الأحد , ديسمبر 22 2024

طريق الآلام بمدينة القدس – الطريق للمحاكمة…ج3 !!

 

.ماجد عزت إسرائيل

هنا نريد التركيز على خط سير يسوع منذ القبض عليه في منطقة وادي قدرون وحتى الوصول إلى مقر المحاكمة. مدينة أورشليم القدس تقع على هضبة غير مستوية، يتراوح ارتفاعها ما بين(2130- 2469) قدمًا، وفلكيًا تقع على دائرة عرض 45ٌ شمالاً، وخط طول 25 شرقًا وتبلغ مساحتها نحو 1000متر مربع، وهو ما يقارب 3838 فدانًا،وتحيط بالهضبة التي تقع عليها القدس أودية عميقة، أهمها وادي قدرون يفصل بين المدينة وجبل الزيتون، ويسمى أيَضًاً وادى يهوشافاطـ،ويعرف كذلك باسم الوادي الشرقي، ووادي “سلوان” أو “هنم” في الغرب حيث كانت النيران تشتعل بصفة دائما لحرق فضلات المدينة،ويلتقي الواديان جنوبًا، ويمتد من الشمال الغربي للهضبة إلى جنوبها الشرقي وادي الجبانة، كما يمتد إلى وادي سلوان الذي يتصل بوادي قدرون.

ومن الجديد بالذكر أن وادي قدرون يمتد من شمال القدس نحو الشرق، ويلتوي نحو الجنوب منحدرًا بسرعة، وكان له قديمًا فرع يصل حتى بستان جسيثيماني- المكان الذى شهد القبض على المسيح – وقد امتلأ بالأتربة والقازروات.وكان المسلك لمنطقة البستان، طريق مدرج مبسط الدرجات، تصعد وتنزل فيه الدرجات، تصعد وتنزل فيه الدواب. وكان “قدرون” يسيل في قعر الوادي الضيق بمياهه العكرة التي استحقت له لقب “الأسود” أو “القذر”. ولا تسيل فيه المياه أكثر من أربعة أو خمسة أسابيع في الربيع، بيد أنها، في تلك الفترة القصيرة تهدر وتصطفق فيه بعنف. ثم يأتي الصيف، ويحول تلك الساقية إلى مسيل يابس تتخلله الصخور.

وعقب القبض على السيد المسيح من رجال العسكر الرومان بعد منتصف الليل(كالعادة عند العسكر)،ساقوه إلى دار قيافا رئيس الكهنة،فبحثوا على أقرب مسلك لدار قيافا، فمشوا في مسالك غير معبدة، حتى وصلوا إلى السور الشرقى لمدينة أورشليم ودخلوا من باب الأسباط الذي يقع في الحائط الشرقى للسور،وهو الباب الذى يسمى أيضًا “باب الأسود” إذا نقش على جانبية زوجان من الأسود،كما يطلق عليه باب”إستفانوس” حيث يذكر أن القديس إستفانوس أخرجوه من هذا الباب ليرجم، وكذلك يعرفهذا الباب”باب ستنا مريم” نظرا لأنه يقع في مقابل الجثسيمانية حيث قبر السيدة العذراء.هنا يجب أن نؤكد على أن السيد المسيح عند دخل المدينة في أحد الشعانين دخلها من ناحية الشرق من الباب الذهبى “الأبواب الدهرية”،وعندما قبض على المسيح وساقوه لرئيس الكهنه دخلها من الشرق من “باب الأسباط”.

على أية حال، شهدت لحظة القبض على يسوع وهو في طريقة للمحاكمة أو دار قيافا مشهد أكد عليه القديس مرقس حيث ذكر أن شاب تبع يسوع عندما سيق مخفوراً، وكان شبه عارٍ ليس عليه غير إزار، فلما أمسكوا به تخلى عن الإزار وهرب عرياناً (مرقس 14: 51-52). فمن هو هذا الشاب؟ ولماذا كان شبه عارٍ؟ هل كان بصحبة يسوع عندما ابتعد عن جماعته وراح يصلي؟ هل هو أحد الاثني عشر؟ هل هو التلميذ الحبيب؟ أسئلة ربما كانت الإجابة عليها كامنة في ثنايا إنجيل مرقس.وأيضًا تفرق الرسل كلٌّ يطلب نجاته، عدا بطرس الذي تبع يسوع. “فذهبوا بيسوع إلى رئيس الكهنة، فاجتمع الأحبار والشيوخ والكتبة كلهم. وتبعه بطرس عن بُعدٍ إلى دار رئيس الكهنة وقعد مع الحرس يستدفئ عند النار… وبينما بطرس في الساحة السفلى من الدار، جاءت جارية من جواري رئيس الكهنة فتفرست فيه وقالت: أنت كنت مع الناصري مع يسوع. فأنكر قائلاً: لا أدري ولا أفهم ما تقولين. ثم انسل إلى خارج إلى الدهليز، فصاح الديك. فرأته الجارية وأخذت تقول للحاضرين إن هذا منهم، فأنكر أيضاً. وبعد قليل قال الحاضرون لبطرس: حقاً أنت منهم لأنك جليلي أيضاً ولغتك تشبه لغتهم. فأخذ يلعن ويحلف إني لا أعرف الرجل الذي تقولون عنه. فصاح الديك مرة ثانية. فتذكر بطرس قول يسوع: قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات. وأخذ يبكي.” (مرقس 15: 53-72).

الخلاصة …. لم يكن يهوذا الإسخريوطي ليجهل الموضع الذي كان لابد ليسوع أن يقضي فيه الليل،حيث كان التلاميذ قد ألفوا التردد على هذا البستان مع معلمهم.كما كان الكهنة والشيوخ يريدون القبض على السد المسيح؛في هذا المكان المنعزل،من جهة؛ وكان لابد، من جهة أخرى، أن تنجز المؤامرة قبل أن تؤذن الأبواق بحلول عيد الفصح.فذهب،مع يهوذا،جمع كثير من جند وخدم،بمصابيح ومشاعل، وسيوف وعُصي.وقد ذكر معلمنا يوحنا قائلاً:”فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ.”(يو18: 3). وبقبله وثلاثين من الفضة سلم يهوذا معلمه…والسؤال من الذى أمر بالقبض على السيد المسيح الكهنة والشيوخ اليهود؟ أم السلطة الرومانية؟ أم كلاهما معاً أى السلطة الدينية والمدنية.… لقد أكد الكتاب المقدس، أن الذين تولوا مهمة القبض على السيد المسيح كانوا “جمعاً”…وعقب القبض عليه ساقوه إلى دار رئيس كهنة اليهود لمحاكمته ..فماذا حدث في دار قيافا!!

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.