الأحد , ديسمبر 22 2024
الدكتور ايهاب أبو رحمة

د. إيهـاب أبـورحمه: طـبيب بس مبديـش شهـادة ضمان لمريـض.

لاشك أن الطب رسالة ساميه ولا يسمو فوقها أي رسالة أو مهنه لذلك فهيا تحظي بإهتمامٍ كبير في دول العالم المتقدمه و الدول التي تسعي للتقدم و التخلص من عبودية الماضي و الدول الكبري , فهي ساميه ولكنها ليست سحريه كما أنها ليست بالطبع مجانيه في كل الأحوال .

مهنه ساميه لأنها تتعامل مع روحٍ بشريه كرمها المولي عز وجل و لكن بطبيعة الحال الطبيب إنسان له صحته و خصوصيته و فاقد الشئ لا يعطيه فلا يستطيع توفير الخدمات لك منفرداً كما لا يستطيع تحمل مشاقها ماديةً كانت أو نفسيه من لدنه هو وفقط ، فهو لديه الأسره و الحياه الشاقه التي لابد له من مواجهتها.

يعتقد البعض كونها مهنه ساميه فلابد للطبيب أن يكون متاحاً للمريض دائماً دون مراعاة الوقت أو التكلفه فحتي يستمر لابد لجسده من أخذ قسطٍ من الراحه ولابد لحياته و أموره الشخصيه أن تنقضي ولكن للأسف لا يحترم أهالي المرضي في كثيرٍ من الأحيان خصوصيته و يقحمون أنفسهم في حياته دون استئذان حتي و إن لم تستدع حالة مريضهم زيارة طبيبٍ من الأساس.

 ولك عزيزي القارئ أن تعرف ثقافة بعض المرضي و ذويهم في بلادنا الغاليه :

• لابد من الذهاب لأعلي الأطباء أجراً و قد يتوفر الأرخص و الأفضل (عملاً بمبدأ الغالي تمنه فيه) ! وبعدها يشتكي غلاء أسعار كشوفات الأطباء.

• يفضل الطبيب صاحب (الروشتة) المكتظه بالأدويه وهو علي قناعه بأنه كلما زادت الأدويه الموصوفه زاد علم الطبيب !.

• يفضل الطبيب صاحب العياده الأفخم فهو بالتبعيه الأفضل و الأعلم!.

• يعتقد أن حياة الطبيب مستباحه للجميع ولو لم يرد الطبيب عليه تليفونياً في أي الأوقات كان جشعاً مادياً لا يعرف أدني درجات الإنسانيه.

• المريض المصري يذهب متأخراً و يظن أنه قد اشتري وقت الطبيب بماله وله الحق في الذهاب أينما ذهب وقتما شاء!.

• يعتقد المريض بسحر الطبيب فعليه الإجابه و التشخيص قبل نتيجة التحاليل و الأشعات و إلا فهو طبيب جاهل! .

• يعتقد أن أي طبيب لا يحتاج لتخصص لعلاجه فهو طبيب و عليه العلاج مهما كان المرض.

• يصل المريض المصري عادةً متأخراً بعد أن أنهكه المرض و مع هذا لا يتقبل هو و ذويه نتيجة العلاج رغم سوء حالته الطبيه التي ذهب بها.

• يعتقد أهل المرضي أنه طالما أن الطبيب أجري عمليه جراحيه فهو بهذا قد ضمن له حياةً هنيه و معيشةً رضيه.

• يعتقد البعض أن الطبيب ساحر يعرف التشخيص و الأمراض التي يعاني منها المريض دون أن يصرح له المريض تاريخه المرضي.

• لا يتقبل أهل المريض فكرة موت مريضهم بعد إجراء أي عمليه جراحيه مهما كانت خطورتها وخاصةً إذا كانت تكلفتها عاليه!.

• يعتقد أهل المريض أن الطبيب حال حدوث مضاعفات بعد عمليه جراحيه أنه إما جاهل أو نصاب و لا يمت للإنسانيه بصله!.

للأسف جهل بعض المرافقين و مرضاهم أدي إلي ظهور نماذج الدجل الطبي و أطباء الشاشات الذين لا يحملون أي شهادات كما أدي إلي سطوع نجم بعض ضعاف المهنه و أصحاب اللسان الجميل علي أصحاب العلم و الخبره و قد شاهدت بنفسي كطبيب تخدير أطباء و جراحين عياداتهم الخاصه فارغة تماماً و يستعين بهم و بعلمهم الكثير من نجوم العيادات الممتلئه و الفضائيات و كنت أتعجب تماماً هل هو مجرد حظ أم بسبب سوء معاملة المرضي و لكن أيقنت أنه الجهل الذي يرفع جهال إلي السماء و يخسف العلماء أرضاً.

الطبيب ياساده هو إنسان له و عليه و لكن نجح إعلامنا الهادف إلي تحويل الأطباء إلي شياطين الإنس لا ملائكة رحمه فهدفهم جيوب المرضي و أموالهم لا صحتهم متناسيين الحقيقه المره و أن أكثر أطباء مصر الآن إما في بلاد النفط أو بلاد الغرب (العادله) للعمل المؤقت أو الهجره الدائمه و أخرون و قد هجروا المهنه عن طيب خاطر إلي مهن أخري مبتعدين عن مهنة البحث عن المشقه .

 لا أدعي أبداً أن كل أطباء مصر شرفاء و لكن أكثرهم شرفاء ولنعلم أن من توحش علي المرضي كان بسبب جهلهم و إهمال المسئولين في وزارة الصحة لهم مادياً و عدم تقدير الناس لعلمهم الذي يرفع عماد الدول التي تبغي تقدماً و ازدهاراً و مع هذا الإهمال و الجهل استوحش بعضهم علي المرضي إلي أن مات ضميرهم تماماً كما هو حال كل المهن و لكن بطبيعة الحال و كونها مهنه تعامل الإنسان في أضعف حالاته يصعب علي كل ذي قلبٍ تحمل هذا التوحش.

و نتاج لهذا الجهل أيضاً و سوء تقدير أهل العلم أصبح بعض هؤلاء الوحوش هم كل الأطباء في عيون أصحاب النظر القصير و ضعاف الفكر و العقل ، و الأسوء أن الجُهال أنفسهم يشنون حملات تشهير شعواء في مواقع التواصل الإجتماعي علي أي طبيب لمجرد حدوث مضاعفات رغم جهلهم التام بالطب متناسيين حديث رسولنا الكريم {واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك، وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك}.

و لعلنا نري قلة الإيمان هذه تتجلي في مرضي العنايه المركزه فنحن نري المريض في أسوء حالاته الصحيه و مع هذا حينما يتحسن المريض ‏و تخرجه من العنايه إلي الغرف العاديه و بعدها بأيام و قد حدث له انتكاسه يأتي إليك ذويه صارخين مهددين و متهمين إياك بقتله عمداً بعد تحسن حالته و كأنك أخرجته من العنايه المركزه بشهادة ضمان متناسيين أن الطبيب نفسه لا يملك روحه و حياته التي قد تنتهي في لحظات!!.

 فتجد أكثرهم وكأنهم قد ضلوا و ضعف إيمانهم ، و كأنهم نسوا أن الروح بيد الله و أن الطبيب ما هو إلا وسيله يحيا بها المريض أو ينتهي أجله و يقضي نحبه ، ولكنه الإيمان الذي فقدناه كثيراً ، و لكن بدلاً من لوم الطبيب علي المضاعفات بل علي مصير المريض لماذا في أغلبكم تأتون بمريضكم و قد أصابه المرض و وصل به إلي مراحله الأخيره لماذا لم تهتموا بهم سريعاً لماذا لم تولوهم قليلاً من الرعاية التي تدعون؟؟.

ارحموا أطباء مصر و بدلاً من كيل الإتهامات وفّروا لهم البيئه الصحيه للعمل و اتركوا النتائج لله عز وجل ، وبدلاً من الشكوي من ارتفاع أسعار بعضهم تذكرواً جيداً لولا تكالبكم عليهم ماكانوا بالغوا في أسعار كشوفاتهم و قد يكون هناك بديل أصغر سناً و أكثر كفاءةً من هذا الذي تتسارعون نحوه ولكن أنتم من تجعلون للشئ سعره مرتفعاً كان أو منخفض و عليه فلا تلوموا إلا أنفسكم.

 قدّروا أطباء مصر حق قدرهم فلا خير في أمةً أهانت معلميها و أهل العلم فيها و كذلك لا تغرنكم المظاهر فهي في كثيرٍ من الأحيان كاذبه و اعلموا أن سعر الخدمه يحدده طالبوها بتسارعهم و تهافتهم عليها و اعلموا أن الطب في مصر بخير و لكن أحسنوا التفكير والإختيار و أعيدوا تقييم إيمانكم بالله و بقدّره و تذكروا قوله تعالي {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.