أمل فرج
يبدو أن حالة الهلع التى أصابت الموظفين فى دواوين الحكومة والمؤسسات المختلفة منذ تنفيذ التوجيه الرئاسى بفصل من يثبت تعاطيه المخدرات دفعت أصحاب “المزاج” من الموظفين إلى التفكير فى إبطال نتيجة التحليل والإفلات من عقوبة التعاطي عبر تناول بعض المواد مثل الخل واللبن وحبوب منع الحمل التى يمكن لمفعولها أن يعطي نتيجة سلبية لتحليل المخدر وذلك كعادة بعض المصريين الذين دائما ما يتحايلون على القانون للافلات من العقوبة.
عبر التحقيق التالى نكشف ألاعيب المتعاطين والمواد التى يتم تناولها لإبطال نتيجة تحليل المخدر وكذلك وسائل الكشف عن هذه “المبطلات ” وكيفية التعامل معها.
بداية لابد من الـتأكيد على أن التوجيه الرئاسي جاء نتيجة تزايد خطورة تعاطي المخدرات على الأمن الاجتماعي ومن ثم كان لابد من وقفة صارمة لتحقيق الإنضباط فى مؤسسات الدولة ومرافقها العامة وتوفير أقصى درجات الآمان إذ أنه ربما قد يلجأ موظف متعاطي إلى بيع مؤسسته وأسرارها مقابل جرعة تجعله يغيب عن العقل أو ربما يكون هناك موظف يعمل سائقًا ونتيجة تعاطيه للمخدرات يعرض حياة الركاب معه للخطر والسبب واحد وهو الجرعة اللعينة .وقد حدث بالفعل أن وقعت حوادث كثيرة على الطرق السريعة أو السكة الحديد وتبين أن السائق كان فى غير وعيه نتيجة تعاطيه المخدرات.
ومن هذا المنطلق كان اتجاه الدولة صارما نحو تطهير المؤسسات من الإدمان والموظف المتعاطي تجسد ذلك فى التعديلات التشريعة التي شرع مجلس النواب فى اجرائها على قانون الخدمة المدنية وقانون العمل .. وهُنا يأتي السؤال .. هل يلجأ البعض إلي تناول المبطلات للتحايل علي نتيجة التحليل ؟
مبطلات تحليل المخدرات
الدكتور إبراهيم عسكر مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة الإدمان يقول في حديثه لـ”بوابة الأهرام” أن هناك موظفين يلجأون بالفعل إلي تناول مبطلات تعمل علي تزييف الحقيقة فتجعل نتيجة التحليل سلبية للمخدرات وهو ما يعني أن هذا الموظف لا يتعاطى مخدرا.
خل ولبن وحبوب منع الحمل
يشير “عسكر” إلي أنه يجري تحليل الكشف عن المخدرات منذ نحو 4 سنوات علي سائقي الطرق السريعة وسائقي حافلات المدارس كما أنه تم إجراؤه علي 8000 موظف حكومي ولكن قبل توجيهات الرئاسة بتعميم هذا التحليل وفصل الموظف الذي يثبت تعاطيه ويكشف عن أنواع المبطلات المستخدمة لتزييف نتيجة التحليل فيقول أن بعض الموظفين يستخدمون الخل واللبن وحبوب منع الحمل لإبطال نتيجة تحليل المخدرات.
ضمانات نزاهة التحليل
غالبية المواطنين يرحبون بتحليل المخدرات للموظفين لتطهير الجهاز الإداري للدولة لكن هناك من يتساءل عن ضمانات عدم تحايل بعض الموظفين علي نتيجة التحليل وهنا يؤكد “عسكر” أن عملية خداع القائمين علي إجراء التحليل صعبة لعدة عوامل أهمها أن التحليل يعتمد علي عنصر المفاجأة واللجنة القائمة علي إجراء التحليل للموظفين ستتوجه بشكل مفاجئ إلي المؤسسة دون إخطارها بذلك وثانيًا أن المبطلات التي يلجأ المتعاطون إلي تناولها كالخل واللبن وحبوب منع الحمل وغيره تحتاح إلي مرور 6 ساعات على تناولها حتى تؤتي بالنتيجة المرغوبة منها وثالثًا فإن الأجهزة المستخدمة في إجراء التحليل متطورة وقادرة علي كشف المبطلات حيث تظهر علامات تشويش علي النتيجة فيعلم المسئول عن إجراء التحليل أن هناك تحايلا من الموظف علي نتيجة التحليل قائلًا: “بنعرف ان فيه حاجه غلط فبنعيد التحليل” وحينها يتم تحويل الموظف إلي الطب الشرعي أو المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة لإعادة التحليل بواسطة أجهزة أفضل تعطي نتائج أوضح بل وتكشف عن أنواع المبطلات التي تناولها الموظف.
خطوات إجراء التحليل
وحول آلية إجراء التحليل يوضح أنه يتم عن طريق أخذ عينة من البول ويستغرق نحو دقيقتين ويتم استخدام شرائط كاشف استدلالي تكشف عن 10 أنواع من المخدرات وفي حال ظهور النتيجة إيجابية للمخدرات يتم تحريز العينة بمحضر رسمي وإرسالها إلي الطب الشرعي للحصول علي نتيجة تأكيدية للعينه وبعد ذلك يتم تحويلها إلي النيابة لتصبح أمامها محضرين محضر من اللجنة القائمة علي إجراء التحليل في مؤسسة العمل ومحضر من الطب الشرعي.
محمد رشاد 41 عامًا يعمل موظفًا بمؤسسة حكومية يتساءل: “نضمن منين ان الموظف مش هيدفع رشوة علشان نتيجة التحليل تطلع سلبية للمخدرات” ؟
مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة الإدمان يوضح أن العينات التي تأخذها اللجنة من الموظفين تقوم بإرسالها إلي الطب الشرعي أو المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة دون كتابة اسم صاحبها عليها هي فقط تضع باركود علي كل عينة وهو ما يفسد محاولات تزييف نتيجة التحليل باستخدام الرشوة قائلًا: “محدش عارف العينة دي مين صاحبها”.
أحمد فتحي 39 عامًا ويعمل موظفًا بالحكومة يتساءل: فيه مخدرات أثرها بيروح بسرعة من الدم وهنا ممكن الموظف يفلت من نتيجة التحليل!
الدكتور نبيل عبد المقصود أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية طب جامعة القاهرة يقول لـ”بوابة الأهرام” إن تحليل الشعر مهم جدًا في الكشف عن المخدرات إذ تظل المخدرات في الشعر لمدة نحو 90 يومًا بينما قد تزول أثارها من دم الانسان أو البول بعد عدة أيام لذا يطالب من خلال “بوابة الأهرام” بتبني الحكومة لتحليل الشعر كإحدى آليات الكشف عن المخدرات بين الموظفين.
وليد عبد العزيز 35 عامًا يتساءل: ما المصير القانوني للموظف المتحايل علي نتيجة التحليل باستخدام أحد المواد المبطلة ؟!
اللواء أحمد الخولي مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يقول لـ”بوابة الأهرام” إن الموظف المتعاطي لا شك أنه يضر نفسه وصحته أولًا ويضر المؤسسة التي يعمل بها ثانيًا ويضر بلده ثالثًا لأن الجرعة التي يتناولها تؤثر علي عقله وتفكيره فتتسبب في ارتكابه المخالفات دون أن يدري.
ويتابع أن تحليل الكشف عن المخدرات للموظفين بداية لتطهير الجهاز الإداري للدولة والموظف الذي يتحايل على نتيجة التحليل باستخدام إحدى المواد التي تبطل النتيجة يجب أن يتساوى في نظر القانون بالموظف المتعاطي وبالتالي تطبق عليه عقوبة الموظف المتعاطي وهي الفصل من وظيفته.