي مبني على الوقائع في السودان.
لكن الحرب التي امتدت من 1983 إلى 2005 حصدت حوالي مليوني قتيل، وانتهت عندما قام جون قرنق مؤسس «جيش الشعبي لتحرير السودان» بالتوقيع على اتفاقية السلام الشامل مع الخرطوم في 9 يناير 2005، التي نصت على إعطاء الجنوب 6 سنوات من الحكم الذاتي على أن يتبع ذلك استفتاء على الاستقلال.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، تم استعادة الحكم الذاتي في الجنوب عندما تم تشكيل حكومة الحكم الذاتي في جنوب السودان.
ومن أهم بنود الاتفاقية:
حق تقرير المصير للجنوب في 2011،
وإجراء انتخابات عامة على كافة المستويات في مدة لا تتجاوز عام 2009،
وتقاسم السلطة بين الشمال والجنوب،
وتقاسم الثروة، وإدارة المناطق المهمشة والترتيبات الأمنية.
جنوب السودان أو رسميا جمهورية جنوب السودان
أسباب انفصال دولة جنوب السودان عن السودان الأم
• سوء الأحوال المعيشية في جنوب السودان
تعيش دولة السودان كلها في حالة سيئة للغاية وتتردى فيها كل الأوضاع المعيشية والاقتصادية والتعليمية والتجارية وكل شيء،
ولكن ما يراه جنوب السودان هو أن أهل الشمال يتمتعون بأغلب الثروات والمقومات بينما أهل الجنوب لا يأخذون أي شيء، بل ويعاملون معاملة متدنية للغاية ويشبهون نفسهم بالطبقة الثالثة أو الرابعة في البلاد، وهذا ما أدى إلى أثارة الغضب في قلوبهم وتطلعهم للانفصال عنهم إلى أن تتحسن ظروفهم المعيشية وتنعم البلاد الجنوبية بأنعم الله في الأرض، ولكن للأسف منذ انفصال جنوب السودان في التاسع من يوليو عام 2011 إلى الأن وهم يعيشون في حالة أسوء من ذي قبل، بل وأغلب سكانهم يعيشون على المساعدات الإنسانية التي تأتي من الدول الغنية، وذلك نظرًا لسوء الأحوال المعيشية في البلاد بالرغم من وجود أكثر من ثمانين بالمائة من نفط السودان كله في أراضي الجنوب، ولكن هذه الكمية لا تجدي نفع مع هذا القدر من السكان،
الضغوط الخارجية
الصراعات والازمات التى تحدث داخل دول الوطن العربى ليست بسبب عوامل داخلية فقط ، بل ايضا عوامل خارجية ، وهى التى تتسبب فى انفجار واشتعال العديد من الصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية …….، وعادة ما تكون بسبب ترسيم الحدود الناتجة عن الاستعمار ،
سواء من دول الجوار التي كانت تنطلق منها حركة التمرد، وتُقدم لها الأسلحة ومعسكرات التدريب، وغير ذلك، وتستخدم هذا الأسلوب كورقة ضغط على الحكومة للوصول لاتفاقات تستفيد منها في حل مشاكلها الداخلية، أو المؤسسات الكنسية، أو المنظمات الطوعية والخيرية التي تمثل في حقيقتها واجهات لوكالات استخباراتية، بالإضافة إلى الدول الغربية البعيدة التي كانت تدعم وتعلم وتخطط.
التدخل الأجنبي ومساعدته للجنوبيين
كان جنوب السودان ينظر إلى أهل الشمال أنهم تأتي إليهم المساعدات من قبل الدول الإسلامية المجاورة وأشهرهم مصر في حين أن الجنوب لا يتمتع بأي مساعدات خارجية نظرًا للأغلبية المسيحية القاطنة به، ولذا قررت الدول الغربية مساعدة أهل الجنوب بقدر المستطاع لمضاهاة المساعدات الأخرى، ولكن في الحقيقة أن الدول الأوروبية تسعى لاستغلال الموارد الطبيعية الموجودة فوق الأراضي الجنوبية، فالنفط السوداني يتواجد بنسبة الخمسة وثمانين بالمائة من حجمه في جنوب السودان فقط بجانب الموارد المائية والثروات الطبيعية الأخرى، ولذا كانت تقوم الدول الأوروبية بتمويل الحركات الجنوبية السودانية بالأسلحة والذخيرة والمعدات القتالية لمهاجمة الحكومة السودانية، في الكثير من الصراعات المسلحة التي حدثت منذ العقد السادس من القرن العشرين حتى عام 2005.
وقد راح نتيجة هذه الحروب الإجرامية العنيفة الكثير من سكان كلا الجانبين بشكل شبه متساوي،
وهكذا يعتبر التدخل الأجنبي القوي ومساعدته المادية والعسكرية لأهل جنوب السودان هو أهم العوامل التي أدت لانفصال الجنوب عن الشمال .
الاعتقادات الخاطئة من كلا الجانبين
يخيل إلى أهل الشمال والجنوب السوداني بعض الأشياء التي من دورها جعلت الانفصال أمر محبب لدى كلا الطرفين:
فيرى أهل الشمال أن جنوب السودان يسعون للقضاء على التواجد الإسلامي العربي في شمال السودان، وذلك بمساعدة الدول الغربية والدول الإفريقية المسيحية التي تهدف لنشر الدين المسيحي
في حين أن أهل الجنوب يرون أن الشماليين يسعون للقضاء على التواجد الإفريقي المسيحي في جنوب السودان وجعل أغلب السودان إن لم يكن كله يدين بالديانة الإسلامية، وذلك سوف يأتي بالمساعدات العربية الإسلامية من الدول المجاورة التي تطمع لنشر الإسلام بصورة أكبر
ولكن من المنظور التاريخى فإن تلك الرؤى هي من وحي الخيال لكلا الطرفين ولا تمت للواقع بصلة.
يرى بعض الجنوبيين أن الشماليين قد شنوا على الجنوبيين حرب إبادة جماعية تحت راية نشر الإسلام والعروبة في الجنوب وأن تلك الحرب الإجرامية قد أدت إلى مقتل أكثر من مليوني جنوبي،
بينما يرى بعض الشماليين أن الحرب في الجنوب قد نشبت بشكل متسلسل بعد استقلال السودان وظلت مستمرة بشكل أو بآخر بسبب مشاعر إنعدام الثقة والنزعات الانفصالية والتدخلات الأجنبية
اختلاف وجهات النظر بينهم حول الزبير باشا
ينظر أهل الشمال إلى الزبير باشا بأنه قائد إسلامي قوي ساعد الدين الإسلامي على الانتشار في البقعة الجنوبية من السودان في حين أن أهل الشمال ينظرون إليه أنه أكبر مجرم قد عرفه السودان على مر التاريخ،
الزبير باشا هذا هو قائد إسلامي قد حكم السودان في نهاية القرن التاسع عشر لمدة لا تتجاوز أثني عشر عام، وقد ساهم هذا القائد في توطيد دعائم الدين الإسلامي في الشمال مع نشر الإسلام في جنوب السودان، ولكن ما كان يعيبه هو أخذ فقراء جنوب السودان وبيعهم في أسواق النخاسة العالمية، ونحن صراحة لا نعلم حقيقة هذا الأمر فهذا القائد عليه الكثير من الاختلافات فهل هو تاجر عبيد يأخذ الفقراء أم بطل قومي ناشر للإسلام في الأراضي الجنوبية من السودان.
طمع جنوب السودان في الثروات الموجودة بأرضهم
يظن أهل جنوب السودان أن الثروات الطبيعية الموجودة به من نفط وماء هم كفيلان لكي يدفعوا بأهل الشمال نحو الهاوية وهذا ما أدى إلى انفصال أهل الجنوب عن الشمال، حيث أن جنوب السودان يستحوذ على ما يتعدى 85%من النفط الموجود في السودان كله، وهذا يعني أن شمال السودان الكبير سيفتقر تمامًا للنفط ، وجعلهم ضعفاء تجاههم وهذا الحلم يراود الجنوبيين منذ عدة سنوات، وذلك بسبب نظرة أهل الجنوب للشمال بأنهم مستعمرين احتلوا أراضيهم ويفرضون عليهم الإسلام بالقوة الجبرية، هذا بجانب بيع الزبير باشا فقراء أهل الجنوب في أسواق النخاسة العالمية، فلذا أرادوا رد شرفهم عن طريق حرمانهم من الثروة النفطية الموجودة بأراضيهم، ولكن لم ينتفع جنوب السودان منذ استقلاله في عام 2011 إلى الآن بأي شيء مما قاله.
حيث أنهم تحولوا إلى دولة ضعيفة سياسيًا واقتصاديًا بدرجة كبيرة جدًا حتى صنفتهم الأمم المتحدة في قائمة البلدان الأقل نماءً في العالم،
هذا بجانب انعزالهم عن أي منفذ بحري قد يسهل لهم الاتصال بحريًا بالدول الخارجية أو مباشرة العملية التجارية بصورة سهلة.
الاختلاف الديني بين شمال و جنوب السودان
يتميز شمال السودان بوصول نسبة المسلمين فيه إلى ما يتجاوز 95% في حين أن جنوب السودان به أكثر من80% ممن يعتنقون الديانة المسيحية وهذه من الأسباب التي جعلت أهل الجنوب ينفصلون عن السودان الأم، حيث أن أهل الجنوب كانوا ينظرون للشماليين بأنهم مجرمين قاموا بشن الكثير من الحروب تحت راية نشر الدين الإسلامي في الأراضي الجنوبية، وقد أدت هذه الحروب إلى قتل ما يتجاوز المليون ونصف شخص جنوبي، وبالتالي أهل الشمال هم قاتلي آبائهم وأجدادهم ولابد من معاقبتهم ، لذا قاموا بعمليات إجرامية من قبل الجماعات المسلحة التي أنشئوها ضد أهل الشمال وهنا كان لابد من التدخل العسكري للحكومة السودانية لردع هذه الأعمال المتوحشة .
وهكذا استمرت هذه الصراعات منذ العقد السادس من القرن العشرين حتى عام 2005 تحديدًا، حتى عقد بروتوكول ماشاكوس الذي حدد مصير جنوب السودان لمدة ستة أعوام وبعدها تم عمل الاستفتاء الكبير في الأراضي الجنوبية تحت إشراف الأمم المتحدة وبموجبه مُنح جنوب السودان حق الاستقلال الذاتي،
ولذا يعد اختلاف الديانات هو أهم العوامل التي شجعت الجنوبيين على الانفصال عن السودان الأم.
امتناع جنوب السودان عن تطبيق الحكم الإسلامي
بما أن السودان تعد دولة إسلامية عربية فلذا لابد من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على كافة المواطنين السودانيين، ولكن جنوب السودان لم يقبل بهذه الأحكام بما أن ما يقارب 80% من سكانه يدينون بالديانة المسيحية، وكانت الحكومة السودانية تفرض أحكام الشريعة الإسلامية على كل المناطق التابعة لها
وهذا ما أدى إلى خلق روح من التعصب الديني والمذهبي في السودان كله ومع تزايد وتيرة الأحداث كان الوازع الديني هو أحد أهم العوامل التي تسبب في نشوب الحروب والصراعات الدموية في أراضي السودان كلها، ومع استمرار الصراع لمدة خمسين عام تقريبًا تمكنت الأمم المتحدة من إرساء السلام في البلاد بموجب بروتوكول ماشاكوس الذي أقر الهدنة لمدة ستة أعوام، ثم بعدها أجري الاستفتاء الذي منح جنوب السودان استقلاله التام والنهائي عن السودان الأم.
الإدارة السيئة والأحوال المتردية هي أهم العوامل التي جعلت جنوب السودان يطالب بالانفصال عن السودان الأم.
فقدان الثقة بين أبناء الشمال والجنوب وعدم اطمئنان أحد الطرفين إلى الآخر ولعل الأخطاء السياسية منذ استقلال السودان السبب فى تعميق هذا الإحساس .
سوء الإدارة الذي بليت به البلاد منذ الاستقلال، والذي أهدر موارد البلاد، وأفقر الناس، وحرمهم من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
يرى بعض الجنوبيين أن الشماليين يهمشونهم ويعاملونهم كمواطنين درجة رابعة وحرمانهم من المشاركة العادلة في السلطة والثروة وحتى إذا تم توزيرهم فهم لا يحظون إلا بالوزارات الهامشية كوزارات الثروة الحيوانية والري ، بينما يرى بعض الشماليين أن تهميش الجنوبيين قد حدث في الماضي بسبب قلة التعليم في الجنوب وأن الجنوبيين حالياً وبعد انتشار التعليم في الجنوب أصبحوا لا يعانون من التهميش الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي.
يعتقد بعض الجنوبيين أنهم قد أجبروا الشماليين على توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام والقبول بتقاسم السلطة والثروة بقوة السلاح،
بينما يرى بعض الشماليين أن اتفاقية نيفاشا للسلام تمت بسبب الضغوطات والمحاصرات الغربية القوية التي مُورست على حكومة الشمال!
يعتقد بعض الجنوبيين أن الشماليين لم يحترموا اتفاقية نيفاشا للسلام وتنصلوا من أهم بنودها وهو سحب القوات الشمالية من الجنوب.. كما يعتقدون أن الشماليين يسببون الانفلاتات الأمنية في الجنوب
في الأخير يجب علينا أن نعلم أن عملية انفصال جنوب السودان عن السودان ما هي إلا تجربة مؤلمة للغاية، سوف يتحمل أعبائها الشعب بأكمله، ولذا على كل دولة في العالم الحرص على حفظ حدودها وأراضيها من الانقسام أو التفرق فعواقبه وخيمة على جميع أطياف الشعب
وإشكالية تقسيم السودان ليست مهدد بالنسبة للسودان وحدها ولكن تؤثر على باقى دول الوطن العربى ، فهذا التقسيم من شأنه حرمان شمال السودان ومصر من مياه النيل ، وهو نواة لتقسيم العديد من الدول مثل مصر ، العراق ، اليمن ، سوريا ……، وواقعيا فالعراق منقسمة بين السنة والشيعة
وتقسيم السودان كان من مخطط صهيونى لخدمة مصالحهم والاستفادة من الموارد الطبيعية فى السودان ولكن ماهو موقف العالم العربى والغربى من أزمة السودان، فهل من الممكن بعد الانفصال أن ترجع دولة السودان إلى الدولة الموحدة منذ الاستقلال 1956 ، وحدوث استقرار سياسى واقتصادى واجتماعى ، أم سيظل الوضع كما هو الآن ، أم ستحل الأزمات والصراعات .