الأحد , ديسمبر 22 2024
الثورة السودانية
الثورة السودانية

كل ما تريد معرفته عن الثورة السودانية أسبابها أهدافها ونتائجها حتى الأن (الجزء الثالث)

يشهد السودان ومنذ شهور مضت انتفاضة شعبية عارمة يتصدرها الشباب. يثورون على حكم عسكري قائم في البلاد منذ ثلاثين عاماً وقد أصابه الإفلاس على كافة المستويات، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

أسباب الثورة

بدأت المظاهرات بسبب غلاء المعيشة ونفاد بعض السلع، مما دفع المتظاهرين بالهجوم على مقرات حزب المؤتمر الوطني الحاكم وإحراقها، لتعمّ المظاهرات في المدن والأقاليم.

ازدادت حدة التوتر بين السودانيين والحكومة بعد أن وصل سعر الرغيف من جنيه واحد، إلى ثلاثة، بالإضافة إلى ندرة دقيق الخبز والسيولة النقدية، إذ حدّت المصارف في السودان من سحب المواطنين لأموالهم مبررة ذلك بعجزها عن توفير السيولة النقدية.

أعداد ماكينات الصراف الآلي التي تعمل محدودة، و لا تسمح للمواطنين بسحب أكثر من 10 دولارات في اليوم الواحد خشية قيامهم بتحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية.

وتزامن ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية زيادة سعر الدولار إلى 18 جنيها فى موازنة 2018 ، مقابل 6.9 جنيه في موازنة عام 2017.

عاني السودان من أزمة اقتصادية منذ عام 2011، وهو العام الذي انفصل فيه جنوب السودان عن السودان الشمالي، الذي كان يؤمن 80 في المئة من موارد العملة الأجنبية التي كانت تأتي من إيرادات النفط.

كما أن أحد أسباب زيادة أسعار القمح هو توقف الحكومة عن استيراد القمح وتكليف القطاع الخاص بتلك المهمة، فارتفعت أسعار كيس القمح الذي يزن 50 كيلو غراما من ( 24 دولارا إلى 65 دولارا ) للكيس الواحد، الأمر الذي دفع ببعض أصحاب المخابز إلى إغلاقها بسبب ارتفاع تكاليف انتاج الخبز.

فخرج الطلاب في 19 ديسمبر 2018، في مظاهرات عمت أرجاء البلاد احتجاجاً على ارتفاع سعر الخبز والوقود وغيرها من المواد الاستهلاكية الأساسية.

وواجهت الشرطة تلك الاحتجاحات بالغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص الحي، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

وعلى الرغم من وعود رئيس البلاد، عمر البشير، بالقيام بإصلاحات، إلا أن ذلك لم يثنِ عزم المتظاهرين واستمرت الاحتجاجات

وأخذت الاحتجاجات هذه المرة بعداً قد يصعب على السلطات السيطرة عليها باتباع الأساليب الأمنية المعتادة. و استياء بعض أصحاب المخابز من تقليص حصتهم من الدقيق إلى نصف الكمية المعتادة عليها، والتي لم تعد كافية إلا لتغطية بضعة أيام.

وتعتبر الاحتجاجات المستمرة من أكبر التحديات التي واجهها البشير الذي شغل منصب رئيس البلاد منذ عام 1989.

العزل عن السلطة

في 11 أبريل 2019 ، أقالت القوات المسلحة السودانية الرئيس عمر البشير من منصبه, بعد عدة أشهر من الاحتجاجات والانتفاضات المدنية.

وضع البشير تحت إقامة جبرية و تشكيل مجلس انتقالي..

كان البشير “يحكم السودان لفترة أطول من أي زعيم آخر منذ استقلال البلاد عام 1956”.

كما ألقى الجيش القبض على جميع وزراء حكومة البشير ، وحل المجلس التشريعي الوطني وشكل مجلسًا عسكريًا انتقاليًا بقيادة النائب الأول للرئيس ووزير الدفاع الفريق أحمد عوض بن عوف.

الذي تقدم بإستقالته نتيجة رفض الثوار له خلال يومين و تسلم في محله الفريق أول عبد الفتاح البرهان

أهداف الثورة والتغيير

وضعت الجبهة الثورية السودانية نظامها الأساسي وحددت أهداف تعمل عليها :

 أهمها هو مدنية السلطة الانتقالية بكافة صلاحياتها التنفيذية والتشريعية التي تقوم بتنفيذ بنود إعلان الحرية والتغيير

: “ستستمر اعتصاماتنا ومواكبنا حتى تحقيق كافة أهداف الثورة والتغيير، وأهمها هو مدنية السلطة الانتقالية بكافة صلاحياتها التنفيذية والتشريعية “

 إسقاط نظام المؤتمر الوطني وتغيير نظام الحكم في السودان،

 وتوحيد وتقوية جهود القوى السياسية السودانية وقوى المجتمع المدني لإزالة نظام المؤتمر الوطني أو أي نظام آخر مُستبِد

 تأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان كما حددتها المواثيق الوطنية والاقلمية والدولية

قيام نظام حكم لا مركزي فيدرالي تتنزل فيه السلطات والموارد لمستويات الحكم المختلفة ،

 تشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية تقوم بمهام حفظ الأمن والنظام لكل الشعب السوداني،

وضع دستور إنتقالي للدولة.

 إعادة هيكلة وبناء أجهزة الدولة المتمثلة في الخدمة المدنية ، والقوات النظامية ، والجهاز القضائي وغيرها من المؤسسات والأجهزة

 التسليم الفوري لمرتكبي جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية ، وجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية.

وقالت الجبهة ان لتحقيق هذه الأهداف الهادفة لتغيير النظام ستتبع (4) وسائل تتمثل في

* العمل السياسي الجماهيري،

*والحل السلمي الشامل الذي يفضى لتغيير النظام

*والكفاح المسلح مع التضامن الدولي والاقليمي،

*والعمل الدبلوماسي .

 اسباب انتصار الحراك السودانى

جاء الرئيس عمر البشير إلى الحُكم بانقِلابٍ عسكريٍّ، وها هو يُغادر مُرغمًا بالطّريقة نفسها التي جاء بها، مع فارِقٍ أساسيّ وهو أنّ “ثورة الإنقاذ” التي تزعّمها بالتّعاون مع حركة “الإخوان المسلمون” أطاحت بنِظامٍ ديمقراطيٍّ، وقادت السودان إلى الفقر، وخسارة ثُلث أراضيه، وأكثر من 75 بالمِئة من ثرواته النفطيّة، وحوّلت جيشه إلى جيش “مرتزق” يُحارب من أجل المال في اليمن.

وزير الدّفاع السوداني الجِنرال عوض بن عوف، الذي قاد الانقلاب الجديد، أعلن اقتِلاع نظام البشير في بيانه الأوّل، وتشكيل مجلس انتقاليّ يتولّى الحُكم في البِلاد لفترةٍ انتقاليّةٍ مُدّتها نحو عامين على الأقل، وتعطيل العمل بالدّستور، وحلّ مُؤسّسة الرئاسة ومجلس الوزراء وإعلان حالة الطّوارئ لمُدّة ثلاثة أشهر.

اختلفت الآراء حول هذه الخُطوة الانقلابيّة للمُؤسّسة العسكريّة التي تُعتبر الوحيدة المُتماسكة في البِلاد، وتُشكِّل ضمانةً للأمن والاستقرار، مثلَما هو الحال في مُعظم دول العالم الثّالث

هُناك رأي عبّرت عنه منظومة تجمّع المهنيين السودانيين التي قادت الاحتجاجات الشعبيّة التي طالبت الرئيس البشير بالرّحيل، أنّ انقلاب بن عوف هو استِنساخٌ عسكريٌّ جديدٌ لنظام جبهة الإنقاذ، و أنّ الاحتجاجات الشعبيّة حقّقت مُعظم أغراضها وأهمّها رحيل الرئيس البشير بعد أربعة أشهر من بدئها، ولا بُد من التوقّف التقاطًا للأنفاس، وإعطاء فُرصة للتّغيير الجديد، فالجيش انحاز للاحتِجاجات، وهو من أبناء السودان.

فالحالة الحراكيّة السودانيّة لها خُصوصيّتها وتختلف في العَديد من الأوجُه مع نظيرتها في الجزائر أو أيّ مكانٍ آخر، ولكن ما نعرِفه أنّها انتصرت وحقّقت هدفها الأكبر وهو إسقاط الرئيس البشير وحُكمه ووزارته،

وذلك للأسباب التالية:

أنّ  الثّورة السودانيّة ، شعبية سودانيّة بحتة انطلقت من أرضيّة الفساد والجُوع والحرمان في مُواجهة نظام ديكتاتوريّ انفصل عن الشّعب وطُموحاته المَشروعة في الحريّة والديمقراطيّة الحقيقيّة والعيش الكريم.

 سلميّة الثّورة وعدم حُدوث أيّ تدخّل خارجيّ فيها، إقليميًّا كانَ أو دوليًّا، وطُول نفس الشّعب السودانيّ (استمرّ الحراك 4 أشهر)، كلها عوامل ميّزتها عن جميع نظيراتها الحاليّة أو السّابقة.

 نجاح الحِراك الجزائريّ الحضاريّ في الإطاحة بحُكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعطى حماسا قويًّا لنظيره السودانيّ، وتجديده،

 انحِياز الجيش السودانيّ للمُتظاهرين والتِفافه حولهم، ومنع قوّات الأمن من استخدام القُوّة ضِدّهم، وتردّدت أنباء أنّه رفض الانصياع لقرار الرئيس البشير في النّزول إلى الشّوارع وقمع المُتظاهرين.

 لم يتدخّل حلف النّاتو عسكريًّا لنُصرة الحِراك السوداني مثلما جرى في ليبيا، ولم يُنفق الرئيس ترامب 90 مليار دولار لتسليح الثّورة السودانيّة مثلما حدث في سورية، ولم يلعب “الفيلسوف” الفرنسي برنارد هنري ليفي دورًا في إعطاء نصائحه الصهيونيّة للثوّار والمُحتجّين.

 كان لافتًا أنّ قنوات فضائيّة عربيّة مثل “الجزيرة” و”العربية” لم تلعب الدور التحريضيّ نفسه الذي لعبته أثناء ثورات الربيع العربي الأولى، وخاصّةً السوريّة والليبيّة والمِصريّة واليمنيّة، ويبدو أنّ زيارات الرئيس البشير لعواصم هذه القنوات لعِبَت دورًا كبيرًا في تخفيف حدّة“التّحريض”.

 تدخّل الجيش مُباشرةً واستولى قائده ووزير دفاع البِلاد على الحُكم دون مُواربة.

من الصّعب التنبؤ بتطوّرات الأيّام المُقبلة

ولكن هنيئًا للشعب السودانيّ بهذا النّصر الذي استحقّه، وقدّم الشّهداء من أجل الوصول إليه، وإطاحة نظام حُكم فاسد ورئيس طاغِية، وكُلنا ثِقة بأنّ الشّعب وانضباطه، وقوّة عزيمته، وصلابة حِراكه هو الضّمانة للحِفاظ على مُكتسبات الثورة.

شاهد أيضاً

أول تصريح لوزير الإسكان الكندي الجديد بعد توليه المنصب

الأهرام الكندي .. تورنتو أجرى رئيس الوزراء الكندى، جاستن ترودو، تعديلاً وزارياً، بعد أسبوع فوضوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.