ماجد سوس
منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم في البيت الأبيض وهو يرغب في تحقيق أكبر قدر من النجاحات على المستوى الداخلي والخارجي متحدياً كل من شكك في قدراته وخبراته ولاسيما من أعداء حزبه التقليديين من
الديمقراطيين وفي رغبته لتحقيق هذا دأب أن يسلك طرقاً جديدة قد تصل إلى حد الغرابة والجرأة، بدأ من بناء السور الغربي للولايات المتحدة التي يفصلها عن المكسيك مروراً بفتح ملف الاحتكار الصيني التجاري
ثم استطاعته فتح حوار مع دكتاتور كوريا الشمالية في سابقة لم يستطع أن يقدم عليها رئيس اخر ثم إعادته النظر في المعاهدات الدولية الخاصة بالأمن القومي واتفاقيات الدفاع المشترك مع كندا والمكسيك ودور أمريكا في حلف الناتو
وكلها ملفات شائكة لم يجرأ احد قبله بفتحها
بالطبع كان لا بد ان يصطدم بأكبر مشكلة مزمنة في الشرق الأوسط وهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
وكعادة الرئيس ترامب لديه حلول غير تقليدية وتميل للغرابة فبدأ بنقل السفارة الأمريكية للقدس
وهو قرار لم يجرؤ عليه أي رئيس أمريكي قبله ولكن الأكثر غرابة وجرأة ومعاداة للعرب
هو إعطاء الشرعية للسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية.
والقصة بدأت من عند جاريد كوري كوشنر رجل أعمال ومستثمر أمريكي يهودي، المالك الرئيسي لشركة
«كوشنر بروبرتي» وصحيفة «نيويورك أوبزيرفر»، التي اشتراها في العام 2005
وهو نجل رجل الأعمال الشهير تشارلز كوشنر الأشهر في مجال التسويق العقاري، والأهم من كل هذا أنه متزوج من إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس.
قام ترامب بتعيينه مستشاراً له، كما أوكل إليه الكثير من المهام المتعلقة بالحرب على داعش وعملية السلام في الشرق الأوسط وهو صاحب فكرة ومصطلح صفقة القرن والتي ستنهي الصراع الإسرائيلي العربي كما يزعم كوشنر.
ولأن الخطة مازالت مبهمة فسيناريوهاتها متعددة على أنه من الواضح أن نقل السفرة للقدس
وشرعنة الجولان خطوات تتضمنها صفقة القرن
السعودية مفتاح خطة كوشنر فالسعودية ستعطي قطعة من أرضها للمملكة الأردنية
التي ستعطي بدورها قطعة من أرضها للفلسطينيين مقابل الجزء الذي استوطنه الإسرائيليون
من الضفة الغربية والأردن وبالمقابل ستلتزم السعودية ومعها الإمارات العربية
بضخ أموال شهرية لدولة فلسطين المستقبلية.
ما يثير غضب الفلسطينيين ظهر في تحليل لجريدة القدس التي أشارت إلى سيناريو آخر
وهو أن صفقة القرن لا تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس
بل تقوم على أساس إعطاء قطاع غزة حكما ذاتيا يرتبط بعلاقات سياسية مع مناطق حكم ذاتي
في مناطق الضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وإجراء مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بشأن مستقبل المنطقة (ج)
وفيما يتعلق بالشق الأمني وفقاً للسيناريو الأخير ستتم إزالة معظم الحواجز العسكرية الإسرائيلية
بما يضمن حرية حركة الفلسطينيين لأعمالهم ومدارسهم ومستشفياتهم، والحرية التجارية
في المناطق الفلسطينية، ولكن المسؤولية الأمنية ستبقى بيد إسرائيل بشكل كامل، حتى منطقة الأغوار
إدارة المسجد الأقصى فستكون شراكة بين الأردن والفلسطينيين وإسرائيل، لضمان وصول المصلين إليه وضمان أمنهم وسلامتهم.
بالنسبة للمستوطنات فستقسم إلى ما يسمى بالكتل الكبرى التي ستُضم رسمياً لـ “إسرائيل”
والمستوطنات الأخرى المقامة خارج الكتل الكبرى، وستبقى هي الأخرى أيضا تحت السيطرة الإسرائيلية
ولكن دون توسيعها، أما النقاط الاستيطانية العشوائية فسيتم تفكيكها.
بخصوص قضية اللاجئين الفلسطينيين، “صفقة القرن”
تعتبر أن عددهم يتراوح بين 30 ألف إلى 60 ألف شخص فقط،
وسيتم إعادة توطينهم في مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية في الضفة أو في قطاع غزة إن أرادوا ذلك، فيما سيتم تشكيل صندوق لتعويض أحفاد الذين
“اضطروا” لمغادرة قراهم وبلداتهم ومدنهم خلال حرب 1948 دون تصنيفهم كلاجئين.
وهناك “المحفزات الاقتصادي” التي تشمل بناء ميناء كبير في غزة وتواصل بري بين غزة والضفة الغربية “ووسائل خلاقة للنقل الجوي من وإلى غزة للبشر وللبضائع”
بحسب المصدر، وتعزيز قطاع الإنتاج التكنولوجي في المنطقة (أ).
ظهور سيناريو آخر أغضب المصريون كثيراً، وهو أن مصر ستقوم بتوطين الفلسطينيين في جزء من سيناء
وأن هذا الجزء سيشمل شريط من الحدود البحرية المصرية لبناء ميناء فلسطيني
ولكن يتناسى المصريون أن مصر يقودها رجل
من أدهى رجالها وأذكاهم فالرجل الذي تحدى العالم وتحدى خطة أوباما – كلينتون بإسقاط مصر
في مستنقع الحرب الأهلية وتحويلها إلى سورية أخرى وقاد بلاده إلى بر الأمان، هذا الرجل
حينما علم بصفقة القرن ماذا فعل. أقول لك ماذا فعل.
أولا- تسليح الجيش المصري بأحدث أنواع التسليح الموجودة لدى الدول العظمى
حتى وصل الجيش المصري إلى المركز العاشر ضمن أقوى جيوش العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر
حاملتان للطائرات الميسترال من فرنسا
وأعطي لأحداها اسم عبد الناصر والثانية السادات ثم شراء 24 طائرة “رافال”
من إنتاج شركة “داسو” الفرنسية للطيران، وفرقاطة متعددة المهام تصنعها مجموعة الصناعات البحرية “دي سي إن إس” ثم فرقاطة من طراز “جويند”
بميناء وتتميز بقدرتها القتالية على تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر، من بينها البحث عن
وتدمير الغواصات، واستخدام الصواريخ والمدفعية في المهام القتالية، وتنفيذ مهمة تأمين خطوط المواصلات البحرية
كما يصل مداها إلى أكثر من 9000 كيلو متر في الساعة، ويبلغ طولها 103 أمتار، ووزنها 2500 طن.
ثم مقاتلات “إف-16” الأمريكية حيث تتميز بدخولها المجال القتالي بشكل سريع والتعامل مع الردارات في أصعب الظروف
ثم شراء 50 مقاتلة من طائرات ميج 35، والتي تنتجها شركة ميكويان الروسية، وتحمل على ظهرها الصواريخ الموجهة “جو – جو” و”جو – سطح”.
ثم تسلمت مصر غواصتين من ألمانيا وهما من أحدث الغواصات الموجودة في العالم
والتي أنتجتها برلين، ولديها القدرة على إطلاق صواريخ بحر بحر وطوربيدات، وملاحقة أي أهداف معادية؛ في المياه العميقة.
ثانيا: قام ببناء خمسة أنفاق أسفل قناة السويس في عمل جبار في وقت قياسي لربط كل مصر بسيناء فسيستطيع المصريون بالذهاب إلى سيناء في وقت قياسي وسيساعد على تعميرها وتطويرها.
ثالثاً: ضرب الحائط باتفاقية كامب ديفيد والخاصة بوضع القوات المصرية في سيناء ونشر قواتنا المسلحة في كل سيناء وخاصة في منطقة شمال سيناء.
رابعاً: قام برصد حوالي ٣٠٠ مليار جنية لتطوير منطقة سيناء كما قام بتشكيل لجنة اقتصادية لبناء وتعمير سيناء وأمهل القوات المسلحة أربعة سنوات لمساعدة الشعب في تعمير سيناء والبدء في توطين المصريين فقد قام بإنشاء مدن جديدة.
هذا جزء مما يقوم به الرجل لحماية سيناء وحماية شواطئ مصر في الوقت الذي يهاجمه فيه البعض دون وعي أو بصيرة لما يحاق لمصر من حولها.
إن ما يفعله السيسي إن صح التعبير هو صفعة القرن وهي استكمالا لصفعة ٣٠ يونيو وتحيا مصر