الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
مختار محمود
مختار محمود

عائض القرنى.. ووزير الأوقاف

مختار محمود

أنْ تأتى متاخراً خيرٌ من ألا تأتى، فقد فعلها الداعية السعودى “عائض القرنى” واعتذر. أى نعم.. اعتذارُه جاء مُتأخراً، ولكنه اعتذر واعترف بخطيئته طوال السنوات الماضية، وأقرَّ بأن الأفكار التى وهب نفسه لها، طوال العقود الماضية، ليستْ من الإسلام فى شئ، بل أضرَّتْ الإسلامَ، وشوَّهتْ صورته، فى الداخل والخارج.

يكفى الرجلَ عدمُ استمرائه واستمراره فى أخطاء  وخطايا الماضى، ومبادرته بالاعتذار والندم، دون أنْ يجبره أحدٌ على ذلك.. ولكن ألا تدفعُ هذه المبادرة مَن لا يزالون فى غيِّهم يعمهون، ويتبعونَ نهجَ “عائض القرنى”، ممن يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، ويحسبون أنهم يحسنون صُنعاً، ومن يهادنونَ الباطل ويخاصمونَ الحق؟

الإسلامُ دفع كثيراً، ولا يزالُ يدفع، وسوف يدفعُ أكثرَ؛ بسبب بعض المنتسبين إليه، ومن يفرضون وصايتهم عليه، ويظنون أنهم حاملو لوائه، والمدافعون عن رايته، ومن يحتكرون الحقيقة وصكوك الغفران ومفاتيح الجنة والنار.

 اعتذارُ “عائض القرنى” يجبُ أن يكون مُلهماً لأمثاله وأقرانه فى عموم العالم الإسلامى، وما أكثرهم، ممن عكروا صفو الدين، وكانوا سبباً فى أن يخرج منه الناسُ أفواجاً، كما كانوا يدخلونه فى عهد الرسول الكريم أفواجاً.

اعتذارُ “عائض القرنى” يجبُ أنْ يكون دافعاً إلى نزع القدسية الزائفة عن رجال الدين، وتجريدهم منها إلى الأبد؛ فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وثبت أنهم مناورون، ماكرون، لا يدافعون إلا عن مصالحهم الشخصية، ومن يدفعون لهم. هم بشرٌ أمثالُنا، لم يؤتوا الحكمة أو الرسالة.

اعتذارُ “عائض القرنى”.. أظهرَ الوجهَ القبيحَ لمرتزقة الأديان، الذين يتخذون من الإسلام بضاعة رائجة، لملء بطونهم وخزائنهم، وتحقيق أهدافهم الدنيوية والدنيئة.

اعتذارُ “عائض القرنى”.. أنصفَ الإسلامَ الحقيقىَّ، إسلامَ الفطرة، فطرة اللهِ التى فطرَ الناسَ عليها، الإسلامَ الذى يقوم على الاعتزاز بالإنسان وتكريمه واحترامه وتقديره والإعلاء من شأنه، إسلامَ اليسر وليس العُسر، إسلامَ الرحمة وليس القسوة، إسلامَ الحب والمودة وليس إسلام عذاب القبر وضمته.

كم أتمنى أنْ يتنازلَ وزيرُ الأوقاف المصرى من عليائه وغلوائه، ويطالعَ التقاريرَ الصحفية والتليفزيونية التى أعقبتْ اعتذارَ “عائض القرنى”، ويراجع مواقفه، ويعيد حساباته، فلعله يعودُ إلى رشده، و يتوبُ إلى اللهِ متاباً، ويفاجئنا باعتذارٍ مكتوبٍ، عما فعل واقترفَ، خلالَ السنوات الماضية، بحقِّ الإسلام، ويعاهدَ اللهَ على ألا يعودَ إلى ما قدمتْ يداه، ونطقَ لسانه.

افعلها يا معالى الوزير، واستقلْ، واعتذرْ، وارحلْ غيرَ مأسوفٍ عليك، فإن الإسلام سوف يكسب كثيراً كثيراً باختفائك عن المشهد العام نهائياً، فأنت و”القرنى”، وأمثالكما عبءٌ ثقيل وجسيمٌ على الإسلام

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الرديكالية القبطية وفن صناعة البدع والازمات

مايكل عزيز ” التركيز على ترسيخ مفهوم ديني جديد ، وإعادة ترديده بشكل دائم على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.