💥الطب مهنه عظيمه لها قدرها منذ القدم و لها مكانتها التي عرفها كل ذي عقل و كل صاحب ضمير ، فهي مهنة الحكيم الشديد و صاحب القلب الصنديد و العقل السديد حتي قال عنها يوماً الإمام الشافعي: “لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب”.
🔻فمنهة الطب مهنه مقدسه لها قدسيتها و احترامها و لعل مكانتها في بلاد الغرب أعلي كثيراً من بلداننا لأنهم عرفوا قيمة الإنسان و صحته فالعقل السليم المبدع دائماً وأبداً في الجسيم السليم القويم .
🔻واهم من يعتقد أنها مهنه بسيطه أو سهله بل هي من أصعب المهن فتخيل أخي القارئ و أنك تعمل في رائحة الدماء ليل نهار و رائحة الموت تحيط بك من كل جانب والمرضي من حولك ينظرون إليك و عيونهم تستنجد بك فآهاتهم تناديك و قلوبهم تتهافت عليك و قد وهبك الله علماً لتساعد به من يطلب منك يد المساعده لتخفف عنهم آلامهم و ترحم آنينهم و تهدئ من روعهم .
🔻فالطبيب كغيره من البشر أضاع عمره شاباً و أفناه في خدمة الناس شيباً ، فهي علي قدر معاناتها و لكنها تظل الأجمل ، واهم من أعتقد أن المال هو سعادة الطبيب الوحيده فسعادته بشفاء أحدهم علي يديه أكبر كثيراً من مال الدنيا فكلمة شكرٍ من مريضٍ بالدنيا و ما فيها .
🔻و كوني طبيب تخدير و عنايه مركزه لا أري المرضي إلا في أكثر أوقاتهم احتياجاً لمساعده بل و في اللحظات التي قد تكون هي الأصعب و الأقسي عليهم ، لا أدعي أبداً أن المال ليس من اهتماماتنا كأطباء بالطبع بالمال نحيا و نأكل و نشرب و نعيش لكن أن أري مريضاً أنقذ الله حياته بفضلٍ منه و قد قدر له أن يظل علي قيد الحياة بمساعدة قدمتها له فهذا شعور لا يمكن وصفه أبداً و لا يقدر بمال الدنيا كلها.
🔻في الأيام بل في السنوات الأخيره انتشر النصب و الدجل بصوره مبالغ فيها و قد أصاب الوهن و الضعف المسئولين عن حماية مهنتنا لغياب قوانين رادعه تاره و لغياب كفاءة المسئولين تارةً أخري ، فوجدنا من يعالج بالسحر وأخر يعالج بأعشابٍ ما أنزل الله بها من سلطان و هذا يظن نفسه علي قدرٍ من العلم ليبهرنا باختراعاته و أجهزته العلاجيه التي ستنقلنا إلي مصاف العالم الأول وذلك الذي حضر بعض المحاضرات العلميه فظن أنه أصبح علامة زمانه و عبقرية عصره.
🔻و لكن الأسوء في كل الأمثله التي سبق ذكرها أنهم تجرأوا علي أرواح البشر و صحتهم فعكفوا علي علاج الناس في عيادات خاصه و بأسعار كشف مبالغ فيها رغم أن منهم من هو ليس بطبيب من الأساس و منهم من لا يحمل أكثر من شهادة تخرجه من جامعه مصريه.
🔻و رغم أن النصب في حد ذاته لا يقلقني فكل المهن بها الفالح و فيها الطالح و بها العبقري و فيها الدعائي و لعلي أتذكر بعض عظماء الطب الذين تعاملت معهم كطبيب تخدير أو عنايه مركزه و كم كانوا السند وقت الضيق لأطباء أخرين حال طلبوا منهم المساعده و كانوا كالمرجِع لزملاء تخصصهم و كانت تصيبني الدهشه و أنا أري عياداتهم يذهب إليها عدد محدود من المرضي في حين أن من يطلب مساعدتهم تعج عياداته بالمرضي و تضييق علي روادها و كان تفسيري البسيط أنه إما توفيقٍ من الله أو بسبب إختلاف طريقة التعامل مع المرضي من تعالٍ أو تواضع أو إبتسامةٍ لها وقع السحر في نفس مريضٍ في ظروفٍ قاسيه و الإستماع جيداً للمريض و إشعاره بالإهتمام والسبب الأخير و هو الدجل والإستعراض (بالبلدي الأونطه) ، ولكن حقاً المثير للقلق هو حال الجمهور و المرضي من يسهُل الضحك علي عقولهم و الإستخفاف بهم.
🔻فالقاعده أنه من يحكم علي مهنةٍ و علي من يمتهنها هم أكثر الناس علماً بها و هم أصحابها ولكن أصبح الجمع يفتون في الطب و في علم الأطباء وقدراتهم عن جهلٍ شديد ، فالطب لا يمكن امتهانه بسهوله دون علمٍ طالما الهدف منه نفع الأخرين و هنا يحضرني قول الإمام النووي يعد محاولته دراسة الطب : “وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت القانون (لابن سينا) وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيت أيَّامًا لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري: من أين دخل عليَّ الداخل، فألهمني الله أن اشتغالي بالطب سببه، فبعت في الحال الكتاب المذكور، وأخرجت من بيتي كل ما يتعلق بعلم الطب فاستنار قلبي ورجع إلى حالي، وعدت لما كنت عليه أولاً”.
🔻لهذا لابد للمريض أن يختار الطبيب صاحب السمعة الطيبه بين زملاء مهنته المعروف بالخير و صاحب الضمير الحي والذي لا يكون هدفه و فقط الماده فالطب رساله إنسانيه في المقام الأول و هذا لا يجعلها كما يعتقد البعض أنها مجانيه فلكل عملٍ مقابل و لكن دون مغالاه و دون تكبر فحياة المريض لا تساويها كنوز الدنيا و مالها و كما قال رب العزةِ “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” ، ولكن الغريب في الأمر هو الإتهام الدائم و الذي صدّره الإعلام الفاشل الموجه ضد الأطباء و أن أطباء مصر مهملين و متجبرين و الأغرب هو القناعه التي سيطرت علي عقول بعض الناس بسبب هذه الإتهامات الخياليه و المريضه و التي صدرت من عقولٍ أكثر مرضاً.
🔻أطباء مصر بخير و لنكن علي قدرٍ واعٍ من الإيمان بالله ، فالطبيب ماهو إلا أداه سخرها الله لخدمة المرضي فالشفاء من عند الله علي يدي هذا الطبيب ، فالطبيب بشر يخطئ و يصيب وهو لا يعطي شهادة ضمان لمريض قبل إجراء عمليه جراحيه أو قبل إعطاء المرضي أي علاج قد يكون له آثار جانبيه ، ولكن النتيجه من عندالله طالما أنه لا يوجد تعمد في إيذاء مريض أو إهمال في علاجه ، ولكن هناك الكثير من مرافقي المرضي يعتقدون بسحر الطبيب فيدخل مريض إلي غرفة العمليات في حاله خطيره لابد و أن يخرج منها و كأن شيئاً لم يكن!!.
🔻و لكن ضعف الإيمان بالله جعل هناك من يعترض علي وفاة ذويه بل و يصبح كالوحش الكاسر يدمر ما حوله من أجهزه تخدم الاف المرضي كما حدث في معهد القلب القومي ، لذلك لابد من قوانين رادعه لكل من تسول له نفسه الإعتداء علي الممتلكات العامه و حتي الخاصه ، ففي كل الدنيا الطبيب مُقدر مالياً وأدبياً ولا يسجن طبيب أبداً إلا إذا تعمد إيذاء مريض أو أهمل في علاجه ، فلا يصح أن نغّل يد الطبيب خوفاً من عقاب ناتج عن آثار جانبيه لدواءٍ ما أو خطأ غير مقصود أو مضاعفات عمليه أُجريت لمريض رغم ذكرها في كتب الطب.
🔻و في الأخير لابد من حملات توعيه للمرضي و ذويهم ولابد من عقاب صارم لكل من تسول له نفسه النصب علي المرضي حتي لا يقع المرضي في براثن الدجالين ولا بد من اصدار قوانين شديده لحماية الأطباء و المنشأت الصحيه .
💥حفظ الله مصر و المصريين و شفاهم من كل داء.