الأحد , ديسمبر 22 2024
الشيماء حسن
الشيماء حسن

أسرار البنات ليست أسرار

بقلم : الشيماء حسن

زوجان متحابان تزوجا حديثا وعادا من شعر عسل سعيد الزوج شاب وسيم انيق مرموق والزوجة جميلة ناجحة قوية كل منهما يمتلك عملا وسيارة موديل حديث .. كل شئ يوحى بحياة مترفة سعيدة خالية من المنغصات .

فجأة تنقلب الحياة بينهما رأسا على عقب تتمنع الزوجة لا تطيق اقتراب زوجها تصبح حادة عصبية تشكو من كل شئ لم تعد ترغب فى العمل وليست واثقة من حبها لزوجها او صحية قرار الزواج اصلا فى غضون خمسة ايام تنهار الزوجة تترك عملها وتطلب الانفصال عن زوجها .

هذا هو ملخص قصة حلقات ” اهدى يامدام ” احدى اجزاء مسلسل نصيبى وقسمتك 2

فى نهاية القصة وقبل ان يفصل المأذون بين الزوجين تتراجع الزوجة وتعود الى رشدها رافضة الطلاق من زوجها لنكتشف ان كل هذه التغييرات التى اصابتها وتقلب المزاج هى نتاج ( PMS ) او ( متلازمة ما قبل الدورة الشهرية )

سعدت كثيرا بهذا العمل لم يحدث ان اقترب عمل فنى بهذا العمق من امر نسوى شائع متلازمة تصيب من 5% الى 10% من النساء عادة فى اواخر العشرينات واوائل الثلاثينات وقد تسوء فى اواخر الثلاثينات واوائل الاربعينات .

تلازم النساء لسنوات وتؤثر عليهن وعلى حياتهن وعلاقتهن بالاخرين تأثير مباشر وقوى فهى تتحكم فى تقلب امزجتهن وتغير تصرفاتهن من النقيض للنقيض .

الدورة الشهرية او البيريود من اسرار النساء الشائعة . فى الحقيقة هى ليست امرا مخفيا هى حدث طبيعى روتينى معتاد .

اعتدت تصفح احدى صفحات الفتيات الشهيرة على الفيسبوك المفتوحة للجميع والاجابة عن الاسئلة التى تطرحها روتين امارسه كثيرا اتذكر احدى اسئلتها منذ اعوام لفتيات الصفحة وكان كالتالى

( امتى بتحسى انك مرتاحة اوى اللى هو بتبقى هح كدا ؟ )

اجبت بتلقائيتى المعهودة فى كومنت ( لما تخلص البيريود )

صعقت لكم الردود الغاضبة التى تلقيتها على تعليقى ( وكانت معظمها من الفتيات ) والرسائل المهينة والبذيئة التى وصلتنى على حسابى الخاص من رجال الصفحة المهذبون ناعتة اياى بالفاظ شتى لافتقادى الحياء اذ كيف اجيب هكذا على العام .

لم اكن متحدية او اريد اثارة الجدل كما اتهمنى البعض كنت فقط امارس روتين يومى باجابة اسئلة الصفحة ( الموجهة للفتيات ) بتلقائية وبساطة اعتدتها .. لم افهم حينها سر هذا الغضب الجماعى .

فقط فى بلادنا الدورة الشهرية هى اسرار ينبغى تكتم الحديث عنها . امر مخجل لا ينبغى الجهر به وسر نتهامس احداثه .

 فنحن مجتمع بيستحى

يتبادر الى ذهنى مشهدين سينمائيين متماثلين جوهر متناقضين تفصيلا …

احدهم من فيلم اجنبى شاهدته ولا اتذكر اسمه .. تتعرض فيه فتاة مراهقة لتلك التغييرات الجسدية والفسيولوجية فتشرح لها والدتها ان دورتها بدات وهى الان على اعتاب الانوثة لتطير الفتاة فرحا وتذهب مع امها لشراء كل انواع الفوط الصحية وهى تتراقص وتتمايل احتفالا ببداية مرحلة جديدة من حياتها ثم تملى على الام شروطها لتتفقا سويا فى وضع خطة مراحل تحررها بداية من سن استقلالها والسماح بالمصاحبة وغيرها من كسر القواعد و القيود الاسرية التى تلتزم بها كفتاة صغيرة .

المشهد الاخر من فيلم ” اسرار البنات ” انتاج 2001 .. حين تتعرض ياسمين ( بطلة الفيلم ) لتلك التغيرات فتصاب بالفزع وتتوارى خجلا فى مدرستها وحين تعود تعطى لها امها تلك الفوط وهى مطأطاة الراس دون ان يتبادلا كلمة واحدة فى مشهد اراه عبقرياً للمخرج ( مجدى احمد على ) يعكس بعمق الثقافة المصرية ورؤيتها للمرأة وامور المرأة ولعنة دورة المرأة حتى تسمية الفيلم وتصنيفه على انه فيلم للكبار فقط تعكس تلك الثقافة الحيية فى تناول كل ما يخص المرأة .

اتذكر يوما وانا فى الدراسة الاعدادية فى مدرسة فتيات ارادت احدى معلماتنا تعويدنا الصلاة الجماعية فاقترحت ان نطالب جميعا بوقت مستقطع للصلاة ونصلى صلاة الظهر جماعة .. كثير من الفتيات رفضن بعد ان تناقشن ثم قامت احداهما تعلن اسباب الرفض قائلة بالنص

( مش موافقين لما كل واحدة يجيلها العذر اللى يمنعها من الصلاة كله هيعرف عندها الدورة وهتتفضح ) هذه الفتاة لا تمثل نفسها هى انعكاس لتلك النظرة الدونية للمراة التى يعتنقها الكثير فى مجتمعنا رجالا ونساء فاذا كانت تخشى من معرفة زميلاتها لميعاد دورتها التى يشاركونها نفس الحدث فلا عجب ان تهاجمنى الفتيات استنكارا لتعليقى ( لما تخلص البيريود ) واذا كان هذا فكر النساء فما بالنا بالرجال .

يالله .. لماذا نحن دونيون ومشوهون لهذه الدرجة نتعامل مع ابسط الامور بتعقيد فنزيد الطين بلة ونشوه دواخلنا وحياتنا بجدارة نحسد عليها .

اليك ايها الشرق العظيم سر خطير الدورة الشهرية تحدث لجميع نساء الارض وتصاحبهن لسنوات تصل فى المتوسط 30 عام من اعمارهن . فى تلك الفترة تتقلب امزجة النساء حد النقيض .

ليس هذا فقط اليك السر الاعظم هذه الدورة تصاحبها الام جسدية واعراض نفسية تتفاوت حدتها من سيدة لاخرى من هذه الاعراض التوتر – القلق – نوبات بكاء – تأرجح المزاج – حدة الطبع – ارق – غضب غير مبرر – رغبة فى النوم – اكتئاب – تقلبات فى الشهية – انتفاخ بطن – حب الشباب .. ناهيك عن الالام الجسدية منها الآم فى العظام – حساسية فى الصدر – وهن وضعف عام وغيرها

ومع هذا الضعف ومع تناوب كل هذه الاعراض على اجساد النساء ونفسيتهن ومع ذلك لا تتوانى النساء يوما عن مهامهن او يتركن اعمالهن او يتخلين عن مسئولياتهن .

فمتى نخرج من هذه الشرنقة متى تربى النساء فتياتهن على الفخر بانفسهن لتحملهن هنات القدر وتعلمهن التعامل بطبيعية وبساطة مع اجسادهن وعدم الخجل من تغيراتهن الفسيولجية يكفيهن جنون هرموناتهن .

لن اخاطب الرجال لان الامر يبدا ويتنهى لدى المرأة . وحدها القادرة على ترسيخ احترام طبيعتها والتحرر من تلك النظرة المتدنية لنفسها وجسدها . فقط اقول لرجال الشرق عليك تفهم طبيعة المراة وقبول تقلب مزاجها ومساعدتها فى تخطى تلك التقلبات امرا وليس فضلا حتى لا تنصب عليك حدتها لانك شئت ام ابيت هى شريكتك فى الحياة وانت محاط بالنساء اللاتى تصيبهن الدورة الشهرية جميعا واكثر ما يحتجن اليه فى تلك الايام هو التلطف والحنان ولا اخفيك سرا انك ان اثرت ضيقهن قد تصل باحداهن فى احدى هذه التقلبات ان تحيل حياتك الى جحيم واضف الى معلوماتك هى ليست خلل جسدى او مرض معدى فلا تخشى على نفسك واقترب من نساء عائلتك فى تلك الفترة واكسب ودهن هذا لمصلحتك اولا .

اما رجال النزعة الشرقية والدينية فارجو ان يمتنعوا من ممارسة تعاليهم فهذا المقال ليس ضعفا او اثارة للشفقة لذا قبل ان يتغنوا بجملتهم المعتادة ” لهذا فانتن لا تصلحن للقضاء وتولى المناصب القيادية وووووو والرجال خير وافضل واعلى واقوى وووووو اليهم اقول لا تخرجوا المارد النسوى دعوه يستكين فى سلام لان النساء مع كل هذه الاعراض والتغييرات والشعور بالضعف والوهن لايام فى جملتها سنوات عاملات قويات متحملات بينما احدكم فقط دور برد عابر قادر على طرحه فى فراشه شهرا .

ماذا نفعلُ في هذا الوطن؟

الذي يعرف كلَّ شيءٍ عن ثورة أكتوبر..

وثورةِ الزَنْجْ..

وثورةِ القرامِطَهْ..

ويتصرّف مع النساء كأنه شيخ طريقَهْ

ياسيدتى

إن جسدكِ ليس ضدَّ الثقافَهْ..

ولكنَّه الثقافّهْ..

ومَن لا يقرأ دفاترَ جسدكِ

يبقى طولَ حياته.. أُمِيَّاً….

*الشعر لنزار قبانى `

شاهد أيضاً

المغرب

مهرجان الفوضى الخلاقة ؟

نجيب طـلال كــواليس الفـوضى : ما أشرنا إليه سلفا حول المهرجان الوطني للمسرح (؟)(1) اعتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.